إيران.. ميادين حضارة
سلوى عباس
هناك، على السفوح الخضراء ترتسم إيران في قلوب شعبها عزيمة ورغبة.. بلد له فرادته، يضم ملامح أبنائه إليه كما أغنية ترسم بحروفها فرحهم وانطلاقهم.. بلد يشعل الوجدان بالأريج الطيب والوداعة الفريدة بلحن موسيقي يضوع في الروح بشذى نشوة مفتقدة.
عشنا لحظاتنا على وقع نبضنا، فكنا نسبقه ونسبق الزمن الأرضي إلى زمن من خير ومحبة وجمال، نتأبط معنا شمس الصباح وضجيج دمنا، كنا كباقة من صبا الورد وتألق الوعود، حيث ترافقنا مجموعة من الإعلاميات السوريات في رحلة اطلاعية إلى إيران وفي إطار هذه الزيارة كان لنا لقاءات مع الكثير من الشخصيات الإعلامية والثقافية وكان الأصدقاء الإيرانيون قد وضعوا لنا برنامجاً غنياً بدأ بزيارة وكالة الأنباء الإيرانية “ايرنا” ولقاء آخر مع معاون وزير الثقافة، وكانت لنا زيارة إلى الأماكن السياحية ومتحف الدفاع المقدس الذي ضم مجسمات وصور للأبطال والشهداء الذين قضوا في الحرب العراقية الإيرانية، في استذكار لبطولاتهم وتضحياتهم من أجل عزة بلدهم، وشملت جولتنا زيارة البيت الذي ولد فيه الإمام الخميني والذي يثير الإعجاب رغم بساطته إذ يحتوي على بعض قطع الأثاث القديمة التي تحمل قيمة كبيرة. واطلعنا في زيارتنا لصحيفتي كيهان والوفاق على تفاصيل عملهم اليومي وكم كان ملفتاً الهدوء الذي يتحلى به المحررون واحترامهم لأنفسهم وعملهم، وكانت لنا زيارة لقناتي العالم والكوثر الفضائيتين، وزيارة أخرى لقصور الشاه وبرج ميلاد السياحيين.
ورغم الحفاوة التكريم الذي لقيناه من أشقائنا الإيرانيين، إلا أن زيارتنا للسفير السوري هناك د. عدنان محمود في بيته كان لها طابع مختلف بددت شعورنا بالغربة حيث قضينا مع أسرته بعض الوقت كانت لحظات لاتنسى، كما كانت لنا زيارة إلى مجلس الشورى الإيراني حيث التقينا معاون رئيس البرلمان للشؤون الدولية أمير عبد اللهيان.. وكان لمدينة أصفهان حضور مختلف حيث زرنا كنيسة “فانك” للأرمن والتي تحولت إلى متحف يوثق بالصور لتاريخ الأرمن والمجازر التي تعرضوا لها، وبعدها كانت لنا محطة في حديقة أوكواريوم وهو مكان لتربية الحيوانات أو النباتات المائية يتكون من جانب شفاف واحد أو أكثر ويكون ممتلئا بالماء. يستخدم الأكواريوم لوضع الأسماك، واللافقاريات المائية، والبرمائيات، والسلاحف، والنباتات المائية، ويحتوي على مختلف أنواع الأحياء المائية النادرة.
إيران.. هذه الدولة الحضارية التي تحمل في جعبتها حكايات فيها من الحب والشغف الكثير، هذه الدولة المحمية بإيمان شعبها وبقيادتها.. قصص تحضر في وجوه أبنائها وتعجز الكلمات عن وصف ما تجلى على ملامحهم من طيبة واحترام، أيام كانت تساوي عمراً اكتسبنا فيها من المعرفة والاطلاع على تجارب متعددة متنوعة في مجالات عدة لم تقتصر على الإعلام، بل في المجال الثقافي والاقتصادي والفكري، فكل الذين التقيناهم في أماكن عملهم كانوا على مستوى من الالتزام، إيران تلك الدولة التي بنت تجربة متفردة أثبتت للعالم كله أن الصمود في وجه الاستعمار لا يمنع جماليات الحياة ومتابعة خطط التنمية والتأكيد على أن الإرادة تصنع الحياة.