تحسّن طفيف في الأسواق اللبنانية.. ودعم أممي في أولى جلساتها.. دياب: الحكومة لكل اللبنانيين
عقدت الحكومة اللبنانية الجديدة أولى جلساتها، أمس، في القصر الجمهوري في بعبدا، برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وحضور رئيس الحكومة حسان دياب وكافة الوزراء، بعدما تلقّت رسالة دعم من الأمم المتحدة.
ودعا عون الحكومة الجديدة إلى تكثيف الجهود وكسب ثقة الشعب من خلال معالجة الأوضاع الاقتصادية المتردية في البلاد، وقال: “مهمتكم دقيقة، وعليكم اكتساب ثقة اللبنانيين، والعمل على تحقيق الأهداف التي يتطلّعون إليها، سواء بالنسبة إلى المطالب الحياتية التي تحتاج إلى تحقيق، أو الأوضاع الاقتصادية التي تردّت نتيجة تراكمها على مدى سنوات طويلة”، وشدّد على “ضرورة استعادة ثقة المجتمع الدولي بالمؤسسات اللبنانية، والعمل على طمأنة اللبنانيين إلى مستقبلهم”، وأضاف: “سبق أن أعددنا خطة اقتصادية وإصلاحات مالية سيقع على عاتق الحكومة تطبيقها أو تعديلها عند الضرورة”.
أمّا دياب، فأوضح أن اللبنانيين “يواجهون أصعب وأخطر مرحلة في تاريخ لبنان”، معتبراً أن “الحكومة هي حكومة إنقاذ وطني، وليست حكومة فئة أو طرف أو فريق، بل حكومة كل لبنان واللبنانيين”، وأعلن أن قانون الانتخابات سيعرض بعد درسه على مجلسي الوزراء والنواب تمهيداً لإجراء الانتخابات النيابية، لافتاً إلى أن “أوّل جولة له ستكون في دول عربية”.
كما شكّل مجلس الوزراء لجنة إعداد البيان الوزاري، برئاسة دياب، وعضوية عدد من الوزراء، على أن تعقد اللجنة أول اجتماع لها يوم الجمعة المقبل.
وبُعيد الاجتماع، أكد رئيس الحكومة أنه التقى بعيداً من الإعلام عدداً من السفراء الأجانب، حيث أبدوا جميعاً استعداداً للتعاون، وأضاف: إن إقالة حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، غير واردة حالياً، وأشار إلى أن الحكومة مجتمعة تمثّل بمنهجها الحراك الشعبي، الذي انطلق في 17 تشرين الأول الماضي، لافتاً إلى هناك ما بين 4 و6 وزراء في الحكومة الجديدة، يمثّلون المحتجين، وأكد أن النهج الاقتصادي والمالي للحكومة الجديدة سيكون مختلفاً كلياً عن الحكومات السابقة، وأردف: إن “لبنان أمام كارثة اقتصادية ومالية، ونسعى لتخفيفها على الشعب اللبناني”.
في سياق متصل، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من القدس المحتلة، أن بلاده “ستفعل كل شيء لمساعدة اللبنانيين على الخروج من الأزمة العميقة التي يمرون بها”، فيما رحّب الأمين العام للأمم المتحدة، انطونيو غوتيريش، بالإعلان عن تشكيل الحكومة، مؤكداً “دعم الأمم المتحدة لتعزيز سيادة لبنان واستقراره واستقلاله السياسي”.
وكان الرئيسان عون ودياب قد وقّعا الثلاثاء على مرسوم تشكيل الحكومة في قصر الرئاسة، حيث تألفت من 20 وزيراً، بينهم 6 سيدات، وتضمّنت زينة عكر وزيرة للدفاع، وناصيف حتي للخارجية، وغازي وزنة للمالية، ومحمد فهمي للداخلية.
بالتوازي، حذّر وزير المالية اللبناني الجديد، غازي وزني، من أن استمرار الأزمة المالية والاقتصادية الحالية في البلاد قد يصل بها إلى الإفلاس، وقال: إنه يجب على الحكومة إعداد خطة إنقاذ شاملة، وأضاف: “الأزمة التي يمر بها لبنان لم يشهدها منذ ولادته، ونحن نعيش في انكماش اقتصادي، ويجب استعادة الثقة”. وأوضح وزني، في تصريحات هي الأولى له بعد تسلّمه منصبه، “أن لبنان سيواجه مشكلة كبيرة، إذا لم تحصل الحكومة على دعم من الخارج”.
واعتبر الوزير الجديد، الذي لم يسبق أن شارك في الحكم، أن لبنان يعيش فترة انكماش اقتصادي، ويحتاج إلى الدعم من الخارج ليخرج من أزمة تهدد بإفلاسه، قائلاً: “إذا لم نحصل على دعم خارجي، فهذه مشكلة كبيرة”.
وتراهن الحكومة اللبنانية الجديدة على نتائج مؤتمر “سيدر”، الذي عقد في باريس العام الماضي، لكنها تخشى من الشروط التي قد تفرضها دول “سيدر” مقابل القروض والديون تحت مسمّى “الدول المانحة” في المؤتمر على لبنان.
من جانبه دعا رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الحكومة الجديدة إلى العمل على إيجاد حلول اقتصادية ومالية وتحقيق الاستقرار الحياتي والمؤسساتي عبر برنامج من الإصلاحات والإنجازات، وقال خلال اجتماع نيابي: “إن الحكومة بما تمتلك من كفاءات قادرة على صياغة برامج يمكن أن تشكل حجر الزاوية للخروج من الأزمة الراهنة شرط الإثبات أنها حكومة كل اللبنانيين”، مشيراً إلى أن المسؤولية الوطنية تقتضي التعاطي بثقة وإيجابية مع الحكومة والترفع عن السلبيات.
وأكد بري أن “مجلس النواب ستكون عيونه مفتوحة للرقابة والمحاسبة في حال التقصير من قبل الحكومة”، لافتاً إلى أن اولوية عمل المجلس هي باتجاه إقرار كل القوانين الإصلاحية التي كانت على جدول أعمال الجلسة العامة وفي مقدمتها قوانين مكافحة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة وقانون الانتخابات النيابية.
وأعقب الإعلان عن تشكيل الحكومة تحسّن طفيف في الأسواق اللبنانية، وعدد من التظاهرات وقطع طرقات، في ظل الدعوات إلى مزيد من التظاهرات في بيروت، لكن “الوكالة الوطنية للإعلام”، قالت: إن عمال التنظيفات وعناصر الدفاع المدني بدؤوا منذ صباح أمس أعمال تنظيف الطرق من الإطارات المشتعلة، وإزالة العوائق ومستوعبات النفايات من وسط الطرق والمسارب في منطقة الكولا وجسر خلدة، غرب بيروت، وسط انتشار للجيش، فيما عادت الحركة إلى طبيعتها.
وفي وقت لاحق، تظاهر عدد من اللبنانيين في محيط مجلس النواب وسط بيروت وحاولوا إزالة تحصينات أمام مدخل المجلس وقاموا برمي حجارة ومفرقعات نارية باتجاه قوى مكافحة الشغب.
وذكرت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام أن عدداً من المحتجين على تشكيل الحكومة الجديدة أزالوا أجزاء من الأسلاك الشائكة من أمام مدخل مجلس النواب وعمدوا إلى تسلق البوابة الحديدية المؤدية إلى مدخله بينما تجمع عدد منهم في الأزقة الداخلية المحيطة بمجلس النواب وحاولوا الدخول إلى ساحة النجمة بينما قامت قوات مكافحة الشغب بإبعادهم باستخدام خراطيم المياه واطلاق قنابل مسيلة للدموع.
وشهد المكان زحمة سير خانقة وانتشاراً كثيفاً لعناصر قوى الأمن الداخلي التي عملت على ضبط الوضع.
وفي ضهر البيدر حاول محتجون على تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة قطع الطريق قرب حاجز قوى الأمن الداخلي بينما استمر قطع طريق حاصبيا عين فنيا بالحجارة وطريق حاصبيا ميمس عند وادي ميمس بالسيارات.