عناد الأطفال.. اضطرابات في السلوك وعلاقات متوترة في الأسرة
ظاهرة العناد يشكو منها كل بيت، وهي ظاهرة تعبّر عن رفض الطفل القيام بعمل ما ولو كان مفيداً له، أو الانتهاء عن عمل ما وإن كان في غير مصلحته، والعناد من اضطرابات السلوك الشائعة عند الأطفال، فجميع الأطفال يمرون في إحدى مراحل النمو لفترة وجيزة بسلوك العناد، وعلاج العناد ليس أمراً سهلاً، فهو يعتمد على معرفة الأسباب التي ذكرت سابقاً ومحاولة تلافيها، فإذا كان الحرمان أحد الأسباب المهمة للعناد، خاصة الحرمان العاطفي، فلابد من توافر أجواء العطف والعطاء، وإذا كان للبيئة أثر كبير في تولّد العناد واكتسابه، فلابد من أن نعتمد أسلوب اللين والرقة في معاملاتنا، وهكذا.
قوة نفسية
إن الأطفال يملكون قوة نفسية كبيرة جداً، ونستطيع بالتربية السليمة توجيه تلك القوة في مجراها الصحيح، والعكس كذلك بالتربية الخطأ، فمع الأسلوب الخطأ نتصادم مع تلك القوة، ونخسر نحن، ويخسر الطفل أشياء كثيرة في معارك لا نهاية لها، وتتم معالجة العناد بوسائل كثيرة، أهمها المكافأة، ومحاولة تعزيز السلوك الجيد بلعبة صغيرة، أو قطعة حلوى، ولو قبل فعل السلوك، فالمكافأة بشيء يحبه ثم إسداء الأوامر بأسلوب لطيف من أقوى أساليب معالجة العناد، وكذلك توقيع العقاب المناسب على الطفل فور عناده وعدم تأجيل العقاب، فالعقاب له مقننات لابد من معرفتها، وينبغي أن يكون في المراحل الأخيرة، وهناك عقاب الحرمان من الذهاب إلى الحديقة، والحرمان من لعبة يحبها، والحرمان من مشاهدة التلفزيون، وهكذا، ولابد من الثبات في المكافأة والعقاب حتى يستقر السلوك الحسن، فالاستسلام وعدم المتابعة يعلّمان الطفل الإصرار والعناد، والمرونة والحوار وعدم إرغام الطفل على الطاعة العمياء، فالعصا تجعله يلجأ للعناد للحصول على حريته، وعدم التتابع في التأنيب عند كل صغيرة وكبيرة، فلابد أن نغض الطرف عن بعض الأمور ونبدي التسامح معه.
الأسلوب الهادىء
يمكن القول: إن ثمة شرطاً مهماً في قضية التربية ألا وهو مراعاة الأسلوب الهادىء الرصين، من حيث الابتعاد عن الألفاظ والإشارات التي تعمل على إيلام الأولاد وإهانتهم وإهدار كرامتهم، ولابد من مراعاة مشاعرهم وعواطفهم، والتماس الأعذار لهم، خاصة إذا كانوا قد نشؤوا في بيئات متوترة.
إن عنف الأسلوب لا يؤدي إلا إلى المزيد من الحقد والعناد، وهذا يؤدي بالضرورة إلى جمود التربية والصراع، واستحالة الإقناع، أما الأسلوب الهادىء، أو طريقة اللاعنف فهي تؤسس المحبة، فتفتح الأبواب الموصدة، وهذا بدوره يؤدي إلى النتائج المأمولة، فلا يمكن أن يوجد طفل معاند مع تربية دافئة متوازنة.
إبراهيم أحمد