اقتصادصحيفة البعث

هل سنشهد إنتاجاً بنكهة “الصغيرة والمتوسطة”..؟

 

 

إذا ما حاولنا تشخيص اقتصادنا الوطني ومعرفة مواطن القوة والضعف فيه، ربما نجد أن الأخيرة تطغى على الأولى، ولكن في الوقت ذاته نجد أيضاً أن الأمر مرتبط بظروف ذاتية أكثر من الموضوعية..!.
بمعنى أدق إذا ما حاولنا سبر أسباب النهوض بالاقتصاد الوطني، مقابل أسباب ارتكاساته سرعان ما نجد أن الأولى تكمن بتنوع مقوماته الطبيعية من موقع استراتيجي، وثروات باطنية، وتنوّع مناخي انعكس على النشاط الزراعي على مدى الجغرافيا السورية، وانعكس كذلك على النشاط السياحي، وتُوّج بالنهاية بالكادر البشري غير المفتقر للمهارات الشخصية والمهنية والعلمية.. بينما نلاحظ أن أسباب الثانية تتعلق بالفساد بالدرجة الأولى، يضاف إليها ضعف بعض المفاصل الحكومية لجهة المعالجة وتقديم الحلول والمبادرات لكثير من القضايا، إلى جانب العقوبات الاقتصادية ذات الصلة بشكل أو بآخر بالظرف الموضوعي والتي لا يمكن إنكارها..!.
فمسألة النهوض بالاقتصاد يمكن أن تنطلق بالفعل من العامل الذاتي، مع عدم استبعاد تأثير العقوبات وتداعياتها في هذا السياق، لتجعل من مسألة النهوض نسبية إلى حد ما، ولكن بالنهاية تحقيق شيء نسبي أفضل من عدمه..!.
ويبقى العنوان الأبرز للنهوض بالاقتصاد هو “الإنتاج” وما يقتضيه من تضافر كل الجهود، ولعل إسقاطه على القطاع الزراعي يؤتي ثماره بشكل متسارع أكبر من نظيره الصناعي في المرحلة الأولى، ليشكل في المرحلة الثانية حالة من المواءمة مع “الصناعي” بغية توسيع وتطوير رقعة الصناعات الغذائية، لتتجاوز في مرحلة لاحقة الاحتياج المحلي وتدخل في خانة التصدير المدرّ للقطع الأجنبي.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تشكل أس هذا التوجه بامتياز، وعلى اعتبار أن مؤسسة ضمان مخاطر القروض باتت على وشك الانطلاق الفعلي بداية هذا العام، فيفترض أن ينتعش واقع هذه المشروعات، وعلى الجهات المعنية بهذا الشأن “هيئة تنمية المشروعات وهيئة الصادرات” إضافة إلى المؤسسة، التكامل والتنسيق بينها لإطلاق عجلة الإنتاج بنكهة جديدة..
فمتطلبات المرحلة الحالية أيها السادة تقتضي ركل المشاريع الريعية، أو تأجيلها على أقل تقدير، والاشتغال على نظيراتها الإنتاجية وإعطاءها الأولوية، لأنها تشكل النواة الحقيقية للبنية الإنتاجية من جهة، وتعتبر الأقدر على امتصاص أية اهتزازات والتخفيف من وطأتها من جهة ثانية.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com