تحقيقاتصحيفة البعث

ضمن الأولويات مشروعات تأهيل وخطط حماية للثروة الحراجية.. والوقائع تكشف اتساع حجم المخاطر والتحديات

 

إذا كانت الوقائع والمؤشرات المستخلصة من الموسم الحراجي المنصرم فيها من الشواهد والأمثلة الكافية على استكشاف المخاطر والأضرار التي لاتزال تتهدد غاباتنا، وتجعلها عرضة للتدهور جراء عوامل عديدة، منها بشري، وآخر طبيعي، رغم الأهمية البالغة للغطاء الحراجي، فإن الخطط الجاري تنفيذها للحفاظ على هذا الغطاء بشقيها الوقائي والإنتاجي ينبغي أن تلقى دعماً مضاعفاً ومتزايداً بما يوازي حجم التحديات والمخاطر التي باتت تخيّم على غاباتنا، سواء أكان ذلك تعدياً أم حرقاً أم كسراً، وهذا ما تؤكده إحصائيات وأرقام الموسم الماضي التي نوردها في سياق عرضنا لواقع القطاع الحراجي في محافظة اللاذقية التي تنتشر فيها الغابات على مساحات واسعة من أراضيها، وتعد من أجمل غابات العالم، إلا أنه من المؤسف أن تستنزف هذه القيمة الجمالية والسياحية والطبيعية طاقات وقدرات حراجية وزراعية ومحلية هائلة سنوياً لأجل مواجهة المخاطر التي تداهمها.

مصادر طبيعية متجددة
في مديرية زراعة اللاذقية أكد المهندس باسم دوبا، رئيس قسم الحراج والغابات في مديرية الزراعة، أن للغابات أهمية متعددة الجوانب البيئية، والاقتصادية، والسياحية، والجمالية، والإنتاجية، كما أن الغابات تعتبر أحد أهم المصادر الطبيعية المتجددة التي تلعب دوراً هاماً في رفع مستوى التنوع الحيوي، بالإضافة إلى تأثيرها الإيجابي على المناخ، ومنع تدهور التربة وانجرافها، وكذلك فإن الغابات تمتلك أهمية بالغة من النواحي الاقتصادية، والسياحية، والثقافية، والاجتماعية، وبيّن دوبا أن الحراج والغابات في محافظة اللاذقية تشغل مساحة 85 ألف هكتار، بنسبة حوالي 37% من مساحة المحافظة، ممتدة بشكل أساسي في المناطق الجبلية ذات الانحدارات الكبيرة، والتضاريس شديدة الصعوبة، وتعرف المواقع الحراجية في المحافظة بكونها غابات عريضات الأوراق (سنديانيات)، أو غابات مخروطية (صنوبريات)، أو غابات مختلطة بين النوعين، إضافة إلى بعض المساحات من أشجار الشوح والأرز.

حماية الغابات
وينفذ جهاز حماية الحراج والغابات والكادر العامل في القطاع الحراجي برنامج عمل يهدف إلى إدارة الغابات بشكل مستدام، والحد من تدهورها، وحمايتها من التعديات وانتشار الحرائق، وتنظيم عمليات استثمار الغابات، وإعادة تأهيل المتدهور منها، بالإضافة إلى مجموعة أعمال من شأنها حماية المساحات الحراجية الخضراء الحالية، وزيادة الغطاء النباتي، ويتم هذا العمل من خلال مجموعة من المفاصل الأساسية التابعة لدائرة الحراج والغابات بطريقة منظمة أشبه ما تكون بخلية نحل، ومن خلال مجموعة الشعب المركزية ضمن الدائرة نفسها، وشعب الحراج الموزعة في المناطق.

396 ضبطاً حراجياً
خلال عام 2019 تم تنفيذ مجموعة خطط وأعمال توزعت على محاور عدة، منها الحماية الحراجية، وذلك بمتابعة الضابطة الحراجية الموزعة ضمن 26 مخفراً حراجياً على مستوى المحافظة، البالغ عدد كادرها من 140 عنصراً، حيث تم تنظيم 396 ضبطاً حراجياً جراء كشف مجموعة من المخالفات شملت: 147 ضبط قطع وتشويه، و46 ضبط كسر وعشف، و145 ضبط حرق، و15 ضبط تفحيم، و6 ضبوط قلع، و36 ضبط مصادرات، وضبط رعي واحداً، بالإضافة إلى استصدار 34 قرار نزع يد بمساحة /90450/ متراً مربعاً من المساحات الحراجية المعتدى عليها، وتنفيذ القرارات على أرض الواقع بهدف الحفاظ على حقوق الدولة، والمساحات الحراجية.

إعادة تأهيل المواقع المتدهورة
وفي مجال التحريج والمشاتل أوضح المهندس دوبا أنه بهدف زيادة المساحات الحراجية، وإعادة تأهيل المواقع المتدهورة والمحروقة، فقد تم في الخطة السنوية إنتاج الغراس الحراجية في المشاتل الحراجية العائدة لدائرة الحراج: /الهنادي– بسمالخ– البلاط– البارد– الجوبة/، بالإضافة إلى تأمين احتياجات المواطنين الراغبين بشراء بعض الغراس الحراجية، وقد قامت دائرة الحراج باستكمال خطة التحريج للموسم الماضي في مجال التحريج الاصطناعي على مساحة 857,6 هكتاراً، فيما كانت الخطة المقررة 786 هكتاراً، وتم تنفيذ خطة إنتاج الغراس وقدرها واحد مليون غرسة حراجية وفق الخطة الحراجية الإنتاجية المقررة /1/ مليون غرسة، وتم في الربع الأخير من العام الماضي البدء بتنفيذ خطة التحريج لموسم 2019 – 2020 من خلال تحريج 255 هكتاراً من أصل 800 هكتار مقررة، وإنتاج 742 ألف غرسة من أصل /1/ مليون غرسة مقررة، كما تم استصلاح مساحة 360 هكتاراً من المساحات الحراجية المحروقة سابقاً بهدف تجهيزها للزراعة في الأعوام القادمة.

تخفيف الأخطار
وبهدف تحسين واقع الغابات، والوصول بها إلى الحالة الأوجية، وتخفيف خطر نشوب الحرائق، يتم من خلال فرق التربية والتنمية العمل على تقليم وتفريد بعض المواقع الحراجية ذات الكثافة العالية، وبيع المنتجات الحراجية الناتجة عن هذه الأعمال، وإيداعها في خزينة الدولة، كما تقوم فرق التربية والتنمية بإزالة الأحطاب من المواقع المحروقة لتأهيلها للتحريج، حيث تم في العام الماضي تنفيذ عمليات تربية وتنمية لمساحة 1593,25 هكتاراً من الغابات، نتج عنها 810,5 أطنان خشب صناعي، و163,5 طن حطب وقيد، وبلغت قيمة الأحطاب المباعة /30854734/ ل.س.

الحرائق.. التهديد الأكبر
أما في مجال مكافحة الحرائق فيقول المهندس دوبا: تعتبر الحرائق التهديد الأكبر للغابات على مستوى العالم، فقد تلتهم مساحات كبيرة جداً خلال وقت قصير في حال توفر الظروف الجوية المناسبة لانتشار الحرائق من رطوبة جوية متدنية، ودرجات حرارة مرتفعة، ورياح شرقية جافة شديدة السرعة، لذلك يتم التركيز على الإجراءات الوقائية لمنع حدوث الحرائق، وقد تم ذلك خلال عام 2019 من خلال ترميم مسافة 1900 كم من الطرق الحراجية بهدف جعلها سالكة أمام الآليات في حال حدوث أي حريق، وشق مسافة 33,9 كم من الطرق الحراجية الجديدة ذات الحساسية الكبيرة، وتشكيل 15 فرقة تدخل سريع في القرى الحراجية الجبلية البعيدة عن مراكز الحماية بهدف السرعة بالوصول إلى مواقع الحرائق، وإيقافها في حدودها الدنيا، وتجهيز جميع فرق الحرائق، ومراكز الحماية بكافة مستلزماتها من العدد، والآليات، والتجهيزات، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من الإجراءات التوعوية والتنظيمية كإعادة توزيع الإمكانيات المتوفرة حسب حساسية المواقع الحراجية للحرائق.

حادثة مؤلمة
ويبيّن المهندس دوبا أنه بالرغم من كل التجهيزات الوقائية، إلا أن عام 2019 شهد حادثة مؤلمة جداً نتيجة استشهاد اثنين من كوادر دائرة الحراج أثناء المشاركة في إخماد الحريق الحراجي الحاصل في قرية فرزلا بتاريخ 13/10/2019 هما: رئيس وحدة الحرائق المهندس بسام جناد، وعامل التربية والتنمية جلال صقر، وبلغ العدد الإجمالي للحرائق التي تم إخمادها خلال العام الماضي 118 حريقاً حراجياً، بمساحة 407 هكتارات، كما تم إخماد 760 حريقاً زراعياً.

تأهيل الكادر الحراجي
ولفت المهندس دوبا إلى الاهتمام بالدراسات والدورات الحراجية من خلال تنفيذ 10 دورات تدريبية بهدف رفع سوية الكادر العامل في الدائرة من فنيين وعمال، كما تم إعداد خريطة لتوزع المقرات من مخافر، ومشاتل باستخدام تقنية GIS – GPS، أما في مجال التوعية والإرشاد فقد أقيمت مجموعة من اللقاءات، والندوات الإرشادية، والاجتماعات، وورشات العمل الهادفة إلى نشر الوعي بأهمية الغابات، وضرورة المحافظة عليها وحمايتها من التعديات والحرائق، وسبل إعادة تأهيلها من خلال المشاركة بحملات التحريج الطوعية.
أما فيما يتعلق بمحمية الفرنلق فبيّن المهندس دوبا أن الكادر الحراجي العامل في محمية الفرنلق قام بزراعة 15 نوعاً من النباتات الطبية والعطرية بالقرب من وحدات التصنيع في بللوران لغايات تعليمية وإنتاجية أهمها: (الزعفران– الوردة الشامية– الزعتر، وغيرها من الأنواع)، كما تم توزيع شتول الزعتر البري والجبلي لحوالي 12 أسرة، وتم افتتاح مركز لتسويق منتجات المحمية بالقرب من وحدات التصنيع في بلوران مع زيادة عدد ساعات العمل، وإدخال وجبات إضافية إلى برنامج المطعم البيئي نظراً للإقبال الكثيف.

تحريج 800 هكتار وإنتاج مليون غرسة
وعن خطة عام 2020 فقد أوضح دوبا أن الخطة المقررة للعام الجاري تشمل تحريج 800 هكتار، وإنتاج /1/ مليون غرسة، وتربية وتنمية 1500 هكتار، وشق طرق حراجية بطول 37 كم، وترميم طرق حراجية بطول 2000 كم، واستصلاح مساحة 554 هكتاراً، وإقامة 7 دورات تدريبية لرفع كفاءة الكوادر العاملة في القطاع الحراجي من فنيين، وعمال، ورفدهم بالخبرات والمهارات الضرورية للإرتقاء بتنفيذ الخطط والبرامج، بما يدعم منظومة حماية الثروة الحراجية وتنميتها.
مروان حويجة