ياسر دريباتي: المسرح ليس فرصة عمل
أكدّ الناقد المسرحي ياسر دريباتي أن المفهوم السائد للمسرح بأنه يحاكي الحياة أو هو مرآة للحياة مفهوم مغلوط، فمهمة المسرح أن يقود التغيير الاجتماعي وهو محرّك ثقافي وفنّي واجتماعي وسياسي، وعلى المشتغلين في المسرح وخاصة في الإخراج أن يكون لديهم مشروعهم الشخصي الفني والثقافي وليس أن يكون المسرح فرصة عمل. وأعتقد أن الحركة المسرحية المحلية في اللاذقية ليست على ما يرام، وبعد تسع سنوات من الحرب كان متاحا للمشتغلين في المسرح أن ينجزوا مسرحا نظيفا، ورغم إنجاز العديد من العروض إلاّ أن معظمها لم يشأ الدخول في الواقع السوري الراهن، ولم يشأ مقاربة الخراب الذي حدث وبقيت العروض على السطح، ويكمن الخلل في أكثر من مكان فلا يكفي أن يكون لدينا مؤسسة تعنى بالمسرح إنما لابد من توفر عناصر أساسية للنجاح واستمرارية هذه المؤسسة وأهمها وجود مختصين بالمسرح بكافة اختصاصاته. وأضاف دريباتي: أعتقد أن هؤلاء المختصون قلّة وهذه مشكلة إضافة إلى ضرورة وجود برنامج عمل لهذه المؤسسة، وهذا مرتبط بعدم وجود مختصين قادرين على تشكيل بنيان مهم للمؤسسة المسرحية الأم، وبالرغم من أن ولادة المسرح القومي في سورية جاءت في ستينيات القرن الماضي لكن لم يكن هناك تراكم لهذه المؤسسة مع هيكلية إدارية مبدعة لأن العمل الفنّي عمل إبداعي يحتاج إلى كادر إبداعي، وكل الاختصاصات ضرورية ومطلوبة.
وأضاف دريباتي: إن ولادة هذه المؤسسة مهمة مع أنها أثرت على بقية الفرق المسرحية فقبل المسرح القومي كان هناك مسارح النقابات وكانت نشيطة وقدمت عروضا بجهود فردية من هواة موهوبين ومخلصين للمسرح سواء النقابات العمالية وغيرها فأول عرض مسرحي قدمته “الملك هو الملك” مع نقابة عمال النقل البري في العام 1998، وكان هناك المسرح الجامعي والشبيبي أي أنه كان هناك حركة مسرحية يشرف عليها مجموعة من الهواة المحبين وقد جاء المسرح القومي لاحقا ليؤثر على الحركة المسرحية الصاعدة رغم أن الجميع كان يعمل سابقا في المسرح تطوعا وبدون مقابل، وهذا لا يقتصر على اللاذقية، إنما ينسحب على مسارح المدن السورية وربما تختلف العاصمة عن مسارح المدن بأن هناك مدارس مسرحية كالمعهد العالي للفنون المسرحية وهناك أسماء مهمة في المسرح السوري وهذه الأسماء المهمة شكّلت رصيدا للتجارب المسرحية، أما في المدن فهناك غياب للمدارس المسرحية وغياب لاحترام التخصص المسرحي فأصبح المسرح شغلا لمن لا شغل له وانتشرت الورش المسرحية التي أصبحت دكاكين يقوم عليها من ليس له علاقة بالمسرح، وأؤكد هنا أن الحركة المسرحية تحتاج إلى تنظيف من العقلية البيروقراطية وأنصاف الموهوبين، ومن الضروري أن تكون هناك ضوابط، وهنا يكمن دور المؤسسة الأم المسرح القومي لأنها هي المؤهلة وأيضا هناك أمر ضروري يدخل في هذه الضوابط وهو المواكبة النقدية الضرورية فلو كانت هناك مواكبة نقدية لكان هناك تصحيح لمسار المسرح السوري، لذلك نرى أن معظم من يعمل بالمسرح ينال الثناءات أما من يكتب نقدا يكون مصيره الإهمال والتجاهل والتجريم وهذا أمر مخلّ بالتطور المسرحي. فأنا مثلا خريج قسم النقد المسرحي أول دفعة من المعهد العالي للفنون المسرحية في العام 1989 وأنجزتُ سنة في المختبر المسرحي في روسيا ومنذ نهاية التسعينيات أقيم في مدينة اللاذقية وعندما يكون لدي مشروع إخراجي يقولون لي أنت ناقد مسرحي ولا علاقة لك بالإخراج في حين نجد أن الإخراج متاح للهواة علما أنني مؤسس أول مهرجان مسرحي للمونودراما في سورية وهو أول مهرجان أهلي في سورية تقيمه مؤسسه أهلية منذ العام 2005 وعندما أذهب لكتابة النقد وهو من اختصاصي سرعان ما يتم تحويلي إلى ناقد جارح جاهل وهذه مشكلة وإشكالية لأنه يتم التركيز على شخص الناقد دون التركيز على كتابته النقدية.
اللاذقية-البعث