الدول الصغيرة تنزف
ترجمة: عناية ناصر
عن موقع غلوبال تايمز 25/1/2020
تمّ إيلاء الكثير من الاهتمام لتداعيات المرحلة الأولى من صفقة التجارة بين الولايات المتحدة والصين، ومحاولة فك شفرتها، وما هي الآثار طويلة المدى على العلاقة الاقتصادية الأكثر أهمية في العالم. حتى الآن تمّ إيلاء اهتمام أقل للتأثير الذي قد تحدثه الصفقة على أجزاء أخرى من العالم، فلا يوجد من يفسّر بشكل أوضح الصعوبات التي يواجهها اللاعبون الأصغر في العالم.
تعدّ الصين، مثلاً، أكبر شريك تجاري لأستراليا، ولا يوجد أدنى شك في أن رخاء الأستراليين يعتمد اعتماداً كبيراً على ما يحدث في الصين.
هذا شيء من الواقع الاقتصادي والسياسي، لكن التناقضات والتوترات المحتملة في العلاقات الثنائية تجسّدت بوضوح، عندما وجدت الصين نفسها في حرب تجارية كبيرة مع الشريك الأمني الرئيسي لأستراليا، الولايات المتحدة.
أصبح تحليل تداعيات الأهداف الاقتصادية والإستراتيجية المحتملة غير المتوافقة صناعة متنامية في أستراليا، كما في معظم أنحاء المنطقة.حتى قبل تصاعد النزاع التجاري الأخير بين الصين والولايات المتحدة، كانت هذه مشكلة قائمة. وليس من المحتمل أن يؤدي توقيع المرحلة الأولى من الصفقة إلى جعل الحياة أسهل أو أكيدة بالنسبة للدول الأضعف في المنطقة.
المشكلة الكبرى في الاتفاقيات التجارية الثنائية، وفقاً للاقتصاديات السائدة، هي أنها غير عادلة، إذ لا تزال الولايات المتحدة أكبر اقتصاد في العالم، وهذا يمنحها قوة تفاوضية كبيرة وثقلاً في المفاوضات التجارية حتى مع أكبر منافسيها، ولم يكن دونالد ترامب أول رئيس أمريكي يحاول استخدام هذه القوة الجيو اقتصادية لفرض الممارسات التجارية “غير العادلة” في شرق آسيا، كما حدث مع اليابان الحليف الإستراتيجي لأمريكا في الثمانينات.
وكونك شريكاً استراتيجياً وثيقاً للولايات المتحدة ليس ضماناً للمعاملة التفضيلية عندما تكون المصلحة الاقتصادية لأميركا على المحك. كان قرار إدارة ترامب بالانسحاب أحادي الجانب من الشراكة عبر المحيط الهادئ التي تمّ التفاوض عليها بشق الأنفس بمثابة ضربة كبرى لكل من أستراليا واليابان، اللتين لعبتا أدواراً بارزة في تحقيق ذلك.
ومهما كانت المزايا الثنائية للاتفاقية المقترحة بين الصين والولايات المتحدة، وبغض النظر عن مدى صعوبة إثبات إمكانية وضعها موضع التطبيق، فلن تقدّم الكثير لمساعدة أستراليا ولا لأي من الاقتصادات الأصغر الأخرى.
كما هو ملحوظ، فإن بعض أهم البنود في الصفقة الثنائية هي في القطاع الزراعي الذي لا يزال أحد أهم ركائز الاقتصاد في أستراليا، على الرغم من حرائق الغابات الحديثة. وبموجب الاتفاقية، ستقوم الصين بتقليص الحواجز أمام المنتجات القادمة من الولايات المتحدة، بما في ذلك اللحوم ومنتجات الألبان وأغذية الأطفال، والتي تعدّ أيضاً الصادرات الأسترالية الرئيسية إلى الصين.
على الرغم من أن هذه السياسة قد تؤدي إلى استرضاء مؤيدي ترامب في المجتمعات الريفية المحافظة الأمريكية، فمن المحتمل أن يكون لها تأثير سلبي على نظرائهم في أستراليا وأماكن أخرى. وهذا النوع من تحويل التجارة الصفرية هو بالضبط ما يعترض عليه الاقتصاديون الرئيسيون، ويفسّر كون الصفقات التجارية متعددة الأطراف مفضّلة دائماً لدى اللاعبين الأقل قوة.