بعبع ابتزاز
تتهم التجارة بالارتهان لإغراءات الربح والخسارة لدرجة “الشيطنة الاجتماعية ” التي يكيل بها المستهلك لمن يعتبره عدائياً في تعاطيه وسلوكياته في البيع والشراء في ظل معادلة سوقية غير متكافئة قوامها تاجر قوي ودسم، وزبون ضعيف الجيب ومغلوب على أمره، هي جدلية أزلية تبقى أسيرة الأخلاق أولاً، والقوانين والتشريعات ثانياً، هذا إذا كنا في سياق الظروف والعوامل الموضوعية للنشاط، أما في الاستثناء ثمة حديث آخر لا تحكمه عصا المنطق بل معايير الطوارئ الظرفية بامتياز.
في أدبيات السوق يطفو هذه الأيام الاعتبار “الوطني ” الذي يرسم ملامح التصنيف والتوصيف ويحدد علامات النجاح والرسوب في دروس المواجهة والمناطحة لتاجر يعرف كيف يمسك زمام المبادرة الفردية والمؤسساتية لإبقاء الاقتصاد واقفاً على رجليه أمام معارك المقاطعة والمنع والحظر والتجويع.؟
لسنا في وارد ذكر أسماء ولا مديح أفراد ارتضوا العمل بلا أضواء وإعلام ، وهم ليسوا قلة، بل نحن أمام رصيد من رجال البزنس والتجارة وسيدات الأعمال يصل تعدادهم للمئات تحدوا كل العقوبات وواجهوا التحديات والتهديدات، وراحوا يقفون في صف الوطن والوجهة دائماً تأمين غذاء ودواء، ولو بشق الأنفس وحتى لو عزت عمليات تمويل المستوردات وقلت فرص القطع الأجنبي لأن المسؤولية والرجولة تقضي أن يمد رجال المال “ليراتهم” جسوراً يعبر عليها المواطن لنيل طعامه وشرابه ودوائه .
في تفاصيل وحيثيات مجريات السوق ثمة ما يشي بأن السوق منيع في تأمين متطلباته رغم أن جزئية الأسعار تنسف كل الموجبات وفضائل الوفرة، ولكن الكل يعرف أو البعض على الأقل أن للتجارة عامة وخاصة جنودها المجهولين الذين يتشاركون مع بعض في حياكة الهيكل العام للمواد والسلع لتبقى هيبة الدولة مصانة لرجالاتها الأكفاء في الوزارات والمؤسسات لا بموظفين يرتكبون كل شيء في طريق الإساءة وسوء الائتمان واستغلال الموقع .؟
يقوم السوق على أسس منها الفوترة والتسعير والجودة وبيان التكلفة وهذا الأخير أصاب أرباب السوق بصداع في ظل تحرير الأسعار ووقف استيراد الدولة وشح بند التمويل، لاسيما مع تفشي سلوكيات مراقبي وزارة التجارة الداخلية المرتبطة بابتزاز التاجر بحجة التقيد ببيان التكلفة الذي تحكمه عوامل الشحن والنقل ومخاطر الطرق التي تحمل على تكاليف النقل وهذا مالا يتضمنه البيان نفسه ما يدفع لتوزيع الأعباء على الحامل الأضعف وهو المستهلك.
ندرك أن ثمة غياباً للمرونة والليونة وعدم تقدير الكلف الحقيقية في تطبيقات البيانات وتحولها إلى فخ سهل الصيد للمستورد، في حين يبقى تاجر الجملة والمفرق محصناً من اللعنة التي يأكلها المواطن المشتري، وبالتالي حري بوزارة التجارة وضع صيغ تفاهم لاستمرار النشاط التجاري الخارجي وإعادة النظر ببيان التكلفة.؟!
علي بلال قاسم