عزف منفرد” صيحة إنسانية بوجه الحرب
أكد العرض الجماهيري الأول للفيلم الروائي الطويل “عزف منفرد” تأليف وإخراج عبد اللطيف عبد الحميد وإنتاج المؤسسة العامة للسينما على مسرح دار الثقافة بحمص, بحضور مخرج الفيلم وبعض طاقم العمل أن الحب والفرح والإنسانية من أسباب الانتصار والتغلّب على بشاعات الحرب، ويرصد الحالات الإنسانية الاستثنائية في الحياة من حبّ وتضحية ووفاء وإخلاص وتفان، مضيئا على فترة الحرب القاسية التي عاشتها سورية خلال العام 2013 ومفعم بالمواقف الإنسانية النبيلة في أقصى درجاتها، بعد أن شوّهتها الحرب وخرّبت منظومة القيم الأخلاقية التي كان يحفل بها مجتمعنا، وتقدم أحداث الفيلم ما يمكن أن ينتج عن المصادفة من قصص إنسانية معبرة لأفراد لم تفقدهم الحرب حسهم الإنساني ولم تجبرهم الظروف على تجاهل الألم البشري عبر موقف يتعرض له بطل الفيلم عازف الكونترباص (فادي صبيح بدور طلال) يلتقي في دورة مياه مع (جرجس جبارة – العمّ إبراهيم) الذي يعاني من تضخّم البروستات, يتعاطف معه طلال فينقله إلى المشفى ليتبيّن أن وضع المريض خطير ويحتاج إلى عملية جراحية على وجه السرعة وبتكلفة مالية كبيرة. وبالرغم من الظروف المادية الصعبة لطلال يقرر إجراء العملية على نفقته ويستعين بزوجته (رنا شميّس- سوسن) التي تقدم آخر ما تملكه (عقد ذهب) لدفع نفقات العملية. وينقله بعدها إلى بيته للعناية به. فالعم إبراهيم (مقطوع من شجرة) لا أهل له بسبب الحرب التي عصفت بالبلاد وتهدّم بيته واضطراره إلى السكن في غرفة بائسة على سطح بناية، ثم تنقلنا أحداث الفيلم إلى مأساة أخرى (اختطاف العمّ إبراهيم من قبل مسلّحين ومطالبتهم بفدية مالية كبيرة لا إمكانية لطلال على تأمينها. فتتنطّح (أمل عرفة– عازفة الكمان وسائقة التاكسي بالأجرة) حبيبة طلال السابقة، لتأمين المبلغ من طليقها، وفي تصريح لـ”البعث” أكد عبد اللطيف عبد الحميد أن العرض في حمص يحمل خصوصية المكان أولا فهي مسقط رأس المخرج والحاضنة الأولى لتكوين وعيه، مضيفا أن جمهور حمص متطلب ومتابع ومثقف بالضرورة وذواق, ومن هنا يأتي القلق وتتبدى المسؤولية وأضاف: بأن الفيلم يحمل جرعة عالية من الأمل تصل حدود الدمع، منوها أن كل عمل لا يجمع الشغف والحب لن يخرج بالنتيجة المرجوة، فالإخلاص والحب والاحترام نواة أي عمل، ولن نستطيع التغلب على الحزن إلا بالحب المطلق، مشيراً إلى أن السينما مرآة تعكس فترة معينة من الصعب الإلمام بكل تفاصيلها كالنهر الجاري، لهذا تصبح الحرب في مجملها اختباراً لعلاقات البشر الحقيقة.. وأشار مدير المهرجانات السينمائية في المؤسسة عمار أحمد حامد إلى أن كافة الفنون تخرج من عباءة المجتمع وتعبر عنه مشكلة هويتها, وعزف منفرد يوصف ارتكاسات الحرب على الإنسان الفنان ويحمل الطابع الوجداني العميق- أما الممثل الحمصي بيدرو برصمنيان والذي شارك في الفيلم فقد عبر عن سعادته بالعرض بحمص لافتا إلى أن العمل مع المخرج عبد اللطيف عبد الحميد يشكل نقلة حقيقية في صقل أدوات أي ممثل، ولفت أحد الحضور إلى أداء الفنان جرجس جبارة المدهش, الذي أمتعنا خلال مسيرته الفنية الطويلة بأدواره المتنوعة ليتحفنا هذه المرة بأدائه البارع في دورٍ درامي سيمكث طويلاً في الذاكرة، فيما أكد بعض الحاضرين أن عزف منفرد يؤكد أننا نُمارس إنسانيتنا رغما عن الحرب وإنها لم تكسر إرادة الحياة والإنسانية والعطاء والمحبة فينا والفيلم يشكل نقلة نوعية على مستوى الأفلام التي تناولت موضوع الحرب وتداعياتها.
سمر محفوض