ترامب يعلن “صفقة القرن”.. والغضب يعمّ الأراضي الفلسطينية: لن نتخلى عن حقوقنا وثوابتنا الوطنية.. ومن يوافق على الصفقة خائن
رفضاً للمخطط التآمري الصهيوأمريكي، الذي سمّي بـ”صفقة القرن”، شهدت الأراضي الفلسطينية فعاليات ومسيرات شعبية احتجاجاً على الصفقة المشؤومة، التي تهدف إلى النيل من حقوق الشعب الفلسطيني.
وخرج آلاف المواطنين في تظاهرة حاشدة بمدينة غزة، انطلقت من قرب مقر “الأونروا” باتجاه دوار أنصار غرب المدينة، وسط شعارات تندّد بالموقف الأمريكي والصمت الدولي على بنود الصفقة، فيما أطلقت قوات الاحتلال النار بشكل مكثّف وقنابل غاز باتجاه الشبان شرق خزاعة بمحافظة خان يونس بقطاع غزة، ما أدّى لإصابة مواطن بالرصاص الحي وآخرين بالاختناق.
وفي الضفة الغربية، شهدت طولكرم وقفة احتجاجية، شدّد المشاركون فيها على أن الشعب الفلسطيني سيواجه “الصفة” ويفشلها ويسقط المخطط الأميركي الإسرائيلي، وعلى أنهم لم يتخلّوا عن حقوقهم وثوابتهم الوطنية، مشددين على أن هذه المؤامرة لن تمر، وسيواصلون نضالهم لإفشالها.
كما شهدت قلقيلية وقفة أكد المشاركون فيها أنهم سيواجهون المؤامرة التي تحاك ضد الشعب الفلسطيني، فيما شهدت رام الله والبيرة فعالية شعبية حاشدة، فيما أصيب عشرات الطلبة الفلسطينيين بالاختناق جراء استنشاقهم الغاز المسيل للدموع، عقب مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال في مخيم العروب شمال الخليل.
كما وقعت مواجهات خفيفة بين الشبان الفلسطينيين وعناصر الاحتلال، عند مدخل رام الله الشمالي، فيما جدّدت وزارة الخارجية الفلسطينية التأكيد على أن ما تسمى “صفقة القرن” مرفوضة، وأنه لا تنازل عن الثوابت والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وضرورة تنفيذ قرارات الشرعية الدولية بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس.
وشدّدت الخارجية على أن حديث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن دولة فلسطينية لا يعدو كونه ذرّاً للرماد في العيون ومحاولة لتمرير ما جاء في الصفقة المشؤومة من بنود تقوّض أي فرصة لإقامة الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس، وأوضحت أن ترامب ومنذ وصوله إلى البيت الأبيض مطلع العام 2017 قابل الانفتاح الفلسطيني لإيجاد تسوية بجملة إعلانات ومواقف وقرارات سلبية منحازة بشكل كامل للاحتلال، لافتةً إلى أن بنود “صفقة القرن” لا تعطي فرصة للجانب الفلسطيني للتعاطي الإيجابي معها، فعن أي فرصة يتحدّث ترامب وفريقه وهو يدرك جيداً أن الفلسطينيين يرفضون بشكل قاطع أي حلول تستثني مدينة القدس وتتيح للاحتلال الاستيلاء على نحو 40 بالمئة من مساحة الضفة الغربية واستكمال تنفيذ مخططاته الاستيطانية التهويدية وصولاً إلى ضم ما تبقى من الأراضي الفلسطينية.
وأكدت الخارجية أن مضمون صفقة ترامب-نتنياهو لا يتعدى كونه ترجمة أمريكية لوعد بلفور ومحاولة إسرائيلية بلبوس أمريكي لفرض سيطرة الاحتلال بالكامل على الضفة الغربية، مشدّدةً على أن الصفقة مؤامرة قديمة جديدة لتصفية القضية الفلسطينية برمّتها.
إلى ذلك أعلنت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة رفضها القاطع لما يسمى “صفقة القرن”، مؤكدةً أن الموقف الفلسطيني الموحّد المقاوم وحده قادر على إيقاف هذه الكارثة وإسقاطها، وجاء في بيان للجبهة: “بات واضحاً جليّاً أن ما تسمى “صفقة القرن” بتفاصيلها مخطط صهيوني أمريكي لتصفية القضية الفلسطينية وكل من يوافق على هذه النكبة السياسية شريك فيها ويرتكب جرم الخيانة العظمى بحق القضية الفلسطينية والأمة العربية”.
وفي بيان مماثل، اعتبرت جبهة النضال الشعبي الفلسطيني إعلان ترامب للصفقة عدواناً جديداً من قبل الولايات المتحدة على الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية الثابتة غير القابلة للتصرف، ودعت إلى اتخاذ خطوات عملية وجادة لمواجهة هذا العدوان من خلال تجديد المقاومة بكل أشكالها والانتفاضة الشعبية ووحدة الموقف الفلسطيني والتحرك السريع للجماهير العربية والإسلامية والقوى الحرة بالعالم، مؤكدة مواصلة مسيرتها النضالية حتى التحرير والعودة.
هيئة علماء فلسطين علقّت قائلةً: “إنّ الصفقة تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية”، مشيرةً إلى أن واجب العلماء والدعاة التحرك لفضح إجرام الاحتلال وتحريك الأمة الإسلامية، فيما قال الناطق باسم لجان المقاومة الشعبية أبو مجاهد: إن المقاومة مطالبة اليوم بتفعيل أدواتها كافة للرد على الصفقة المشؤومة، وأضاف: “إنّ سلاح المقاومة خط أحمر وهو عزتنا وسيسقط صفقة القرن”، كذلك شدّد القيادي في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين محمود خلف على أنّ الشعب الفلسطيني يرفض الصفقة ولن يدعها تمرّ.
كما جدّدت الرئاسة الفلسطينية رفضها كل القرارات الأمريكية المخالفة للقانون الدولي والداعمة للاحتلال الإسرائيلي، مشددة على أن “صفقة القرن” لن تمر وستبقى مدينة القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، فيما جدّد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد شتية التأكيد على أن “صفقة القرن”، مرفوضة مطالباً المجتمع الدولي بالاعتراف بدولة فلسطين، ووقف مخططات سلطات الاحتلال الإسرائيلي لضم أجزاء من الضفة الغربية رداً عليها، مؤكداً أن الصفقة المشؤومة تتعارض مع القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، قال: لا ترامب ولا غيره يستطيع تصفية الحقوق الفلسطينية التي قدّم الشعب الفلسطيني من أجلها آلاف الشهداء والأسرى، مشدداً على أن الشعب الفلسطيني سيواصل نضاله، وسيسقط صفقة ترامب، فيما دعت القوى الوطنية الفلسطينية إلى يومي غضب.
عربياً، أكد حزب الله أن صفقة “العار” خطوة خطيرة وانعكاساتها بالغة السوء على مستقبل المنطقة وشعوبها، فيما ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بالمنشورات والتغريدات المتعلقة والمعلّقة على الأمر، واندرجت تحت عدد من الوسوم، لعل أبرزها “صفقة القرن وصفقة العار”، عبّر الناشطون من خلالها رفضهم لصفقة القرن، في حين حمّل آخرون “التخاذل العربي”، أو “التواطؤ العربي”، مسؤولية ما آلت إليه القضية الفلسطينية.
دولياً، اعتبر رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني أن الخلافات بين دول المنطقة أعطت الجرأة للكيان الصهيوني والولايات المتحدة في المضي قدماً والكشف عن تفاصيل ما تسمى “صفقة القرن” الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية، فيما اقترح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن تنضم اللجنة الرباعية الدولية إلى مناقشة وتحليل “صفقة القرن”، وأضاف في مؤتمر صحفي مع نظيرته وزيرة خارجية دولة جنوب السودان آوت دنغ أكويل في موسكو: “تواصلنا مع الولايات المتحدة ولم يعلمونا بتفاصيل هذه الصفقة، هم دائماً يحاولون حل المشكلة بضربة واحدة وبطريقة واحدة ويسعون إلى إيجاد حلول لقضايا عديدة عالمية، لكن هذا لا يأتي بنتائج إيجابية”.
من جانبه، أكد الممثل الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط وبلدان إفريقيا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف أن ما يفعله ترامب “أمر غير مقبول”، وأن موقف موسكو لم يتغيّر، فهي “مع حل الدولتين ودولة فلسطين المستقلة بحدود عام 1967 ومن حق الفلسطينيين أن يقرروا مصيرهم بأنفسهم”، مشيراً إلى أن واشنطن ليست من يتخذ قرار التسوية.
وفي عمان، نفّذت فعاليات شعبية اعتصاماً أمام السفارة الأمريكية رفضاً لصفقة ترامب، عبّر المشاركون فيه عن رفض الشعبين الأردني والفلسطيني الصفقة، مؤكدين أن الأمة لا يمكن أن تتنازل عن فلسطين وعن القدس ومقدساتها، وأن هذه الصفقة ستسقط مهما بلغت قوة الدولة التي تقف خلفها.
وفي برلين شارك عدد من أبناء الجالية الفلسطينية المقيمين في ألمانيا بوقفة احتجاجية أمام مقر السفارة الأمريكية رفعوا فيها علم فلسطين، مرددين هتافات تندد بالقرارات الأمريكية المعادية للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، مؤكدين رفضهم “صفقة القرن” المشؤومة الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية.
ميدانياً، اقتحم مستوطنون إسرائيليون قرية عينابوس جنوب مدينة نابلس بالضفة وأضرموا النار في إحدى مدارسها، وقال مسؤول ملف مقاومة الاستيطان شمال الضفة غسان دغلس: “إنّ مستوطنين اقتحموا القرية واعتدوا على منازل وممتلكات الفلسطينيين وأضرموا النار في أحد صفوف المدرسة الأساسية للذكور، ما أدى إلى إلحاق أضرار مادية كبيرة”.
واقتحمت قوات الاحتلال منطقة باب الزاوية وسوق العميان وسط مدينة الخليل في الضفة الغربية واعتدت على محال الفلسطينيين التجارية وحطمت محتوياتها، كما كثّفت حواجزها في شارع الشهداء وعلى مثلث خرسا جنوب غرب الخليل للتضييق على حركة الفلسطينيين.
إلى ذلك، اقتحمت قوات الاحتلال مدن طوباس وجنين وبلدات تقوع في بيت لحم وباقة الشرقية وقطنة في طولكرم وسلوان في القدس المحتلة واعتقلت عشرة فلسطينيين.
كما اقتحم 160 مستوطناً المسجد الأقصى المبارك من جهة باب المغاربة ونفذوا جولات استفزازية في باحاته بحراسة مشددة من قوات الاحتلال.
واقتحم مستوطنون إسرائيليون المنطقة الأثرية في بلدة سبسطية شمال مدينة نابلس بالضفة الغربية، وقال رئيس بلدية سبسطية محمد عازم: “إنّ 50 مستوطناً اقتحموا المنطقة الأثرية بحماية قوات الاحتلال التي منعت الفلسطينيين من دخولها”.
وضمن حربها الاستيطانية التوسعية، أعلنت سلطات الاحتلال عن مخطط استيطاني جديد للاستيلاء على عشرات الدونمات من أراضي الفلسطينيين الزراعية شمال مدينة الخليل بالضفة الغربية، وقال مدير مكتب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان حسن بريجية: “إنّ المخطط الجديد يهدف للاستيلاء على عشرات الدونمات المزروعة بالزيتون واللوزيات من أراضي بلدتي سعير والشيوخ شمال الخليل لتوسيع مستوطنة مقامة على أراضي الفلسطينيين في المنطقة”.