بعد انتظار تجاوز تسع سنوات..التخصّص بمشروع السكن الشبابي يتحوّل إلــى كابــوس مـرهـــق.. والحلــــول المجــديـــة غـــائـبة
تحوّل حلم السكن الشبابي الذي انتظره الكثيرون من فئة الشباب من الموظفين وذوي الدخل المحدود إلى كابوس تجلى بلحظة التخصيص بمسكن، إذ جاءت محمّلة بوجوب تسديد دفعات مالية كبيرة تفوق مقدراتهم المالية للوصول إلى نسبة 30% من ثمن مساكنهم حسبما نص عليه الاكتتاب، فبدّدت فرحة انتهاء مرحلة الانتظار ببداية مربكة لمن انتظرها حيث يترتب عليه تسديد ما يقارب ثلاثة ملايين ليرة مبدئياً لتحقيق النسبة يليها استكمال الإكساء، إذ تم الاتفاق على تسليم المساكن بإكساء يصل إلى 80% ليتسنى لهم السكن فيها، ما يرتب مبالغ إضافية غير متوفرة في جعبتهم، دون الرجوع إلى ما أكده معظم المكتتبين بوجود ضعف وانخفاض الجودة بالإكساء فيضاعف الدفعات المستحقة عليهم، وعدم قدرتهم على استلامها، ما يشي بانحراف بوصلة مشروع السكن الشبابي عن هدفه الأساسي وضياع حلم الكثيرين ممن وقعوا ضحية تأخر المؤسسة بتنفيذ عقد الاكتتاب في عام 2012 بسنوات تسع أخرى محمّلة بظروف الأزمة، سيتحمّلها المكتتب رغماً عنه.
تفوق مقدراتهم
تصدّر مكتتبو محافظة السويداء وطرطوس قائمة المعترضين على استلام مخصصاتهم السكنية، حيث بيّن معظمهم عدم قدرتهم على دفع ما يقارب ثلاثة ملايين ليرة لتغطية نسبة الـ30% من ثمن المسكن الذي قدّر حسب المؤسسة بنحو 11 مليون ليرة وسطياً للفئة ب ونحو 12.5 مليون ليرة للفئة أ، موضحين أن هذه التقديرات تقارب مساكن جاهزة للسكن ضمن المحافظة، علماً أن المشروع في قرية تدعى “سليم” وهو عبارة عن ضاحية سكنية تتموضع على مساحة 80 هكتاراً تحوي تقريباً 5000 شقة سكنية موزعة على 10 جزر سكنية، كما يترتب على المكتتبين استكمال الإكساء بنحو ثلاثة ملايين أخرى، الأمر الذي يزيد من تعقيد عملية الاستلام، وعلى الرغم من احتمال دعم المصرف العقاري بقروض لمساعدتهم على تحمّل الأعباء المالية المضافة إليهم، فإن أقساط القرض والمؤسسة التي ستبلغ نحو 35 ألفاً تبعاً للأسعار التقديرية للمساكن ستكون بمنزلة عثرة كبيرة بوجه رواتبهم الشهرية.
اكتتاب وليس عقداً
لاشك أن إنجاز المشروع رافقته معوقات إدارية وإجرائية أجّلت انطلاقته حيث تأخّر استلام الأرض حتى نهاية عام 2010 وتم استلام دراسة المخططات الإنشائية للمرحلة الأولى نهاية عام 2013، لكن المؤكد أن المكتتبين سوف يتم تحميلهم مدة التأخير مضافاً إلى ظروف الأزمة والتضخم الحاصل في أسعار مواد البناء والإكساء وسعر الأرض والبنى التحتية، إلا أن اللافت في ردّ مدير عام مؤسسة الإسكان أيمن مطلق اعتباره أن عام 2012 لم يكن نهاية المدة باعتباره ليس عقداً محدد المدة بل اكتتاب يتم التسليم لدى إنجاز المشروع، فهل تحديد مدة الاستلام بسبع سنوات بداية من 2007 هو تاريخ وهمي غير ملزم للمؤسسة..؟ تليها مدة قاربت تسع سنوات تضمنت ارتفاعاً كبيراً بالأسعار ضمن الأزمة لتكون مجمل الظروف وتبعاتها على عاتق المكتتب..؟.
ردّ رسمي
حاول مدير المؤسسة التهرّب من الإجابة بشكل مباشر على ما نحمله من أسئلة خلال وجوده في وزارة الأشغال العامة والإسكان بسبب ضيق الوقت وانشغاله، مكتفياً بردّ مكتوب وموجّه للوزير عن تلك الإشكالية، وبالتالي ليس أمامنا سوى عرض ما جاء بالردّ علّه يحمل تفسيراً وتوضيحاً من شأنه رفع ثقل الإشكالية عن المكتتبين.
وتضمّن الردّ بناء على طلب إعادة النظر في تسعير المساكن، أنه يتم تحديد القيمة التقديرية الوسطية لكل فئة من فئات المساكن عند الاكتتاب كقيمة تقريبية بغية حساب نسب وأقساط التمويل على أن يتم تحديد القيمة الفعلية عند انتهاء التنفيذ بقيمة تخمينية تشكّل الكلفة الحقيقية، وعند التخصيص يتم تحديد القيمة التخمينية للمساكن المراد تخصيصها استناداً إلى مجموعة من الأسس المنصوص عليها في المرسوم التشريعي رقم /26/ لعام 2015 الناظم للمؤسسة والواردة في نظام عملياتها الصادر بالقرار الوزاري رقم /8/ لعام 2016، ويتم التسعير بناءً على قيمة الأراضي المخصصة للمشروع أو القيمة الاستبدالية لها، كما تحسب تكلفة المرافق والخدمات والموقع العام للمشروع، مضافاً إليها تكلفة الدراسات الخاصة بالمشروع ووحداته العقارية أو المتعلقة بها بكل أنواعها وتدقيقها في حال وجودها، وتنفيذ كل الأعمال اللازمة لتجهيز المشروع حسب المواصفات الفنية المحددة، وتكاليف أعمال تشييد الهيكل والإكساء، مع إضافة أرباح بنسبة 15% تبين من مصدر في المؤسسة أنه تم تخفيضها إلى 5% فقط.
وبيّنت المؤسسة أن القيمة التخمينية الوسطية للمساكن في محافظة السويداء بلغت نحو 137 ألف ليرة للمتر المربع، ثم قامت المؤسسة بتخفيض السعر بهدف تحقيق توازن سعري والأخذ بعين الاعتبار البعد الاجتماعي والتنموي ولتحقيق الغاية من المشاريع التي تشكّل مشاريع سكن اجتماعي مع الحفاظ على الناحية الاقتصادية للمؤسسة وتوفر الإمكانية لتخفيض القيم دون المساس بالتكاليف الفعلية المنفقة، وبالتالي أصبح سعر المتر نحو 116 ألف ليرة.
وفيما يخص التمويل بيّنت المؤسسة أنه وبسبب ارتفاع تكاليف التنفيذ انخفضت مساهمة المكتتب إلى 7%، وبغية إعادة التوازن لهذه النسب حيث يفترض أن تبلغ مدفوعات المكتتب 30% طرأت زيادة على الأقساط الشهرية فأصبحت 8 آلاف بدلاً من 2000 ليرة، وسيتم استكمال المبالغ المسدّدة منهم لتصبح 30% من القيمة التخمينية للمساكن المخصصين بها، والباقي يسدّد على أقساط شهرية تحدّد حسب المدة التي يختارها المخصص أقصاها 25 سنة.
بالمحصلة..
وعلى الرغم من هذا التوضيح تبقى الإشكالية قائمة لدى جميع المكتتبين بسبب ضعف مقدراتهم المالية على تسديد الذمم المستحقة ليكون مصيرهم الانتظار إلى تدبيج حلول مناسبة لأوضاعهم الاقتصادية وتحقيق الغاية من مشروع السكن الشبابي.
فاتن شنان