الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

تشكيليون شباب في المركز الوطني للفنون

 

تعرض حاليا في صالة المركز الوطني للفنون البصرية في دمشق أعمال الفنانين التشكيليين الشباب أحمد طلاع– خزيمة العايد– مجد الحناوي– صلاح حريب، في تجربة جديدة من حيث العرض وطرح الفكرة التشكيلية قلما نجدها في المعارض التشكيلية العادية، حيث ترافق كل لوحة جدارية لوحة صغيرة جانبية مرادفة بالفكرة ويبلغ طول اللوحة الكبيرة خمسة أمتار بارتفاع المتر وسبعين سنتميتراً، وقد تنوعت الأعمال في تقنياتها ومواضيعها حيث اشتغل خزيمة العايد على موضوع تراجيدي كثيف جسدته حشود الأصابع والأكف خلف حاجز من الشبك المعدني في إحدى اللوحات، بينما في اللوحة الجدارية قام بعملية تحميل سطح اللوحة بمواد نافرة وبسماكات كبيرة ومتفاوتة والبعض من عناصرها مصبوبا من مادة “الريزين” بينما تشكل الخلفية المنفذة بألوان الأكريليك والرمل فضاء مسرحيا يستولي على المتلقي, وفي هذه الزاوية نلمس قدرة هذا الشاب الفنان على تأليف المكان مثلما نلمس الوجداني فيه من خلال الموضوع الذي تناوله بما يمثل من شجاعة الوقوف أمام جانب من عذابات الإنسان.
حرب ودمار وألم، إنه الواقع، نار ودم وثمن، إنه اللون, هكذا قدم صلاح حريب بيان لوحاته الحمراء التي لا تخلو من استفزاز قوي ومقصود يؤلفه العاقل المهندس الذي يملأ مساحته بدرجات حارة تغطي القطوع الهندسية والمعمارية، يروي مشهد المدينة بردائها الأحمر، هي ليست فرحة لكنها حارة وخائفة.
الفنان مجد الحناوي يذهب نحو عالمه الرمادي باحثا عن أكثر الدرجات الممكن اكتشافها للعين، وهو الشاب المصور المأخوذ بفكرة الحركة أساسا للمشهد العريض المعلق أعلى اللوحة محققا خفة في التكوين وتماسكا في السرد البصري الذي يتقنه المصور الباحث عن متعة جديدة أوجدتها حساسية الفنان التلقائية: أضع الألوان جانبا، أركب الرمادي الداكن بمأساة، يتسلل الأمل بلونه الأبيض كمن يقول كفى، ابدأ لعل الفن يصلح ما أفسدته الحرب.
الفنان أحمد طلاع لم يكن بعيدا عن ويلات الحرب: جميعنا مشوهي حرب، القلق، الخوف، عدم الاستقرار، الشتات من صفاتنا، لا مكان ألجأ إليه إلا العمل والحركة والعيش بخفة. بهذا الوصف يرسم لوحته خفيفا محاولا التخلص من قلقه وخوفه وشتاته، لا خلاص له إلا في لوحته الجدارية المسكونة بتلك الهواجس والحساسيات البالغة.
هذا المعرض يندرج في قائمة المعارض التي تحرج وتضيف في المشهد التشكيلي، تحرج أولئك المكرسين أو يحسبون أنهم أوصياء على الذائقة واللوحة، هذا النمط المراوح في مكانه يحسب أن الزمن توقف عند تجربته، في هذا المعرض تجاوز للنمط المألوف من التشكيل يحمل من المعاصرة الكثير أنتجته حواس شابة عايشت ألم البلاد مبدعة ومنتصرة ولم تكن مهزومة أو منسحبة إلى لوحاتها الرطبة.
أحمد طلاع– خزيمة العايد– مجد الحناوي– صلاح حريب سيكون لهم شأن في الحياة التشكيلية وأحد علاماتها القادمة بكل جديد وأصيل.

أكسم طلاع