هل يُنْجِينا حذرنا من “تشاؤلنا”..؟!
كإعلاميين مختصين بالشأن الاقتصادي ومتابعين للحراك الذي يجري فيه ويطرأ عليه بالـ”ليس مستجداً ولا جديداً”، نعتقد أننا حشرنا بفعل فاعل في منطقة وسط ما بين التفاؤل والتشاؤم (متشائلين)..!.
ومردّ الوسطية، ليس نأياً بالرأي عن توقّع القادم، وإنما نابع من طبيعة الحراك الاقتصادي نفسه، الذي تختلط فيه المؤثرات الداخلية بالإقليمية والدولية، إضافة إلى تحفظنا على قدرات من يديره وغايات اللاعبين المؤثرين فيه، حيث اختلاف الرؤى والمصالح يفعل فعله السلبي..!.
ما يدعم هذا الرأي، النتائج الاقتصادية والمعيشية المتواضعة جداً، وفوق هذا وذاك تحيّدنا عما يجري “تحت الطاولة”، والاكتفاء بالموافقة على وجودنا شكلاً في بعض الاجتماعات التي تجري، لنسمع ما يريدون لنا سماعه، لا حقيقة ما يتم ويحدث..!؟.
حراك اقتصادي تغلب عليه سمة التجريب والمحاولة، أكثر من التحديد والجزم، فيما سيكون عليه الوضع مستقبلاً، بعد كمّ ونوع القرارات والإجراءات التي اتخذت مؤخراً والتي ستتخذ وتصدر لاحقاً…
فحين يتوجّه رئيس مجلس الوزراء إلى الصناعيين بالقول والسؤال: لو كنتم مكان الحكومة ماذا تفعلون..؟، وكان يقصد ما هي الخطوات والقرارات الصناعية الناجعة والفاعلة التي تتخذونها؛ وبالوقت نفسه يخرج علينا رئيس اتحاد غرف الصناعة ليعلن إيجابية ما خلص إليه اجتماعهم بالحكومة، نعتقد أن ثمة تخبّطاً ونوعاً من التسليم بالعجز عند من يفترض بهم رسم استراتيجية الصناعة السورية، لا أن ما تم يندرج تحت عنوان التشاركية..!.
وحين يؤكد لنا خبراء اقتصاديون تفاؤلهم (بعد لقاءات خارجية لهم، ولقاءات مع بعض المسؤولين المختصين بالشأنين المالي والاقتصادي..)، بأن هناك معطياتٍ إيجابية ستطرأ على الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب، الذي يعاني منه المواطن السوري..، وأنه خلال أقل من 3 أشهر، سنقطف ثماراً ذات قيمة عالية جداً بالمفهوم الوطني/ الاقتصادي الاستراتيجي.. لكنهم في الوقت ذاته يلفتون إلى أن الوضع بدأ يتحرّك إيجابياً، وبالاتجاه الصحيح، ولو كان ببطء شديد، وأنه أصبح على السكة الصحيحة، ولم يعد على السكة الخاطئة، وأن في هذا يكمن سر التفاؤل، المبني على معطيات موضوعية وليس تنبؤات كما يزعمون، وفي الآن معاً يشدّدون على أن المهم حالياً هو التسريع وعدم البطء بالسير في عنق الزجاجة..!.
حينها لا يسعنا إلاَّ التفاؤل المقرون بالحذر…
مقابل أصحاب الرأي والتوقع الآنفين، نجد مسؤولين وخبراء اقتصاديين -على سبيل المثال لا الحصر- يتّهمون علانية الأسعار المتعدّدة لصرف الدولار (السعر الرسمي 436 ليرة- التفضيلي 700 ليرة- التصديري 805 ليرة- سعر السوق السوداء..؟)، بأنها طريقة للتربّح غير المشروع..، وأن الخاسرين هم المواطن والدولة..!.
اتهام يتجاوز مفهوم “التشاؤم” كثيراً..، إذا ما تم القياس على الحسابات “النقدية” التي تعدّ مؤشراتها دليلاً على عافية أو عدم عافية المؤشرات الاقتصادية لناحية سلبيتها أو إيجابيتها.
وهنا يغدو السؤال محيّراً جداً: هل يصحّ اقتران حذرنا بتشاؤمنا..؟!.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com