“مصفوفة تتبّع التنفيذ”… والكشف عن الخلل وتطوير الحلول سنوياً تحديث وثائق السياسة السكانية لتشخيص الواقع والتعرف على الفجوات
دمشق – حياه عيسى
ولدت الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان نتيجة توجّه الحكومة والمجتمع لمأسسة العمل الاجتماعي منذ عام 2004، بوجود توجّه تنموي يأخذ بعين الاعتبار تعزيز التنمية المتوازنة، التي تلبي احتياجات كل الجغرافيا السورية حسب كل منطقة، وخاصة في الشأن الاجتماعي، علماً أن هناك العديد من المؤسسات التي تعمل بالشأن الاجتماعي، تحتاج إلى وجود مؤسسة لها دور تنسيقي على بعض الملفات كـ”الأسرة، الشباب، المرأة”، الأمر الذي استدعى وجود “الهيئة السورية” لتعمل بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة ضمن كل ملف وفق احتياجات المجتمع وتبايناته.
رصد وتشخيص
رئيس الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان الدكتور أكرم القش بيّن في تصريح لـ”البعث”، أن أول ملف عملت عليه هو ملف “الطفولة” حيث تم وضع خطة متكاملة لتنمية الطفولة بما فيها الطفولة المبكرة، وتتالى العمل بها للاهتمام بشريحة الشباب والنساء والمسنين، كما تمت إضافة ملف السكان إلى عملها، حيث خرجت بتقارير مهمة جداً لسكان سورية في أعوام 2008، 2010، 2014، بالتزامن مع وضع خطة مدروسة لمتابعة العمل على تلك الملفات الآنفة الذكر، بالتنسيق مع جميع الجهات المعنية، لأن الهيئة ليست تنفيذية بل تقوم على رصد الواقع وتشخيصه وإجراء اللقاءات المتخصصة مع المعنيين بكل ملف بناءً على تشخيص الواقع وترتيب الأولويات ووضع برامج تصبح جزءاً من عمل الوزارات والجهات المعنية في الدولة.
تحديث وثائق
أما بالنسبة لخطة العام الحالي، فقد أشار القش إلى أن العمل يتمثل بمتابعة ملف السكان من خلال تحديث وثائق السياسة السكانية التي تم إنجاز بعضها قبل الحرب وتعثرت أثناءها، ولاسيما أنه تم البدء بتنفيذها في عام 2014 بكل المحافظات، لتشخيص الواقع السكاني والتعرف على الفجوات التي حصلت ووضع برامج ومصفوفات عمل تنفيذية لكل محافظة، وذلك من خلال التنسيق بين الهيئة واللجنة الفرعية للسكان التي يترأسها المحافظ في كل محافظة، حيث تم إنجاز العمل في ثلاث محافظات في العام الماضي (حمص، السويداء، طرطوس)، ويعتبر بمراحله الأخيرة في كل من حمص وحلب، علماً أن هناك متابعة لباقي المحافظات في العام الحالي، ليكون لدى الهيئة نوع من الوثائق التي يتم من خلالها التعرف على الواقع السكاني واحتياجاته ولكشف الفجوات التي خلفتها الحرب للعمل عليها بشكل ممنهج ومبرمج للمرحلة القادمة، إضافة إلى تشخيص الواقع السكاني الذي يعتبر جزءاً من البرامج التي تعدّها هيئة تخطيط الدولة مع جميع الوزارات المعنية وأطلق عليه “برنامج سورية بعد الحرب” الذي اهتم بالقضية السكانية، وأصبح مشروع السياسة السكانية وتحديثاتها بشكل مستمر جزءاً من مشروع سورية ما بعد الحرب وهو يساعد في تنظيم العمل المستقبلي، بالتزامن مع العمل على ملف “الأطفال واليافعين” خلال الحرب حيث تم وضع استراتيجية مستجيبة لاحتياجات الطفولة في تلك الفترة سمّيت “الاستراتيجية الوطنية للطفولة المبكرة” التي تمتد من 2014 حتى 2020، حيث تمت مراجعتها في 2018، ونتيجة التغيرات في الواقع تم العمل على تعديلها وبنائها بطريقة مستجيبة للتطورات التي حدثت وانعكاسات الحرب على الطفولة، بالتنسيق مع الجهات المعنية كالتربية والصحة والعدل والشؤون الاجتماعية والعمل، للمساهمة في إعداد الاستراتيجية التي تمتد من عام 2020 حتى عام 2030، بالانسجام والتنسيق مع برنامج سورية فيما بعد الحرب، لرعاية وتنمية الطفولة المبكرة بشكل ممنهج ومنسق ليكون العمل قابلاً للقياس والتطبيق والتطوير، ولاسيما بوجود “مصفوفة تتبّع التنفيذ” التي تعمل على إيجاد الخلل في التنفيذ وتطوير الحلول سنوياً بالتنسيق مع كل الجهات ذات الصلة.
تطوعية أنموذجية
وتطرّق القش إلى ملف “اليافعين” وهم الشريحة العمرية بين “الطفولة والشباب”، حيث يتم العمل على إعداد فرق أنموذجية مع كل محافظة، ليكون هناك فريق تطوعي ناشط يتم العمل عليه بعدة دورات في مجال “التواصل وتشخيص المشكلات والمشاركة مع المحيط”، وتم العمل عليه بأكثر من محافظة بما فيها محافظة “دير الزور” لتوليد القدرات الذاتية، وسيتم التوسع به في كل المحافظات ليكون هناك فريق عمل تطوعي من اليافعين في جميع المحافظات مرتبط بموضوع “تبادل الخبرات، والمبادرات، وتحفيز المشاركة لتلك الشريحة”، بالإضافة إلى ملف الشباب الذي تم الانتهاء منه مؤخراً، حيث تم التعرف على ملاحظات وتعديلات الجهات المعنية، بما فيها المنظمات الشعبية كالاتحاد الوطني لطلبة سورية، ومنظمة الشبيبة، والاتحاد الرياضي، بالإضافة إلى الوزارات الأخرى ذات الصلة، بالتزامن مع الانتهاء من الوثيقة النهائية وتحويلها إلى برامج عمل لدعم الشباب بـ/5/ محاور أساسية “محور التعليم، والعمل، والصحة والصحة الإنجابية، والمشاركة الاجتماعية، والحماية من النوع الاجتماعي كالقضاء على كل أشكال التمييز بين الشباب والشابات”، إضافة إلى الانتهاء من ملف “الإطار الوطني لتمكين المرأة” الذي ما زال قيد وضع برامجه التنفيذية وقد تم العمل عليه مع جميع الوزارات والجهات ذات الصلة لوضع إطار يتناول /12/ محوراً “محور الاقتصاد، والتعليم، والتشغيل، والصحة الإنجابية، والعنف”، حيث تم رصد المشكلات والأولويات ووضع برامج ستكون موضع تنفيذ من الجهات المعنية.
قدرات ووضع أدلة
وأشار رئيس الهيئة إلى وجود ملف يتعلق بالعمل الكلي للهيئة يتمثل ببناء قدرات ووضع أدلة لها علاقة بالتنشئة والرعاية الأسرية من خلال التنسيق والتعاون مع خبراء من جامعة دمشق لوضع أدلة لها علاقة بالدعم النفسي والتنشئة الاجتماعية لرفع الوعي حول قضايا مهمة وتوجيه العمل اليومي، بالإضافة إلى إقامة ورشات وندوات توعوية ونقاشات عصف ذهني للتعرف على الاحتياجات والمعوقات لإيجاد الحلول السريعة لها.
أما بالنسبة للتعامل مع المنظمات الدولية، فقد أوضح القش أن كل المؤسسات الحكومية تنظم عملها مع المنظمات الدولية من خلال خطة وطنية تقودها هيئة تخطيط الدولة لوضع الملفات التي يتم العمل عليها بناء على تنسيق وطني عالي المستوى بما يفيد الملفات في إطار دعم القدرات أو الدعم المادي أو تنفيذ أنشطة بناءً على خطة كل جهة حكومية، علماً أن أكثر المنظمات التي يتم العمل معها من الهيئة تتمثل بـ”صندوق الأمم المتحدة للسكان ويونيسيف”، لأن الملفات التي يتم العمل عليها تتقاطع مع عمل المنظمات الآنفة الذكر وتلبّي الكشف وتخطي بعض الفجوات، ولاسيما في الأمور التقنية والفنية والإمكانيات المادية في بعض الأحيان.