ما علينا إلا الاعتماد على الذات..!
يبرز مبدأ الاعتماد على الذات في هذه المرحلة الصعبة كخيار لا بد منه على جميع المستويات..!.
لا نودّ التركيز في هذا المقام على مستوى الاقتصاد الكلي ودور الحكومة بتفعيل المنشآت الاقتصادية العامة والخاصة، وإنما سنتحدث على المستوى الفردي والأسري تحديداً..!.
العديد من المهن التي يمكن ممارستها بالمنزل كفيلة بتحقيق رافد للدخل، منها الخياطة، والزراعات المنزلية، وصناعة الألبان والأجبان على مستوى محدود، وعمليات التوضيب لبعض السلع ولاسيما المكسرات والتعاقد مع عدد من المحال التجارية بهذا الخصوص.. وغيرها من الأعمال التي من شأنها أن تدعم الدخل الروتيني لأية أسرة..
طبعاً هذا الموضوع مرتبط بالدرجة الأولى بمدى قدرة الأسرة على العمل، في مثل هذه الظروف والتكيّف مع الواقع المستجد، وهناك العديد من الأمثلة والشواهد التي تدل على مدى مساهمة المهن المنزلية بالتخفيف من الضغط المعيشي، وتدفع باتجاه ترسيخها في المجتمع السوري.. منها أن أي زائر لصعيد مصر سرعان ما يلحظ أن ثمة اكتفاءً ذاتياً زراعياً وغذائياً على مستوى الأسرة، حيث لا يكاد يخلو منزل من زراعات ومواشٍ تؤمّن بالحد الأدنى الاحتياجات اليومية لكل أسرة.
وفي روسيا سبق أن أشرنا في أكثر من مناسبة إلى أن الزراعة المنزلية والأسرية تؤمّن ما نسبته 70% من حاجة روسيا من الخضار في بلد ينعم باستقرار اقتصادي افتقده اقتصادنا الوطني منذ ما يقارب السبع سنوات.
ألا يجدر أن تشكّل هذه المعطيات حافزاً لترسيخ مبدأ الاكتفاء الذاتي على مستوى الريف السوري مجتمعاً، في مرحلة بات الوضع المعيشي يقض مضاجع أكبر شريحة وأكثرها خبرة زراعية..!.
هذا بالنسبة للريف.. أما بالنسبة للمدينة فبإمكان ورش الخياطة المنزلية –على سبيل المثال- وقوامها آلة خياطة واحدة فقط أن تحقق دخلاً لا بأس به لمن يريد تحسين واقعه المعيشي…!.
إذاً نحن أمام واقع جديد يتطلب البحث عن أساليب جديدة للتكيف معه، لا أن نبقى نندب حظّنا، ونعوّل على الحكومة لتحسين الوضع المعيشي، مع الإشارة هنا إلى عدم تبرئة الأخيرة من مسؤولية ما وصلنا إليه من مستوى بات يتطلب اجتراح حلول استثنائية، واللجوء إلى خطط بديلة يفترض أن تكون قد أعدّتها مسبقاً لمواجهة أي ظرف طارئ..!.
حسن النابلسي
Hasanla@yahoo.com