بيلوسي تمزّق علناً خطابه.. ترامب ينجو من العزل
مزّقت رئيسة مجلس النواب الأمريكي الديمقراطية نانسي بيلوسي علناً، أمام وسائل الإعلام وأعضاء المجلس، نسخة خطاب الاتحاد التي سلّمها إياها الرئيس دونالد ترامب قبيل إلقائه، وسبق هذا التمزيق امتناع ترامب عن مصافحة بيلوسي، الأمر الذي يظهر تصاعد حدة الانقسامات التي تشهدها الساحة السياسية الأمريكية بسبب السياسات والتصرفات المتهورة التي يقدّم عليها ترامب، فيما نجا الأخير من قضية عزله من المنصب، إذ صوّت 52 عضواً في مجلس الشيوخ لصالح تبرئته من تهمة إساءة استخدام السلطة، فيما أيّد هذه التهمة 48 عضواً في المجلس،
ولقي تصرّف بيلوسي ردود فعل مرحّبة من الأمريكيين، ووصفوها بـ”البطلة والملكة”، وأشاد الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي بتحدي بيلوسي للرئيس الأمريكي، حيث علّقت ستيفاني لاند: “الملكة بيلوسي مزّقت خطابه إلى نصفين، ورمته على الطاولة كالقمامة”.
وكتب جورج كونوي: “لم يستحق خطابه أبداً أن يكون مطبوعاً على الورق، لذلك كان هذا الحل الصائب”، فيما كتبت مارتينا: الأفضل أن يمزّق خطابه، من أن يمزّق بلدنا”، وأكد آخر أنها “بطلة وملكة وأسطورة”.
وكتب آخر: تمزيق نانسي بيلوسي خطاب ترامب أمام وجهه الغبي هو شيء أكثر صرامة أراه في حياتي كلها.
وألقى ترامب خطاباً في رسالته الثالثة عن حال الاتحاد، بعد مداولات استمرت أسبوعين في مجلس الشيوخ لعزله، فيما وصفت بيلوسي تمزيقها نسخة الخطاب بأنه كان “تصرّفاً مهذّباً بالنظر إلى الخيارات الأخرى”.
وفي دلالة على عمق التوتر بين الخصمين، أمضت بيلوسي ساعة و18 دقيقة جالسة خلف ترامب في حالة من الحزن، وقالت في بيان لها بعد الخطاب: “إن الأكاذيب التي تم تقديمها في الخطاب صفحة تلو الأخرى يجب أن تكون بمثابة دعوة للعمل لكل من يتوقّع الحقيقة من الرئيس والسياسات الجديرة بمكتبه والشعب الأمريكي”، مضيفة: “الشعب الأمريكي يتوقّع، ويستحق أن يكون لديه رئيس يتمتع بالنزاهة والاحترام لتطلعاته”.
وأشارت بيلوسي إلى أن “خطاب ترامب لم يلق أي شعور بالراحة لـ 130 مليون أمريكي”، وتابعت: “مرة أخرى لم يكن الرئيس ترامب صادقاً في تصرفاته، وتراجع عن الكثير من وعوده.. وفي الأسبوع المقبل عندما يعرض ميزانيته سيرى الشعب الأمريكي الحقيقة الصارخة لجدول أعماله”. وبسؤالها عن إمكانية دعوته للإدلاء بخطاب آخر، أضافت بيلوسي: “لا أتمنى ذلك. أتوقّع رئيساً آخر خلال 9 أشهر من اليوم”.
وتتصاعد حدة الخلاف بين ترامب وبيلوسي، حيث اعتبرته رئيسة مجلس النواب في تصريحات لها مؤخراً أنه يمثّل “تهديداً مستمراً لأمن الولايات المتحدة القومي”.
وكان ترامب تجاهل مصافحة بيلوسي قبل بدء خطابه، ولكن هذه السيدة السبعينية أظهرت رباطة جأش منقطع النظير، فتجنّبت في تقديمها لخطاب الرئيس العبارات المعتادة، مثل “من دواعي سروري” أو “من دواعي الفخر البالغ”، التي يستخدمها رئيس المجلس عادة لدى تقديم رئيس البلاد لإلقاء كلمة بالكونغرس، وكل ما قالته عند تقديم ترامب: “أعضاء الكونغرس.. إليكم رئيس الولايات المتحدة”.
من جانبه، واصل ترامب سوق مزاعمه وادعاءاته عن إنجازات يحققها خلال فترته الرئاسية الحالية، متناسياً حجم المشاكل الكبرى التي تسبب بها على الصعيدين الداخلي والخارجي، وزعم أنه “وفى بوعوده التي كان قطعها”، دون أن يتطرّق إلى محاكمته، التي تم البدء بإجراءاتها في الكونغرس.
وقال ترامب في خطابه: “بخلاف كثيرين آخرين قبلي أنا أحافظ على وعودي”، فعلا تصفيق الجمهوريين، بينما لم يبد أي تأثّر على الديمقراطيين.
وفي القاعة نفسها، حيث تم اتهامه باستغلال السلطة وعرقلة عمل الكونغرس، أشار ترامب في خطابه إلى ما أسماه “العودة الكبرى لأمريكا” وإلى “النجاح الاقتصادي الكبير”، متحدّثاً عن اتفاقاته التجارية الأخيرة مع الصين وكندا والمكسيك.
ويواجه ترامب تصويتاً على تهمتين موجهتين له، وهما استغلال سلطته وعرقلة عمل الكونغرس، ورغم التوقعات بتبرئته نظراً إلى أن إدانته تحتاج إلى أكثرية الثلثين، في حين أن الجمهوريين حلفاء ترامب في المجلس يتمتعون بالأكثرية فيه، إلا أن هذه القضية ستؤثّر حتماً على وضعه قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة.
كذلك دافع ترامب في خطابه عن سياسته الخارجية، وخصوصاً تدخله السافر في فنزويلا وضغوطه على إيران، إضافة إلى حديث عن إنجازات تم تحقيقها في أفغانستان، وفق زعمه.