حلم 15 ألف معلم وكيل يتحوّل إلى حقيقة التثبيت للناجحين بعد اجتياز الدورة وتهيئة الظروف المناسبة للعملية التربوية
أوفت وزارة التربية بوعدها تجاه المعلمين الوكلاء، حيث تحول حلم عشرات السنوات إلى حقيقة، بعد صدور نتائج الامتحان الكتابي للمتقدمين، لتكون خطوة الوزارة رائدة في حل إشكالية الوكلاء الذين صمدوا أمام السبورة، رغم الأجور المنخفضة وغياب التأمين.
ويأتي توقيت حسم الموضوع برمته بتثبيت 15 ألف معلم وكيل من ذوي الكفاءة والخبرة للتدريس في مدارس التعليم الأساسي الحلقة الأولى، في ظل الظروف الراهنة وسنوات الحرب، ليكون بمنزلة هدية ثمينة أفرحت آلاف المعلمين الوكلاء، وخاصة أن هناك من مضى على خدمته في التدريس أكثر من 20 سنة متمسكاً بالأمل لآخر لحظة، وذلك حسبما أفادت المعلمة حلا التي أوضحت أنها وصلت إلى عمر 45 عاماً وهي مواظبة على التدريس، رغم أن الأمل كان ضعيفاً في تثبيتها.
ولم يكن وضع حلا حالة فردية، فهناك مئات الوكلاء قاربوا على سن التقاعد، وخاصة أنه في عام 2011 صدر المرسوم 62 القاضي بتثبيت العاملين المؤقتين ولم يشمل المعلمين الوكلاء، إضافة إلى أن أي قانون يصدر متعلق بالتثبيت يستثني الوكلاء؛ لأن قضيتهم تختلف عن موظفي الوزارات الأخرى، ولاسيما أن الوكيل يأتي مكان معلم مثبت في إجازة أو مفرغ لمصلحة جهة أخرى، لينتفي وجود الشاغر والملاك حسب القانون الأساسي للعاملين، وتستمر معاناة آلاف الوكلاء مع القوانين والأنظمة التي عاندتهم وهدّدت مستقبلهم الوظيفي بعد رؤية زملائهم يغادرون السلك التدريسي وبجعبتهم سنوات من الخدمة وتخريج أجيال، إلا أنهم خرجوا بخفّي حنين، وذهبت خدمتهم سدى دون مقابل.
تهيئة الظروف
“البعث” التقت عدداً من المعلمين الوكلاء والمتقدمين لمسابقة العقود التي أعلنت عنها الوزارة للفئة الأولى، حيث أبدى الكثيرون سعادتهم بعد قرار التربية بتثبيت الوكلاء والإعلان عن المسابقات المتلاحقة لمنح الفرص أمام الجميع، ولاسيما أن الوزارة أخذت على عاتقها توطين التعليم وتحسين المستوى المعيشي للمعلم، إضافة إلى تهيئة الظروف المناسبة والمريحة لاستمرارية العمل التربوي والتعليمي على أكمل وجه حسب تأكيدات وزير التربية عماد العزب الذي طلب من المعنيين وضع جميع القوانين والتشريعات على طاولة الدراسة، ليصار إلى تعديلها بما يتناسب مع المصلحة العامة وخاصة ضمان حسن سير العملية التربوية.
فتح الأبواب
ومع غمرة تثبيت الوكلاء والمسابقات بقي هاجس التعيين والمحسوبية والواسطة يؤرّق المتقدمين، حيث لم يخفِ بعضهم قلقه بناء على ما يدور في أروقة المديريات والمجمعات من ضرورة تأمين واسطة أو دفع مبالغ لضمان التثبيت والتعيين، ليأتي كلام وزير التربية واضحاً وشفافاً أمام مديري التربية خلال اجتماعه معهم، حيث أكد فتح الأبواب للإعلام وتلقي الشكاوى والاستماع للجميع وتوضيح القرارات والعمل ضمن الإمكانات المتاحة في النور وعلى مرأى الجميع، مشدّداً على محاسبة كل موظف يطلب أي شيء من المواطنين وحسم الموضوع والانتهاء من حالات الخلل والترهل والفساد في دوائر وأقسام المديريات.
دورات ملزمة
من جهته طمأن مدير التنمية الإدارية في وزارة التربية علي عبود المتقدمين بأن الوزارة ستعمل على تعيين جميع الوكلاء الناجحين بعد اجتياز الامتحان الشفهي دفعة واحدة حسب الشواغر المتاحة في المديريات، مشيراً لـ”البعث” إلى أنه بعد اجتياز الامتحان الشفهي وصدور قرارات التعيين خلال شهر واستكمال أوراق التثبيت يخضع المعينون لدورة تدريبية 6 أشهر خلال صيفي 2020 و 2021 بصفة معلم متمرّن، أما في حال عدم النجاح أو عدم الالتحاق بالدورة التدريبية فيتم تسريح المعيّن من الوظيفة بشكل نهائي وفق أحكام قانون الموظفين الأساسي رقم 135 لعام 1945، بينما تصدر الوزارة قرارات بأسماء من اجتازوا الدورات بنجاح ويعتبرون مؤصّلين حكماً بعد ذلك ويتم منحهم علاوة وفقاً لأحكام المادة 21 من القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم 50 لعام 2004 وتعديلاته.
لا يحق “للمفتوح”
وحول الوكلاء الذين لم تشملهم شروط المسابقة وما زالوا على رأس عملهم، أوضح عبود أنهم مستمرون بعملهم وفق الشواغر، أما بخصوص خريجي شهادة التعليم المفتوح وهل يحق لهم التقديم لمسابقة العقود، فقد بيّن عبود أن وزارة التعليم العالي أرسلت كتاباً إلى وزارة التربية أنه لا يحق لهم التقدم لهذه المسابقة.
وبالنسبة لمن لم يرِد اسمه ضمن الناجحين في الفحص التحريري لمسابقة الوكلاء، لفت عبود إلى أنه يحق له تقديم اعتراض، حيث تنتهي مدة تقديم الاعتراضات 13 شباط وترفع إلى وزارة التربية ويتم البت فيها خلال 5 أيام، كما يخضع الناجحون لفحص شفهي موزع على عدة أيام بدءاً من24 شباط، وقد تم تحديد الأماكن في قرارات أسماء الناجحين كل في محافظته التي تقدّم للفحص بها، حيث يشترط للنجاح في الفحص الشفهي الحصول على 10 درجات كحد أدنى، وكل من يتغيّب عن الفحص الشفهي يعدّ راسباً حكماً في المسابقة.
حق العسكريين
وأضاف عبود: إن أسئلة المقابلة الشفوية عبارة عن أسئلة تربوية هدفها الحوار مع المعلم لمعرفة سماته الشخصية وسلامة حواسه وسلوكه وأهليته للتدريس والمظهر، علماً أن الأسئلة لا تتعلق بأي اختصاص أو مادة علمية بل أسئلة حوارية من الثقافة التربوية للمعلم، كما يحق للعسكريين تقديم الفحص الشفهي في أي محافظة يرغبون بها ويتم التحاقهم بالوظيفة بعد التسريح مباشرة، معتبراً أن جميع المعينين ملزمون بالدورة التدريبية التي مدّتها 6 أشهر، سواء أكان معيّناً على الثانوية العامة أم حاصلاً على شهادة معهد إعداد مدرسين أم جامعة تربية معلم صف أو أي شهادة كانت.
سدّ الشواغر
وتعتبر محافظتا حلب وريف دمشق من أكثر المحافظات حاجة إلى سدّ الشواغر التدريسية، وذلك بعد تحرير المناطق وعودة الأمن والأمان إليها، حيث اعتبر مدير تربية ريف دمشق ماهر فرج أن مسابقة تثبيت الوكلاء التي أعلنت عنها وزارة التربية محطة مميزة في ركب تطوير الواقع التربوي، ولاسيما لجهة سدّ الشواغر التعليمية وتوطين التعليم، بالإضافة إلى سعي الوزارة لتحقيق الحلم الذي طالما سعى المعلمون الوكلاء إلى تحقيقه، وخصوصاً أن عدداً كبيراً منهم مارس التعليم بالوكالة لمدة تجاوزت عشرين عاماً، مبيّناً أن المديرية تستعدّ لإعداد المقابلات الشفوية خلال فترة تمتدّ أربعة أيام حسب المناطق التعليمية وتكليف لجان إدارية مختصة للمقابلات، حيث سيتم التعيين بعد صدور قرار الناجحين وفقاً للشواغر الحقيقية المتوفرة على مستوى المجمع التربوي حسب المنطقة التي تعهّد بها المتقدم بما يحقق العدالة والنزاهة في التثبيت.
وأكد فرج أن الذين لم تشملهم شروط المسابقة نتوجّه إليهم بالتقدير لوجودهم إلى جانبنا في الميدان التربوي وسيتابعون عملهم وفق الشواغر في المحافظة، وخاصة أن الناجحين في اختبار الوكلاء هم على رأس عملهم بطبيعة الحال والشواغر التعليمية متوفرة لكلتا الحالتين وليس هناك مؤشرات لانفكاكهم ما لم تصدر قرارات التعيين وتتم المباشرات بشكل رسمي.
عدد الناجحين
يشار إلى أن الوزارة أصدرت أسماء الناجحين في الامتحان الكتابي لمسابقة الوكلاء لكل محافظة بشكل مستقل، بقرارين الأول لذوي الشهداء والمصابين بحالة العجز التام، والثاني لباقي المتقدمين، وذلك حسب تسلسل النجاح، وبلغ العدد الإجمالي للمتقدمين لهذا الامتحان 16059 متقدماً، منهم 332 من ذوي الشهداء والمصابين بحالة العجز التام، و15727 من العاديين، وبلغ عدد الناجحين 15358 ناجحاً، منهم 322 من ذوي الشهداء والمصابين بحالة العجز التام، و15036 من المتقدمين العاديين، وتم تحديد موعد المقابلة الشفوية وأسماء المراكز في متن القرارات.
علي حسون