تراخيص الشركات 2019 : ريف دمشق واللاذقية في المقدمة وتراجع عام ومليار ليرة إيرادات
كلما تعمّق دخول البلاد في مرحلة الإعمار، تزداد الحاجة إلى تأسيس المزيد من الشركات، التي لا بد أن تترجم وتستوعب الحراك الاقتصادي، الذي هو عادة سمة من سمات اقتصاد ما بعد الحرب، فالشركات النشطة تسهم في الانفتاح الاقتصادي، وتسرّع عجلة الاقتصاد، بعد التباطؤ، فالخروج للتو من حالة حرب يعني الحاجة لإصلاح خلخلة البنية التحتية والمرافق، وخروج المنشآت من الخدمة، ما يقتضى الدخول في مشاريع إعمار جديدة لتعويض ما هدمته الحرب.. وهكذا يصبح ترخيص الشركات مؤشراً مهماً على هذه التحولات الاقتصادية كلها، فكيف بدا مشهد ترخيص الشركات خلال عام، وكيف يمكن قراءة مؤشراته؟.
تراجع الترخيص..
خلافاً للمتوقع، تراجع عدد الشركات التي رخصتها مديرية الشركات في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، خلال العام الفائت، قياساً إلى سابقه، حيث رخصت 8148 شركة أفراد انخفاضاً من 11846، و706 شركات تضامنية، مقابل 823، و156 توصية بسيطة مقابل 162، و26 مساهمة مقابل 33، بينما شكّلت المحدودة المسؤولية استثناء، إذ ارتفع عددها إلى 730 من 644، وظلت الشركات القابضة مستقرة عند 27 شركة، بينما بلغ عدد شركات التطوير العقاري 61 شركة، أغلبها محدودة المسؤولية، وتتوزع بين شركات محلية وأخرى أجنبية، علماً أن الهيئة العامة للتطوير والاستثمار العقاري ألغت، في وقت سابق، تراخيص 16 شركة لعدم جديتها في طرح مشاريع حيوية، وفقاً لما ذكر المدير العام للهيئة الدكتور أحمد الحمصي.
التوزّع الجغرافي
تتفاوت حركة ترخيص الشركات من محافظة إلى أخرى على نحو ملحوظ، وذلك تبعاً لحركة النشاط الاقتصادي والتنموي، وغالباً ما تكون محافظة ريف دمشق هي الأكثر ترخيصاً للشركات، فمن إجمالي 8148 شركة أفراد، (الشكل الأكثر رواجاً وانتشاراً في الاقتصاد المحلي)، كان نصيبها 2138 شركة، أي بمعدل الربع تقريباً، وحوالى النصف من الشركات المحدودة المسؤولية، ونسب مهمة من بقية الأشكال القانونية الأخرى للشركات، ورخصت اللاذقية أيضاً 1010 شركات أفراد، وطرطوس 955 شركة، فحماة 843، وحمص 715، في حين ظلت بقية المحافظات دون مستوى الـ700 شركة. وقد أمّنت حركة الترخيص إيرادات لمصلحة المديرية وصلت إلى 972 مليون ليرة سورية.
الترخيص التراكمي
رفعت الشركات التي رخصت، خلال العام الفائت، الرصيد التراكمي للشركات المرخصة في البلاد، وقد بلغ العدد الإجمالي لشركات الأفراد -كما في نهاية كانون أول 2019- قرابة 486 ألف شركة، 230 ألفاً منها تتركز في ثلاث محافظات (ريف دمشق، حلب، دمشق)، أما إجمالي الشركات المملوكة للقطاع الخاص، فقد بلغ نحو 94 ألفاً، مقابل 196 للقطاع العام، و23 للمشترك.
جهات أخرى
وقالت مديرة الشركات إلهام شحادة: إن المديرية تنسق مع الجهات الوصائية، لتشجيع الجهات والفعاليات العاملة تحت إشرافها، للحصول على التراخيص اللازمة لمباشرة وتقنين أنشطتها، ويأتي في مقدمة هذه الجهات مصرف سورية المركزي، والهيئة العامة للتطوير والاستثمار العقاري، وهيئة الإشراف على التأمين، وهيئة الأوراق والأسواق المالية، وغيرها.. لافتة إلى جملة من التسهيلات، التي تمنحها المديرية لتيسير الحصول على الأوراق والثبوتيات اللازمة للترخيص.
أنشطة وجنسيات
عند تجاوز الحديث عن عدد الشركات المرخصة إلى الأنشطة التي تزاولها هذه الشركات، فإن النشاط الغالب عليها هو صناعة وتجارة المواد الغذائية، ومن ثم قطاع التشييد والإعمار والأنشطة المتعلقة بالتعهدات والمقاولات ومستلزمات مواد البناء، وبنسب أقل الأنشطة التقنية والهندسية. وبالإضافة إلىالسوريين، هناك الكثير من الجنسيات الشريكة في هذه التراخيص، أهمها الصينية والروسية والإيرانية والعراقية والإماراتية والكويتية واللبنانية وغيرها..
التعويل على المساهمة
يعدّ الشكل المساهم من الشركات هو الشكل الأقل انتشاراً بين الشركات، لكنه الأكثر تأثيراً وخدمة للاقتصاد الوطني، ذلك أنه يوسع ملكية الشركات، ويستوعب فوائض مدخرات الأفراد، ويعرّف قانون الشركات الشركة المساهمة بأنها تتألف من عدد من المساهمين، ويكون رأسمالها مقسماً إلى أسهم متساوية القيمة، وقابلة للتداول والإدراج في أسواق المال، كما تطرح جزءاً منه للاكتتاب العام، بحيث تكون مسؤولية المساهم فيها محدودة بالقيمة الاسمية للأسهم التي يمتلكها في هذه الشركة.
وأهم مزايا هذه الشركات بالنسبة للمساهمين فيها، أن أداءها يقع تحت رقابة جمعية عمومية منتخبة من المؤسسين والمساهمين، بحيث تطرح القضايا التي تتعلق بعمل الشركة للتصويت، كما أن مجلس إدارتها مسؤول أمام هذه الجمعية عن نتائج أعمال الشركة، التي بطبيعة الحال، لا بد أن تطبّق معايير الحوكمة والإفصاح والشفافية في كل ما يتعلق بظروف عملها.
وتخضع الشركات المساهمة لرقابة وإشراف هيئة الأوراق والأسواق المالية، ويتجاوز عددها الـ50 شركة، بيد أن بعضها لا يلتزم بمعايير واشتراطات الهيئة، لجهة إعداد الميزانيات، وعقد الجمعيات، وتدقيق حساباتها من مدقق حسابات معتمد، وغير ذلك من القضايا ذات الصلة، وقد تمكنت الهيئة من تكييف أوضاع 27 شركة من هذه الشركات، هي الآن مدرجة في سوق دمشق للأوراق المالية، وموزعة على ستة قطاعات. وتسمح القوانين والأنظمة النافذة بترخيص أغلب الأشكال القانونية للشركات سواء أكانت شركات أشخاص (تضامنية، توصية، بسيطة، محاصة)، أم شركات أموال (المساهمة، التوصية بالأسهم، ذات المسؤولية المحدودة). ويلعب عديد العوامل الداخلية والخارجية دوراً مهماً في انتشار أو تراجع هذه الشركات، ولعل أهمها النظام الاقتصادي العالمي الجديد، الذي تزول به صور الحماية، والدعم والاحتكار وانفتاح الأسواق، وظهور المنافسة وثورة المعلومات والاتصالات الحديثة، فضلاً عن تحديات الاستثمار والتوسع، وتتفاوت الأشكال القانونية للشركات تبعاً لأهداف المؤسسين وغايات التأسيس..
أحمد العمار