كذبك حلو .!
لينا أحمد نبيعة
أعلم جيداً بأنه صادق حد الغباء، ولكن يمكنه أن يخدعكم بمنتهى الإصرار، لن يحتاج سوى صورة التقطها ذاتياً لوجهه حيث يجعله الفلتر أنقى، ويبدو وسيماً ومبتسماً مكتمل المزاج، وقد يكون البحر هادئاً نسبياً خلفه، وقد تمر امرأة جميلة بالصدفة فكيف تدخل كادر الصورة حتى هو لا يعلم، حيث يتعمد أن يغافلها بتلك اللقطة المخادعة .لا يحتاج سوى إلى قدرة مضاعفة على الضحك، ليبدو سعيداً ومليئاً بالحياة، ولديه ما لا يمكن حسابه بـ”الواط” من الطاقة الإيجابية .
هو في ذاك البيت المحدود المساحة، الذي لا يكفي لخطوتين رياضيتين، لكنه يستطيع بكل سهولة أن يستغفلنا، بأنه يجلس على تراس لمطعم فخم يحوم حوله الخدم والحشم، فقد يتغدى في لبنان، ويتعشى في دمشق، ويتناول وجبته المفضلة من الموالح في الطائرة، ويوحي لكم أنه كثير الحركة وماهر بالألعاب الرياضية، رغم أن لديه تقارير طبية تحذر من أن عظامه هشة، ويمكن أن تكسرها نوبة سعال شديدة.
من هناك من نصف العتمة والفراغ واللاشيء، يستطيع أن يقنعكم بأنه مشغول أكثر من أم العروس، وأجندته مزدحمة كجدول أعمال الجامعة العربية، في مواسم الشقاق والنفاق.
لا وقت لنا في ساعته المتأخرة، لا وقت لديه ليحك فروة رأسه، فهاتفه دائم الرنين وكأنه مصاب بفرط نشاط طفولي، يضع مكالمات لحوحة على قائمة الانتظار، يتذمر من قصر النهار وخفة الليل، ويشكو أن الأيام ترمح كالخيل بلا هوادة .
عاشق ومعشوق هو، لا مساحة ربع شاغرة في قلبه الفندقي القوام، وله مواعيد ليلية ثابتة ونهارية طارئة، وأخرى يهدرها في نظم الأشعار، فهو يحب كلما مرّ الهوى .
هو كاذب وكذوب وكذاب، هو أجمل كاذب رأيته في حياتي، كان قصده بريئاً، فقط أراد أن يبدو أمامكم رجلاً متعدداً ومشغولاً أو متشاغلاً، لديه مهمات طارئة ومواعيد مستعجلة وعلاقات متشابكة، باختصار ما يوصف في ورقة النعي بأنه (حياة حافلة) نعم كان يريد حياة حافلة فقط، هو يحاول أن يثير غيظكم فقط، فيوهمكم بأنه سعيد، لا يحزنه إلا حزنكم، أو ربما كان يريد أن يلفت انتباهكم قليلاً، علّكم تتذكرون أنه موجود بينكم بكامل حزنه وغيابه .