الصفحة الاولىصحيفة البعث

رئيس الحكومة يعوّل على الشراكة: المواطن هو البوصلة “المركزي” يستهجن طروحات التجار: منفصلة عن الواقع

 

دمشق- حسن النابلسي:
بدت نبرة حاكم مصرف سورية المركزي، الدكتور حازم قرفول، حادة تجاه قطاع الأعمال، عندما اعتبر أن طروحاتهم ترمي بالكرة إلى ملعب الفريق الحكومي، وأن حديثهم حول عدد من القضايا، التي أثاروها خلال اجتماع رئيس مجلس الوزراء أمس مع اتحادات غرف التجارة السورية، منفصل عن الواقع، وكأنه يُطرح في عام 2010، وليس في عام 2020، ولا ينم عن أية شراكة مع الحكومة، وأن ثمة فارقاً كبيراً بين هذا الاجتماع واجتماع الصناعيين يصل إلى 180 درجة، مؤكداً أن قرارات المصرف المركزي واقعية، وتتواءم مع متغيّرات المرحلة، وأن سعر الصرف يعكس بالمحصلة معلومات حول حجم تحديات هذه المرحلة من عقوبات ودمار بالبنى التحتية ومشكلة التهريب وغيرها، متحفّظاً على تجاهل التكاليف التي يتكبّدها المركزي لجهة الحد من تذبذب سعر الصرف.
وأبدى الحاكم استهجانه من طروحات التجار الغريبة، خاصة تلك المتعلقة بـ”فتح باب الاستيراد على مصراعيه للحد من التهريب”، إذا ما علمنا أن فاتورة الاستيراد تبلغ 7 مليارات دولار، لافتاً إلى أنه عندما كانوا يطالبون المركزي برفع سعر الفائدة على القطع الأجنبي إلى مستويات تقارب مستويات القطاع المصرفي اللبناني “12%”، كان المركزي ينبههم إلى أن ثمة مخاطر تحيط بلبنان، ولذلك يرفع الأخير مستوى سعر الفائدة، وبالفعل هذا ما حصل، مشيراً إلى أن أغلبية التجار “لا ينامون دون أن يحوّلوا أموالهم السورية إلى دولار”..!.
وكان رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس قد وضع عنواناً عريضاً لاجتماع الأمس هو “المواطن السوري”، معوّلاً على أن يضطلع التجار بدورهم ومسؤولياتهم تحت هذا العنوان كونهم شركاء حقيقيين للحكومة، بحيث يكون هناك عمل مشترك يفضي إلى تأمين السلع والمواد بأسعار مقبولة، فالمواطن يعاني من حيثيات كثيرة، والمسؤول الأول لتفاديها هم القائمون على اتحاد غرف التجارة، إضافة إلى الفريق الحكومي بصفته ُمشرِّع، وبالتالي لا بد من كيفية تطوير العمل المشترك بين الطرفين، وتقديم سلع بسعر مقبول، وتعزيز التعاون على صعد عدة، في ظل عدد من المتغيّرات، خاصة التوجه نحو تجفيف المنطقة من القطع الأجنبي، معوّلاً على دور رجال الأعمال لتجاوز هذا الواقع، فهم الحائز الأكبر على المال.
وركّز المهندس خميس على أن الحكومة مسؤولة عن التشريعات والقوانين وتسهيل الخدمات ورسم السياسات، لكن القطاع الخاص هو مرجعية الحكومة بما تجتهده من قرارات، كما أن الاتحادات هي المكوّن الأقوى في كل دول العالم، لذلك لابد أن تكون شريكاً حقيقياً للحكومة.
وبالعودة إلى طروحات التجار التي أثارت حفيظة الحاكم، فقد تركّزت حول المرسومين التشريعين “3” و”4″ اللذين يحظران التعامل بغير الليرة السورية، وترويج الإشاعات المغرضة بحق سعر الصرف، وممارسات تطبيقهما على أرض الواقع، مطالبين بإصدار التعليمات التنفيذية لهما بحيث تميّز بين المضارب والتاجر “المستورد والمصدّر”، وبيّن رئيس غرفة تجارة حلب، في هذا السياق، أن إحدى الدوريات دخلت أحد المحلات وضبطت دولاراً موضوعاً تحت لوح زجاج طاولة المحل، إلى جانب تدخّل كل الوحدات الشرطية بتطبيق هذين المرسومين.
وهنا تعهّد رئيس الحكومة بمعالجة الأمر فوراً، وحصر تطبيق المرسومين بالمجموعة المكلفة بذلك، فيما بيّن حاكم مصرف سورية المركزي في هذا السياق أيضاً أنه لا تعديل على أحكام أنظمة القطع، فالمرسوم “3” شدد العقوبة على من يتعامل بغير الليرة السورية، ولم يتغيّر أي شيء بالنسبة لمن يحق له التعامل بالقطع الأجنبي وفق أحكام  أنظمة القطع سواء المستورد، أم المصدّر..!.
واعتبر رئيس غرفة تجارة ريف دمشق وسيم قطان أنه لا يمكن ضبط التهريب إلا بالسماح بالاستيراد، أما أمين سر غرفة تجارة دمشق محمد حمشو، فقد تحدّث عمّا ولّدته بعض القرارات من انطباعات سلبية، خاصة القرار رقم “5” الخاص بحصر بيع العقارات والمركبات عبر المصارف، وأن التاجر الذي يعتبر أساسياً بالمشهد الاقتصادي نُحيَ جانباً لصالح المهرب، مبدياً استعداد التجار العمل مع الحكومة، إلا أن بعض القرارات تدعو للانكماش، وبالتالي يفترض أن يكون هناك تشاركية مع التجار لاتخاذ القرارات حتى يكون هناك رؤية واقعية عن السوق.
ومن الطروحات أيضاً أن الثقة مهزوزة بالقطاع المصرفي، ما أدى إلى تهريب جزء كبير من الأموال السورية إلى المصارف اللبنانية، وأن بعض شركات الصرافة تتقاضى عمولة تصل نسبتها إلى 45% لتمويل المستوردات، فضلاً عن التصرفات غير المسؤولة من قبل الجمارك، إذ أن إحدى دوريات الجمارك في حلب صادرت 200 طن من الألبسة المهربة، وقامت ببيعها في السوق مباشرة..!.
وتمّت المطالبة بعقد مزيد من الاتفاقيات التجارية مع عدد من دول العالم، خاصة الأفريقية نظراً لاعتبارها أسواقاً واعدة، ولاسيما في هذه المرحلة التي تشي بتلاشي الأسواق أمام البضائع السورية، ليبيّن وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور سامر الخليل أن هناك العديد من الاتفاقيات مع العديد من الدول، إلا أنه وللأسف لم يصل بعض من أسواق هذه الدول البضائع السورية، رغم ما تمنحه من امتيازات للتاجر السوري..!.
وفرضت مشكلة توزيع الغاز نفسها في هذا الاجتماع، إذ تطرّق بعض التجار إلى ما أحدثه تأخّر وصول رسائل شركة تكامل إلى المستهلكين، فرغم أن هذا الموضوع  خارج إطار الاجتماع، إلا أنه لا بد من طرحه نظراً لما أحدثه من تداعيات سلبية على المواطن السوري، الذي ذاق الأمرين جراء تصرفات الشركة غير المسؤولة، وكان أيضاً للقطاع العقاري نصيب من حديث التجار الذين دعوا إلى إصدار مخطط تفصيلي لمحافظة حلب.