“أيقونة الحب”!
ليوم الرابع عشر من شباط مكانة خاصة لدى السوريين، فهو بالنسبة لهم يوم المقاومة للاحتلال الصهيوني وممارساته العدوانية في الجولان السوري المحتل، وفي الوقت ذاته يمثّل يوماً لتأكيد حبهم لبلدهم، وارتباطهم بالأرض التي لم ولن يفرطوا بذرة من ترابها الغالي، حيث تتجدد في كل عام ذكرى رفض أهلنا في الجولان الحبيب للهوية الإسرائيلية، وثباتهم، وانتمائهم لبلدهم، واستمرارهم في مقاومة الاحتلال الصهيوني، وتجديد العهد على أن تبقى أرض الجولان عربية حتى تعود إلى الوطن الأم “سورية”.
لا شك في أن جميع السوريين يتشاركون في حبهم لبلدهم الذي لم يكن في يوم من الأيام إلا رمزاً للعطاء والحياة، ولم يقدم في حياته إلا كل ما من شأنه خدمة البشرية وبناء الإنسانية، إنها سورية صاحبة الحضارة والتاريخ، والناطقة بالأبجدية الأولى، إنها الأم الوليدة للعظماء والشهداء على أرض الطهارة والقداسة، وهي الأم التي هزت عروش التآمر والخيانة بصمودها ومقاومتها، وأسقطت أقنعة دعاة العالم للحرية الزائفة، وأكاذيبهم الغارقة بالدم، ببطولات جيشها، ووحدة شعبها، وحكمة قيادتها، إنها بلد المقاومة، والقلب النابض بالعروبة، وقبلة الإسلام المعتدل، والمدرسة النضالية التي عشنا ومازلنا نتنعم بخيراتها وعطاءاتها، وكبرنا بين شغاف سيادتها ووحدتها، إنها الوحيدة التي ننحني لها بعد الله.
سورية أيقونة الحب والانتصار التي تبنت القضية الفلسطينية، وكانت بمثابة القبلة لمقاومتها التي دعمت وناضلت لعقود طويلة من أجل حق الشعب الفلسطيني في استعادة أرضه وحقوقه المشروعة، ها هي اليوم ترفض صفقة القرن، وتقف بوجه كل المتآمرين والخونة، وبكل فخر كسوريين نقول إنها استطاعت، بعظمتها وبأشعة حقيقتها الساطعة في ظلمة المؤامرة، أن تبقى رمزاً للصمود والمقاومة، وقد أقر العالم كله بأن لكل إنسان في هذا العالم وطنين: وطنه الأصلي، وسورية منبع الحضارة وعبق التاريخ، بل بوابته التي غزاها الإرهاب من أكثر من ثمانين بلداً في حرب لا مثيل لوحشيتها التي لن ينساها التاريخ، ولن يرحم من خطط لها وموّلها ودعمها لتدمير بلد السلام، وقتل مواطنيه، وتهجيرهم من أرضهم، ومحاربتهم في لقمة عيشهم من خلال الحصار الاقتصادي والعقوبات التي استهدفت كسرة الخبز، وأغذية الأطفال، والأدوية، وكل متطلبات المعيشة لمعاقبة شعبها بالتجويع والفقر.
ولكن دمشق بقيت صامدة بكل إباء وشموخ لتدافع عن هويتها التاريخية والحضارية، عن سيادتها وحريتها، ووقف شعبها خلف الجيش العربي السوري في خندق المواجهة الأول ضد تلك العصابات المسلحة، وبالمزيد من الثبات والصمود والتصميم على صنع النصر، وخاضت معركة وجودية ليس فيها سوى خيار واحد وهو النصر المحقق ببطولات جيش لا يعرف الهزيمة، وتضحيات شعب لا يعرف الانحناء إلا لله، وقيادة حكيمة لا تعرف الاستسلام، وتستمد قوتها من شرعيتها المطلقة، والتفاف الجماهير حولها.
نعم إنه عيد الحب لبلدنا، عيد الثبات والصمود في وجه الاحتلال الصهيوني، والتمسك بالهوية السورية التي ترفرف راياتها على هضبة الجولان، وأصوات المجد الصارخة: (وطنا حنا فدوى لك حنا.. وطنا).
بشير فرزان