وعود ترامب الكاذبة
إعداد: عائدة أسعد
ما نسيه الكثير من الناس أن ترامب كمرشح في انتخابات عام 2016 وعد بأن يكون جمهورياً من نوع مختلف. وعلى عكس التيار الرئيسي لحزبه، أعلن أنه سيرفع الضرائب على الأغنياء ولن يقطع البرامج المحلية مثل الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية والمساعدات الطبية التي يعتمد عليها الأمريكيون العاديون، وفي الوقت نفسه سيستثمر مبالغ كبيرة في إعادة بناء البنية التحتية الأمريكية.
لكن على العكس من ذلك، أطلق تخفيضات ضريبية ضخمة للشركات وإعفاءات ضريبية استفاد منها الأغنياء بأغلبية ساحقة، والجانب الوحيد غير التقليدي للتشريع هو مجموعة متنوعة من عمليات الاحتيال الضريبية الجديدة التي جعلتها ممكنة مثل الفوائد التي تعود على المستثمرين في مناطق الفرص، وكان من المفترض أن تساعد المجتمعات الفقيرة ولكن زادت من مليارديرات المتعهدين.
اقترب ترامب أيضاً من تمرير إصلاح للرعاية الصحية الذي كان من شأنه أن يفرض تخفيضات كبيرة على شركة “ميديكيد”، وأزال الحماية عن أولئك الذين يعانون من ظروف موجودة مسبقاً ونزع التأمين الصحي من أكثر من 30 مليون أمريكي، ولم يكن هناك بالطبع فاتورة للبنية التحتية بل أصبحت التصريحات المتكررة التي أصدرتها إدارة ترامب عن أسبوع البنية التحتية نكتة جارية!.
حتى الآن لا يزال الخبراء السياسيون يتخوفون من ميزانية ترامب الأخيرة، حيث لم يكن هناك الاختلاف الكبير نفسه كما في الميزانيات السابقة: أخذ من الفقراء والطبقة المتوسطة وأعطى للأغنياء، وبعبارة أخرى تبيّن أن ترامب عملياً عكس ما يتظاهر به وبقي ملتزماً بالاقتصاد الهابط كما فعل الجمهوريون في الكونغرس لعقود.
غالباً ما يقول الناس إن ترامب قد استحوذ على الحزب الجمهوري، وهذا صحيح فيما يتعلق بأمور مثل سيادة القانون ودعم الديمقراطية، لكن الحزب يسيطر عليه عندما يتعلّق الأمر بالسياسة الداخلية.
بعد أن نسفت إدارة ترامب عجز الموازنة من أقل من 600 مليار دولار إلى أكثر من 1 تريليون دولار، تخلّت إلى حدّ كبير عن المطالبة بالاهتمام بالديون الحكومية التي وصفها الجمهوري بول ريان في عهده بأنها تهديد وجودي.
إن الأخبار الاقتصادية في السنوات الأخيرة ليست جيدة، كما يدّعي ترامب، بعدما كان الاقتصاد قوياً بالفعل ويعكس إلى حدّ كبير حقيقة أنه بعد تعثر الاقتصاد مع التقشف المالي تحت قيادة باراك أوباما تبنى الجمهوريون إنفاق العجز في حكم ترامب، وبينما يرغب بتشغيل عجز بقيمة تريليون دولار لمنح إعفاءات ضريبية عملاقة للشركات والأثرياء، هو مصمّم مثل بقية حزبه على جعل الحياة أكثر صعوبة لمن هم أقل حظاً.
ولكن لماذا تحوّل ترامب إلى أن يكون جمهورياً تقليدياً؟ حسب الرأي السائد هو لا يهتمّ بالسياسة، ومن المؤكد أنه لا يشعر بأي تعاطف مع الأميركيين الأقل حظاً أو أي شخص آخر، لذلك كان سعيداً بالتوصل إلى صفقة ضمنية مع المؤسسة الجمهورية وهي عليك تنفيذ أجندة سياستك المعتادة واحصل على الفساد وإساءة استخدام للسلطة.
إن المكان الوحيد الذي انحرف فيه ترامب عن العقيدة المحافظة هو حربه التجارية، لكن لماذا هو رجل التعريفة الذاتية؟. من المفترض أنه أراد إعادة التصنيع الأمريكي وحتى لو كان هذا هو الدافع وراءه حقاً فقد فشل في ظل اقتصاد قوي عموماً، فالكل يعلم أن أمريكا تشهد ركوداً صناعياً، وتشير تقديرات مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى أن تعريفة ترامب التي رفعت تكاليف الأعمال قلّلت بالفعل من فرص العمل في الصناعة.
والسؤال الأهم الآن هو ما إذا كان ترامب سيدفع أي ثمن لخيانة كل وعوده. لقد استولى الديمقراطيون على مجلس النواب في عام 2018 إلى حدّ كبير بسبب ردّ الفعل الشعبي ضد محاولته لتدمير برنامج “أوباماكير”، ولكن هناك خطراً حقيقياً من أن يفجروا الانتخابات بجعلها استفتاء على أفكار طموحة مثل ما يُسمّى ببرنامج الرعاية الصحية للجميع، بدلاً من جهود ترامب المستمرة لتدمير البرامج التي يحبها الأمريكيون.