عيد الحب.. تبادل للهدايا والوعود عبر وسائل التواصل الاجتماعي.. ونظرة تفاؤلية للمستقبل
يغزو صفحات التواصل الاجتماعي في هذه الفترة من كل عام اللون الأحمر ليعبّر عن اقتراب عيد الحب متمثّلاً بالهدايا، والأغاني، والدعوات للحفلات في هذا اليوم الذي يتعمّد فيه الكثير من الشباب إنهاء علاقاتهم العاطفية قبل حلوله بفترة وجيزة تهرباً من الهدايا، لتعاود تلك العلاقات نشاطها من جديد مع نهاية هذا العيد الذي شوّهه الجيل الحالي، فبدلاً من أن يحافظ على رمزيته بجمع المحبين ببعضهم، بات الهم الأكبر إنهاء العلاقات العاطفية خوفاً من شراء هدية، الأمر الذي أضفى على الرابع عشر من شباط طابعاً مادياً بحتاً على عكس الغاية منه تماماً، فعندما رفض القديس “فالنتاين” قرار الامبراطور الروماني كلاديوس الثاني بمنع عقد قران الشباب غير المتزوجين كي يذهبوا إلى الحرب، كان هذا القديس يدافع عن أسمى أنواع العلاقات وهي “الحب” بعيداً عن أية مصلحة، فكان جزاؤه الإعدام في الرابع عشر من شباط، وكانت هذه بداية الاحتفال بعيد الحب إحياء لذكرى القديس الذي دافع عن حق الشباب في الزواج والحب.
تناقضات
ورود ودببة وزينة وهدايا، وشوارع لبست اللون الأحمر قبيل عيد الحب، لتزدان واجهات المحال التجارية بشتى أنواع الهدايا التي غلفت بطريقة جذابة تغري العشاق من ذوي الطبقة الراقية لشرائها مهما كان ثمنها، في حين يكتفي العشاق ممن لا يملكون ثمن هدايا الحب الباهظة بالجلوس في الحدائق العامة، وتبادل الكلام المعسول، إذ فاقت أسعار الهدايا التصور، ليصل سعر الدب الكبير ذي الرداء الأحمر إلى 300 ألف ليرة سورية، والأمر اللافت أن الإقبال على شراء هذه الهدية جيد حسب ما أفادنا به بعض أصحاب المحال، فلكل سعر معين زبون خاص به لا يهمه دفع مبلغ كبير ثمن هدية لفتاة أحلامه، مبررين ذلك بجملة “من طرف الجيبة”، في المقابل أنست الأزمة التي نمر بها شبابنا هذه المناسبة بعد أن فضّلوا حب بلدهم سورية على أية معشوقة ثانية، فحبهم لوطنهم واستبسالهم في الدفاع عنه هو ما جعلهم يحتفلون بعيد الحب “حبهم لوطنهم فقط”، مقدمين له أجسادهم مصبوغة باللون الأحمر.
استطلاع
أظهر استطلاع عربي أن 27,7% ممن شاركوا في الاستطلاع يرغبون في تقديم هدايا لا تزيد قيمتها عن 50 دولاراً، في حين أن 16,1% أبدوا استعدادهم لإنفاق ما بين 51 و100 دولار، بينما أكد أكثر من 10% رغبتهم في دفع أكثر من 150 دولاراً مقابل تقديم هدية قيّمة لأحبائهم، وتصدر مواطنو دول الخليج لائحة الأكثر رغبة في الإنفاق في هذا العيد، واعتبر 72% من المستطلعين العرب أنفسهم رومانسيين، في المقابل احتلت الهدايا العينية في هذا الاستطلاع المرتبة الأولى في الهدايا التي يؤمل أن يتم تلقيها في هذا العيد، ومن ثم الورود، والمكالمات الهاتفية، تليها بطاقات المعايدة بعيد الحب، في حين أن 2% أبدوا رغبتهم في تلقي قصائد شعرية كتبها أحباؤهم.
مواصلة الحياة
كذلك لن تمنع الأزمة التي نعيشها اليوم المطاعم والفنادق من إقامة حفلات فنية، حيث يتهافت الفنانون الذين يجدون في مثل هذه المناسبات فرصة ذهبية لملء جيوبهم بالمال من جيوب الطبقات المخملية التي مازالت موجودة بالرغم من سنوات الأزمة التي لم تمر عليهم، فنجدهم يتسابقون في الحجز بأرقى هذه المطاعم والفنادق، حيث يقوم الكثيرون، برأي “صاحب محل بيع ورود”، بشراء باقات الورود قبل عيد الحب بيومين، ويحتفظون بها في المنزل كي يتجنبوا شراءها في يوم الفالنتاين نظراً لتضاعف سعرها في يوم الحب ليتجاوز سعر الوردة الواحدة ألفي ليرة، وأكد عدد من أصحاب المحال التجارية أن أغلب المقبلين على شراء الهدايا هم من البنات، حيث يقمن باقتناء عطور ذكورية وتحف رومانسية يطالبن بتزيينها ووضعها في علب حمراء بانتظار قدوم الرابع عشر من شباط.
رسائل الكترونية
عند سؤالك المعتاد هذه الأيام لشريحة الشباب عن نوع الهدايا التي خصصوها لهذا العيد، سنجد أن إجابات أغلبية الفتيات متشابهة باقتصار معايداتهن على رسائل الكترونية لأحبائهن البعيدين عنهم دفاعاً عن أرض سورية، فسورية اليوم بحاجة للحب أكثر من أية فتاة أخرى، وعند الكبار يبقى العيد رمزاً لحب الوطن، فالوطن برأيهم بحاجة للحب هذه الفترة أكثر من أي وقت مضى، لأن الأزمة جعلت قلوب أبناء الوطن قاسية على بعضها، فهذا اليوم هو فرصة لمزيد من المصالحة ليعرف الجميع أنهم يشتركون في حب الوطن، في حين لايزال المراهقون يخططون لقضاء هذا العيد في المطاعم مصرين على الاحتفال، لأن على أرض سورية ما يستحق الحياة، فبلدهم من وجهة نظرهم عطشى للحب، وجيلهم والأجيال القادمة هي من ستروي هذا العطش.
ميس بركات