سورية أنتجت الرز منذ 1948 والقطن توسّع على حسابه!.. موائدنا تحتاج إلى 300 ألف طن سنوياً مستوردة 100%
معلومة جديدة أضافتها لنا دراسة صادرة عن الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية، أعدّتها مجموعة من الباحثين، حول (تسجيل أصناف من الرز الهوائي في ظروف سهل عكار- طرطوس).. وإذا نجحت زراعة الرز في البلاد، فلن تكون المرة الأولى التي تزرع فيها سورية هذا المحصول، فقد زُرع منذ عام 1948، في المناطق التي تتوافر فيها المياه بكثرة ضمن محافظة الرقة، ولاسيما على ضفتي سرير نهر البليخ، كما زُرع في تلكلخ والغاب قبل تجفيفه، وفي محافظتي الحسكة ودرعا.
قبل التوسّع في القطن
ونظراً لانتشار زراعة القطن وارتفاع أسعاره، مع انخفاض تكاليف إنتاجه قياساً إلى الرز، إضافة إلى خطر تفشي الإصابة بالملاريا نتيجة الغمر الدائم لحقول الرز، وطول فترة نموّه، مقابل انخفاض أسعار نظيره المستورد، فقد توسّعت زراعة القطن على حسابه، حتى عام 1960، إذ انخفضت مساحة الثاني لمصلحة الأول من 2372 هكتاراً إلى 200 هكتار، وبسبب شحّ المصادر المائية ومحدودية مصادرها، التي يعاني منها معظم دول العالم، فقد تراجعت زراعة الرز المغمور، واتجهت الأبحاث إلى استنباط أصناف جديدة أكثر تحمّلاً للجفاف، سمّيت الرز المروي المتحمل للجفاف، أو الرز الهوائي.
الرز من جديد
دفعت الأهمية الاقتصادية والغذائية لمحصول الرز إلى إجراء الأبحاث والدراسات المختلفة، وذلك بهدف استنباط أصناف تتناسب مع البيئة المحلية، ونجحت إحدى هذه الدراسات بمتابعة بعض مدخلات وأصناف الرز، تحت ظروف الزراعة في طرطوس، (مركز بحوث طرطوس)، حيث زرعت أصناف الرز الهوائي (19 صنفاً) خلال المواسم بين 2015- 2018، وذلك بهدف دراسة إنتاجية هذه الأصناف واستهلاكها المائي، وكانت السقايات المائية المقدمة للصنف (Nerica 11) هي 8745م3/هـ بطريقة الري بالتنقيط، وإنتاجية هذه الأصناف (طن/هـ)، هي لهذا الصنف بحدود ستة أطنان.
الأصناف
أُدخلت الأصناف المدروسة إلى البلاد، عبر مشروع إدخال زراعة الرز في سورية، بالتعاون بين وزارة الزراعة، ممثلة بالهيئة، ومنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، وقد تفاوتت بين حبة قصيرة ومتوسطة وطويلة، ومن منشأ مختلف (إيطالي، صيني، جنوب إفريقي، مصري، فلبيني)، وأظهر عديد التجارب إمكانية زراعة الرز الهوائي (غير المغمور) في غير منطقة، ولاسيما سهل عكار في طرطوس ودبا في اللاذقية وفي محافظات الرقة وحماة والحسكة وير الزور.
نتائج مبشّرة
وقال مدير الموارد الطبيعية في الهيئة الدكتور محمد منهل الزعبي: إن هذه التجارب أتت بنتائج مبشرة على المستويات كافة، سواء على مستوى إنتاجية الهكتار الواحد، أم الاحتياج المائي، الذي وصل إلى ما يقارب 8000 متر مكعب، مقابل المعدل العالمي 15 ألف متر مكعب.
وأضاف الزعبي: إن تكلفة الإنتاج وصلت إلى 150 ليرة سورية للكغ الواحد، أي بوفر عن المستورد بنحو 850 ليرة، ما يعني توفير مبالغ ضخمة كانت تخصّص لتغطية استيراد هذه المادة الأساسية بالقطع الأجنبي، أما مرحلة نضجه الكامل، فوصلت إلى 120 يوماً، مبيّناً أن الاحتياج السمادي للرز قريب من احتياج القمح، ولا يتطلب أية مبيدات، مشيراً إلى أن زراعة المحصول ستكون في أيار المقبل، وأن أحد المخترعين السوريين ابتكر آلة لتقشير الرز، وهي من المستلزمات الضرورية التي تسهّل عملية الإنتاج، علماً أن سورية تستهلك حوالى 300 ألف طن سنوياً، وهي مستوردة 100%.
عن المحصول..
ويعدّ الرز ثاني محاصيل الحبوب بعد القمح، حول العالم، من حيث الأهمية الاقتصادية والمساحة المزروعة، وثالثها من حيث كمية الإنتاج، ويشكل الغذاء الرئيس لنصف سكان المعمورة تقريباً، وهو حتى الآن أهم بند للإنفاق على الفقراء في مناطق كثيرة من آسيا، أكبر القارات سكاناً، ويكفي للدلالة على أهميته وانتشاره، أن دولاً كثيرة تقتات عليه، ومنها الصين والهند واليابان وأندونيسيا وماليزيا وفيتنام وباكستان وبنغلاديش.
زرع الرز في جنوب شرق آسيا منذ عصور بعيدة، ويعود استنباته إلى حوالى 5000 سنة، وتجمع الدراسات أن موطنه الأصلي جنوب الهند، أما العرب، فأدخلوا زراعته إلى حوض المتوسط في القرن السادس ميلادي، ويصنف هذا المحصول، إلى جانب الذرة والقمح، كواحد من ثلاثة محاصيل استراتيجية عالمياً، ويضم نادي كبار منتجي الرز عدداً كبيراً من الدول، أبرزها الصين، والهند، وإندونيسيا، وفيتنام، وتايلاند، وبنغلاديش، وبورما، والفلبين.
أحمد العمار