القمع يتصاعد في تركيا.. والذريعة محاولة الانقلاب
يصعّد النظام التركي حملات الاعتقال، التي بدأها منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز 2016، في الوقت الذي تتعمّق فيه جراح الاقتصاد التركي نتيجة سياسات أردوغان المتهوّرة، حيث أصدرت سلطات النظام التركي مذكرات اعتقال بحق 228 شخصاً بذريعة صلتهم بمنظمة فتح الله غولن، الذي يتهمه نظام رجب طيب أردوغان بالوقوف وراء محاولة الانقلاب. وقال الادّعاء في ولاية أزمير غرب البلاد: “إنه تم إصدار مذكرات اعتقال بحق 101 عسكري في الخدمة الفعلية و56 من الجنود السابقين الذين تقاعدوا أو استقالوا أو تم طردهم”.
وفي عملية منفصلة، أصدر ممثلو الادّعاء في العاصمة أنقرة أيضاً مذكرات اعتقال بحق 71 شخصاً، منهم 33 موظفاً في الخدمة الفعلية بوزارة العدل بذريعة صلاتهم بمنظمة غولن.
ويشن نظام أردوغان منذ محاولة الانقلاب حملة قمعية شديدة لاستهداف معارضيه وخصومه، حيث تم اعتقال وإقالة عشرات آلاف الأشخاص في مختلف المؤسسات المدنية والعسكرية في البلاد.
ويتساءل الأتراك عن نهاية هذه الحملة الأمنية، وفي حين يعتبرها البعض “فرصة” لأردوغان والدائرة المحيطة به لتصفية حساباتهم مع خصومهم السياسيين، ينظر اليها البعض الآخر، وإن بلهجة ساخرة، على أنها باتت جزءاً من سياسات النظام التركي.
وانتقد حلفاء غربيون لتركيا وجماعات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان نطاق الحملة الأمنية، وقالت منظمة العفو الدولية في تقريرها السنوي عن أوضاع حقوق الإنسان في تركيا بعد الانقلاب: إن وقوع محاولة الانقلاب أدى إلى شن حملة قمعية واسعة النطاق من قبل النظام ضد عدد كبير من الموظفين الحكوميين وموظفي المجتمع المدني، وأضافت: توافرت أدلة على تعرض المعتقلين للتعذيب في أعقاب محاولة الانقلاب، وفُصِلَ قرابة تسعين ألف موظف حكومي من الخدمة، وأُغلِقت المئات من دور الإعلام والمنظمات غير الحكومية، وتم اعتقال صحفيين وناشطين، وأعضاء في البرلمان، واستمرت انتهاكات حقوق الإنسان من قِبَل قوات الأمن مع الإفلات من العقاب، وخاصةً في المناطق الواقعة في جنوب شرق تركيا.
إلى ذلك، تراجعت الليرة التركية أمام الدولار إلى أضعف مستوياتها في التداولات العادية منذ أيار الماضي، وذلك قبيل قرار وشيك من البنك المركزي بشأن السياسة النقدية ووسط قلق المستثمرين حيال التوترات الناتجة عن سياسات أردوغان وتدخله السافر في شؤون الدول المجاورة.
وخلص استطلاع رأي أجرته رويترز إلى أن البنك المركزي التركي، الذي خفض سعر فائدته 1275 نقطة أساس منذ تموز، سيخفض على الأرجح أسعار الفائدة 50 نقطة أساس أخرى إلى 10.75%، ويقول المستثمرون: “إن الإفراط في التيسير النقدي قد ينال من قوة العملة في ظل ارتفاع التضخم في الأشهر الأخيرة”.
وفقدت الليرة حوالي 2% منذ بداية العام أمام الدولار، بالإضافة إلى هبوط 36% على مدى العامين الأخيرين انطلقت شراراته خلال أزمة عملة في 2018، كما تراجع المؤشر القياسي لبورصة اسطنبول 0.9%، إذ نزل مؤشر القطاع المصرفي أكثر من 1%.
ولم يكن انهيار الليرة التركية مفاجئاً في خضم التوترات القائمة، فقد سبق أن حذّر خبراء اقتصاديون من أن سياسات أردوغان وتدخلاته الخارجية تدفع الاقتصاد التركي إلى حافة الانهيار، كما أنها ليست المرة الأولى التي تشهد فيها العملة الوطنية التركية موجة هبوط حاد، ففي العام 2018 فقدت الليرة التركية نحو 40% من قيمتها للأسباب ذاتها.