متى ستحاسب إسرائيل؟
سمر سامي السمارة
لم يعد الكيان الصهيوني يكتفي بشنّ غارات عدوانية على الأراضي السورية فحسب، بل ضاعف سلاح الجو الإسرائيلي إجرامه باتخاذه طائرات مدنية كغطاء خلال هجماته الأخيرة.
هذا التقييم الذي قدّمته وزارة الدفاع الروسية أظهر أن بيانات الرحلة تؤكد أن الغارة الجوية التي شنّتها أربع طائرات حربية إسرائيلية من طراز إف 16 بالقرب من دمشق قد عرّضت بشكل متعمّد طائرة مدنية على متنها 172 راكباً للخطر. وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية الجنرال إيغور كوناشينكوف: إن الطائرات الإسرائيلية كانت تختبئ فعلياً خلف إشارة الرادار الخاصة بطائرة إيرباص -أ 320- أثناء اقترابها من مطار دمشق الدولي بهدف شنّ غارات جوية على أهداف بالقرب من العاصمة السورية.
وبفضل العمليات التقنية والتشغيلية للدفاع الجوي السوري، تمّ التعرف على طائرة الركاب بشكل صحيح، إذ تمكن الطاقم من إبعاد وإخراج الطائرة المدنية من منطقة مجال إطلاق الصواريخ المضادة وتمّ إنزالها بأمان في مدرج مطار بديل في قاعدة حميميم الروسية شمالاً في اللاذقية.
وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية كوناشينكوف إن ما حدث مؤخراً كان خدعة استخدمتها “إسرائيل” خلال مناورات الغارات الجوية الأخيرة، إذ تُعرّض قواتها الجوية المدنيين بشكل متعمّد للخطر باتخاذهم “كدروع بشرية” لعملياتها الهجومية.
وبذلك تجدر الإشارة إلى أن “إسرائيل” لا تنتهك القانون الدولي والسيادة السورية من خلال القيام بأعمال عدوانية عبر الغارات التي تشنها فحسب، بل إنها تستخدم الطائرات المدنية كرهائن بحكم الأمر الواقع في الجو.
راهن الإسرائيليون وفقاً لحساباتهم الشيطانية على أن أنظمة الدفاع الجوي السورية سوف تمتنع عن القيام بعمل دفاعي لتجنّب وقوع إصابات بين المدنيين. وبالتالي، يكون بإمكانهم شنّ غاراتهم الجوية غير القانونية بحرية باستخدام المدنيين كدروع بشرية.
في الحقيقة، هذه ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها الإسرائيليون مثل هذا العمل الدنيء، فقد استغلت الطائرات الحربية الإسرائيلية، طائرات مدنية أخرى بطريقة مماثلة من قبل لشنّ الغارات على سورية.
ففي أيلول عام 2018، اتهمت موسكو “إسرائيل” بتعريض طائرة استطلاع روسية للخطر عمداً ما أدى إلى مقتل 15 من أفراد طاقمها. في تلك الحادثة، حلقت طائرات إسرائيلية من طراز ف 16- خلف إشارة الرادار لطائرة إيل -20 وهي تقترب من قاعدة حميميم الجوية ثم أطلقت الصواريخ على الأراضي السورية. ردّت روسيا بعد تلك الحادثة بتعزيز الدفاعات الجوية السورية المتحالفة بنظام “إس 300″.
في أية حال، الأمر الذي يجب كشفه هو السلوك المشين لـ”إسرائيل” التي تقوم بشنّ غارات عدوانية على سورية بموجب ذرائع ومزاعم باطلة ومزيفة ، فالضربات الإسرائيلية هي أعمال عدوانية واضحة وصريحة، وتأتي امتداداً لسياسة عدوانية ينتهجها الكيان الصهيوني بعد فشل الرهان على الجماعات الإرهابية والتكفيرية، ومن المتوقع أن تتواصل هذه الاعتداءات، خصوصاً بعد فشل كافة المحاولات السياسية والردعية التي راهنت من خلالها تل أبيب على تحقيق النتائج التي تأملها.
وهنا لا بد لنا من التساؤل عن الدور الذي كانت ستلعبه وسائل الإعلام الغربية لو أن دولة أخرى هي من تقوم بمثل هذه الاعتداءات؟!.
لا بد من أنها، ستقدم تقارير لا تُعدّ ولا تُحصى، تدين من خلالها الدولة التي قامت بالاعتداءات باعتبارها منبوذة وإرهابية، كما ستغرق الأمم المتحدة بقرارات لفرض عقوبات صارمة، فالمعايير المزدوجة هي السائدة.
يتمثّل حجم النفاق المذهل في الطريقة التي يُعاقب بها الاتحاد الأوروبي سورية، وهي الدولة العربية التي مزقتها الحرب وباتت غير قادرة على استيراد الأدوية الحيوية بسبب عقوبات الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي لا يفعل شيئاً لمعاقبة “إسرائيل” أو محاسبتها على انتهاكاتها الوقحة للقانون الدولي.
السؤال المتعلق: إلى أي مدى يمكن أن تمضي “إسرائيل” في عنجهيتها وإجرامها؟ والأمر نفسه ينسحب أيضاً على وسائل الإعلام الغربية ومؤيدي “إسرائيل” السياسيين الدوليين وعلى رأسهم الإدارة الأمريكية.
حتى تلتزم” إسرائيل” بالقانون الدولي لابد من محاسبتها قبل كل شيء على كل ما تقوم به من انتهاكات للقانون الدولي، ويجب أن يُنظر إلى الحدث الدنيء المتمثل في تعريض طائرة مدنية للخطر باعتباره القشة الأخيرة التي قصمت ظهر البعير.