أردوغان يريد “دولة إسلامية” شمالي سورية
ترجمة: علاء العطار
عن “أميريكان هيرالد تريبيون” 22/2/2020
اندلعت في إدلب يوم الخميس الماضي اشتباكات عنيفة بين الجيش العربي السوري والجيش التركي وحلفائه الإرهابيين، ما أدى إلى مصرع جنديين تركيين وجرح خمسة آخرين، وهدأ الوضع بعض الشيء يوم الجمعة ريثما قرر أردوغان الاتصال بالرئيس بوتين لمناقشة الأحداث الميدانية، وحافظت روسيا على موقفها بانسحاب تركيا من إدلب واحترام اتفاق سوتشي لعام 2018، الذي يلزم تركيا بفصل المدنيين عن المجموعات الإرهابية.
ببال أردوغان خطة لينفذها في سورية، وهو يحظى بدعم ترامب والاتحاد الأوروبي، إذ يريد إنشاء “دولة إسلامية” في شمالي سورية، ويرغب باحتلال إدلب لجعلها شريطاً حدودياً طويلاً على طول الحدود السورية التركية، والذي سينتهي على الحدود العراقية السورية، ويدعي أردوغان أن هذا الشريط الحدودي سيكون “منطقة آمنة”، وقبل الاتحاد الأوروبي خطته، بل ذهب إلى حد عرض تمويلها لإنشاء جميع البنى التحتية التي تحتاج إليها أي منطقة حديثة العهد.
وسترسل تركيا وأوروبا جميع اللاجئين إلى “المنطقة الآمنة، بحجة أن أعداد اللاجئين السوريين غمرتهما، وهما الآن يبحثان عن طريقة فورية للتخلص من عبئهم.
أبو محمد الجولاني هو القائد الأعلى “لهيئة تحرير الشام”، التي كانت تعرف باسم “جبهة النصرة، وهي فرع من تنظيم “القاعدة” في سورية، تسيطر هذه المنظمة الإرهابية على إدلب، إلى جانب شريكيها، “الحزب الإسلامي التركستاني” و”حراس الدين”، ارتكبت هذه التنظيمات المئات من جرائم الحرب والمجازر بحق المدنيين السوريين، إذ قتل 15.000 مدني في حلب بقذائف الهاون والصواريخ وقنابل الغاز السام في الأعوام التسعة الأخيرة، وقتل آلاف المدنيين العزل في محردة وسراقب وسلمية بقذائف الهاون والصواريخ والسيارات المفخخة، وتشكل حلب وإدلب وحماة مثلثاً عانى لتسع سنوات من الهجمات اليومية للإرهابيين في إدلب، الذين تلقوا أموالاً وأسلحة من تركيا والولايات المتحدة والناتو وبعض دول الخليج العربي، واستمر برنامج الغذاء التابع للأمم المتحدة في دعم الإرهابيين وعائلاتهم.
وفي الآونة الأخيرة، ناشد أردوغان الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والناتو لدعم عملياته العسكرية في إدلب، تحت ستار “القلق بشأن الوضع الإنساني”، إلا أنهم تلكؤوا عن مساعدته، وطلب المسؤولون الغربيون من أردوغان بتحفظ أن يحث الجولاني على الإدلاء ببيان علني مسجل يعلن فيه حلّ تنظيمه، وهذا سيفسح المجال أمام دعم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، بيد أن الجولاني خذلهم، ونشر فيديو يجدد فيه هدفه في إنشاء “يوتوبيا إسلامية” في إدلب.
وما زالت قرية كسب لم تتعاف من تدنيس الإرهابيين لها في عام 2014، ولم يعد إليها جميع سكانها ولم يرمموا أملاكهم المتضررة لأن الإرهابيين لا يزالون يطلقون الصواريخ على القرية من إدلب، والتي قتلت مدنيين عزل وشوهت آخرين، وظلت مدينة اللاذقية هدفاً متكرراً لصواريخ الإرهابيين التي تستهدف مناطق سكنية، ففي صيف عام 2015، أطلق الإرهابيون 11 صاروخاً في يوم واحد على أهداف سكنية في اللاذقية، واستخدموا طائرات بلا طيار لاستهداف القاعدة الجوية الروسية في مطار حميميم بالقرب من اللاذقية، واكتشف الخبراء العسكريون أن مصدر هذه الطائرات العسكرية المتطورة هو تركيا.
وصلت التوترات بشأن إدلب إلى ذروتها، في وقت قد يتواجه فيه السوريون وحلفاؤهم الروس مع الأتراك وحلفائهم الإرهابيين في صراع عسكري محتمل واسع النطاق، وقد يتصاعد التوتر بين الطرفين ليصل إلى حرب مفتوحة أو قد يتبدد ويتحول إلى مفاوضات يتوسطها طرف ثالث، هو إيران، إن قدّر للمفاوضات أن تبدأ وتنجح، فقد نشهد تسوية سياسية جديدة مقبولة في نظر جميع الأطراف، ولن تنضم روسيا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار إذالم توفر تركيا ضمانات بنزع سلاح تنظيم “هيئة تحرير الشام”.