المكاسب الاقتصادية للحرب على اليمن
ترجمة: هناء شروف
عن الاندبندنت 23/2/2020
من بين الأحداث العديدة المروعة التي وقعت في الشرق الأوسط الأسبوع الماضي كانت القصة التي لم يلاحظها أحد وهي أن جندياً يقاتل في اليمن، وبعد أن اكتشف أنه لم يتلق راتبه منذ فترة طويلة، قام بسحب سلاحه على الفور وإطلاق النار على نفسه بالرصاص. كانت وفاة الشاب المذعور بسبب عجزه عن إطعام أسرته، بمثابة تذكير للبؤس الذي يلف الحرب اليمنية دون توقف، وهي واحدة من العديد من الصراعات الطاحنة التي حولت مساحات شاسعة من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى مناظر طبيعية من الرعب و الحرمان.
مأساة الحرب التي دامت خمس سنوات في اليمن هي مأساة النزاعات العديدة في المنطقة، والأكثر إثارة للسخرية أن الصراع في اليمن هو أكثر الصراعات في العالم قابلية للحل السريع لو أخلصت القوى الدولية والغربية النوايا بدلاً من تجاهل الأمر وكأنه لم يكن، فاليمن ليس مثل ليبيا التي تعد محط اهتمام القوى الدولية الكبرى، فاليمن لديها القليل من النفط إنه مجاور لمضيق باب المندب الذي لا يمر منه إلا القليل من صادرات النفط الدولية.
وعلى خلاف حركة طالبان وخليفة حفتر، أكدت جميع القوى المتحاربة في اليمن رغبتها في تقاسم السلطة، فليس هناك طرف عاقل يمكن أن يظن أن بإمكانه حكم هذه الدولة الواقعة جنوب شبه الجزيرة العربية بمفرده. في الواقع هناك القليل من التصعيد لأي من الأطراف لمواصلة الحرب في اليمن. ومثل كل الحروب، ولَدت هذه الحرب الاستغلاليين الذين يرون مصلحة في استمرار الصراع. لكن اليمن لا يزال من بين أفقر البلدان على وجه الأرض.
بدأت المملكة السعودية والإمارات المتحدة الحرب على اليمن منذ خمس سنوات وبدلاً من التوجه نحو النهاية، أصبحت حرب اليمن أكثر تعقيداً وخطورة مع مرور كل شهر. إن الفصائل هي الآن في حالة حرب أساسية، حيث يشتبك المجلس الانتقالي الجنوبي ذو التوجه الانفصالي المدعوم من الإمارات المتحدة مع حكومة رئيس الوزراء عبد ربه منصور هادي المدعوم من المملكة السعودية.
بالنسبة للمملكة السعودية، فإن الصراع كان رخيصاً، لكن الحقيقة أن الحرب تكلف السعودية 60 مليار دولار. أنفقت الرياض بلا شك عشرات المليارات من الدولارات لدفع ثمن أسلحة الحرب والمرتزقة لإبقاء حكومة هادي الهشة قائمة. تخيل لو أنه بدلاً من تمويل الحرب على مدى السنوات الخمس الماضية، استثمرت الرياض نصف ذلك المبلغ في مشاريع تعليمية وزراعية يمنية – ربما وجدت عملاً مثمراً ومدفوعاً للشباب الذي قتل نفسه بالرصاص بسبب أجور غير مدفوعة الأجر الأسبوع الماضي.
لم تذهب محادثات السلام بين الأطراف المتحاربة التي بدأت في أواخر العام الماضي إلى أي مكان، مع وجود مؤشرات على أن هدنة هشة فوق مدينة الحديدة الساحلية آخذة في الانهيار.
في هذه الأثناء، تواصل القوى الغربية – خاصة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا – بيع أسلحة للمملكة السعودية، وتوفر لها غطاء دبلوماسي للحرب التي يعترفون بها في لحظات خاصة بأنها مفلسة أخلاقياً وتؤدي إلى نتائج عكسية من الناحية الاستراتيجية. إذا ضغطنا عليهم أكثر سيقرون بأنهم يفعلون ذلك ليس بالضرورة لأن الشركات الغربية تستفيد مباشرة من مبيعات الأسلحة للصراع اليمني، ولكن لأن المملكة السعودية والإمارات المتحدة تشتري الكثير من الأسلحة، وتوفر فرص العمل وتحقق أرباحاً في الغرب. وهذا ما يوفر غطاء دبلوماسياً لاستمرار الصراع في اليمن .