أول جيش نظامي ينتصر في حرب عصابات مركبة..
د. مهدي دخل الله
ظواهر مدهشة من الناحية التحليلية شهدتها الحرب على سورية، منها أن بلداً صغيراً واجه وحيداً أعتى قوى الهيمنة مع حلفائها وأتباعها (روسيا دخلت شرعياً نهاية عام 2015 بعد دخول أمريكا القسري بعدة أشهر).
ومنها أن الدولة السورية كانت الوحيدة في تاريخ الحروب التي حافظت على الاستحقاقات الدستورية، بل إنها قامت بتطوير الوضع الدستوري وعدد من القوانين المهمة، إضافة الى المحافظة على الحياة اليومية الطبيعية في المناطق الآمنة..
لكن ما يدهش أكثر، من هذا وذاك، هو ما يحصل في الميدان. فالجيش العربي السوري هو أول جيش نظامي يحقق انتصارات متوالية في حرب عصابات واسعة، وتزداد هذه الظاهرة إدهاشاً بسبب أن حرب العصابات التي تجري على أرضنا حرب مركبة، أي أنها مدعومة بجيوش نظامية بشكل مباشر. الحديث هنا عن الجيش التركي والأمريكي الداعمين لحرب العصابات في الميدان..
لا يقتصر عدوان الجيشين المذكوريْن على خلق مصاعب أمام الدولة السورية الشرعية، وإنما يتعدى ذلك إلى الدعم الميداني المباشر للعصابات، خاصة ما تقوم به تركيا في محافظة إدلب.
وإن قراءة سريعة لتجارب الجيوش النظامية في حرب العصابات تؤكد أن الجيش السوري هو الأول في التاريخ المعاصر الذي ينتصر على حرب عصابات مركبة. الحروب التي خاضتها الجيوش النظامية كانت ضد حروب عصابات بسيطة، بمعنى أنها لم تتدخل فيها جيوش ضد الجيش النظامي..
الجيش النظامي الوحيد الذي انتصر في حرب عصابات قبل التجربة السورية هو الجيش الروسي في الشيشان. لكن حرب الشيشان كانت ضعيفة جداً مادياً وعسكرياً وجغرافياً بالنسبة لجغرافيا روسيا الواسعة وقدرة جيشها..
حرب العصابات التي أخذت شكل مقاومة شعبية في فيتنام والجزائر وجنوب لبنان انهزمت فيها الجيوش النظامية شر هزيمة، الجيش الأمريكي في فيتنام والفرنسي في الجزائر والإسرائيلي في لبنان.. أما في سورية فإن الجيش يواجه قوى إرهابية، وهو الأمر الأكثر صعوبة لأن الإرهابيين كالجراد يدمّرون أي شيء وكل شيء، إضافة إلى أنهم يتلقون دعماً ضخماً من إسرائيل وقوى الهيمنة والاستعمار الجديد والتكفيرية والعثمانية كافة.
ما هو السر في هذا كله؟..
السر هو في الجانب الذي يقف فيه الشعب والحق والوطنية.. في فيتنام والجزائر ولبنان كان الشعب مع المقاومة، فانهزمت الجيوش النظامية العدوانية، أما في سورية، فالشعب يقف خلف جيشه العربي السوري النظامي ودولته الشرعية المنتخبة، وهذا الأمر يعطي جيشنا النظامي قوة ما بعدها قوة، بينما تقوم العصابات عندنا بالإرهاب والقتل والتدمير مدعومة بقوى العدوان في العالم..
هذا يؤكد أن شكل الحرب ليس مهماً بخصوص النصر، المهم هو أين يقف الشعب، فهذا هو العامل الحاسم في تحقيق النصر..
mahdidakhlala@gmail.com