الغائب في مكتبة “الحكومة”..!؟
ثمة قضايا تعد بمثابة المتلازمة لحياة المواطن اليومية، قضايا اقتصادية ومعيشية وخدماتية..إلخ، لا تلقى الاهتمام والعناية الواجبة، لناحية بعدها التأثيري الغائب تاريخياً وعلمياً (سيسيولوجيا)، عن مفردات الفكر الحكومي والذهنية المسؤولة المصدرة للقرارات التي تمس مساً مباشراً تفاصيل التكلفة المادية اليومية لهذا المواطن!.
ولعل المستغرب، ألا يكون البعد التأثيري لأي قرار، في مقدمة حسابات الحكومة قبل إصدارها لقرار ما يتعلق بالمواطن، للحد الذي لا يحسب له حساب، ولا يعنى به أو يكون مطروحاً حتى للنقاش والدراسة، ناهيكم عن غياب الدراسات المختصة بذلك أصلاً!؟.
ومن المستهجن كذلك، ألا يكون لدى الحكومة، بوصفها سلطة تنفيذية، ولو أبسط أبجديات قياسات الرأي العام (لا قبل إصدار أي قرار ولا حتى بعده)، لا بل نكاد نجزم، أن هذا المنهج غير موجود في أدبيات صناعة القرار!.
غياب مبادئ وقواعد علم القياس ومناهجه من مكتبة حكوماتنا السابقة واللاحقة والحالية، أدى لتركم الآراء السلبية، واتساع مساحة عدم الثقة بين المواطن والسلطة التنفيذية، أوصلنا إلى ظاهرة مقلقة بل وخطرة، تمثلت بالتنامي التدريجي لعدم تقبل أي قرار يصدر عن الحكومة ووزاراتها، حتى ولو كان فيه صالحاً عاماً، تذمراً، عدم قبول، ثم تشكيك، فرفض تجاوز الكلامي للمادي!.
واقع من الرأي العام، وصلنا إليه، ننبه من عواقبه، ونقترح إن كان هناك من يسمع ويتقبل ما نطرح؛ نقترح أن يتم وبشكل مسبق، وقبل إصدار أي قرار يمس المواطن في دخله ومعيشته، القيام بحملة إعلامية، توعوية توضيحية، توجه للذين سيشملهم التأثير، يبين فيها خلفيات ودواعي ومسببات القرار وأهدافه، وبيان سلبياته قبل إيجابياته، أي أن نكون شفافين في كل تفصيل وتدبير، قطعاً لأي تشكيك.
أما وأن نبقي المواطن في حالة ترقب وتوجس، من أي قرار جديد، وخاصة في ضوء تلاحق القرارات التي تمس مقدراته المادية ومتطلباته المعيشية، فهذا لن يؤدي إلا لزيادة الشرخ، وبالتالي خلق حالة مجتمعية غير صحيحة وصحية، في مرحلة حساسة ومصيرية!.
هنا ومن باب مقاربة الضرورة الواجب تطبيقها قبل أي قرار، نشير إلى أنه وحتى في المعارك العسكرية، يتم ما يسمى بـ”التمهيد المدفعي”، قبل أي هجوم، كي تكون النتائج فاعلة ومؤثرة وناجحة، كما وأن القوى العظمى إذا ما أرادت أن تستهدف دولة أو مجتمعاً أو اقتصاداً، بعمل مادي أو معنوي، تلجأ لحشد رأي عام دولي، عبر تمهيد دعائي و إعلامي مسبق، لتحضير الأرضية المناسبة في دولها نفسها، وفي الدول المستهدفة، لتحدث أكبر تأثير ممكن لما ستقوم به.
ولكوننا في حالة حرب متنوعة الجبهات والغايات: عسكرية وإعلامية ونفسية واقتصادية، نعتقد أننا بحاجة ماسة، إن ما أردنا تحصين الداخل وجعله داعماً لأي قرار حتى ولو كان “مرا” ، إلى تلك العقلية القادرة على التحصين، وتحشيد الرأي المجتمعي الوطني الإيجابي، كي نستطيع المواجهة للقادم، وإلا…، فهل بلغنا…!!!؟
قسيم دحدل
qassim1965@gmail.com