ابتزازات أردوغان.. هل تعجّل بطرد الأتراك من أوروبا؟
سنان حسن
في كل مرة يفشل فيها رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان في تحقيق أحلامه الطورانية العثمانية في سورية، يرمي بورقة المهجّرين السوريين، بفعل إرهاب عصابته المجرمة، بوجه العالم، ويبدأ جولة جديدة من الابتزاز والمقامرة بأرواحهم، حيث تشكّل أوروبا، المنقسمة حول انضمام تركيا إلى منظومتها، المكان المناسب للتنفيذ والابتزاز.
فبعد الموجة الأولى التي أطلقها في نهاية عام 2014 وبداية 2015، وما تلاها من قبول الاتحاد الأوروبي بدفع فاتورة ضخمة وصلت إلى 7 مليارات دولار لوقف موجات الهجرة، ها هو اليوم يعيد سيناريو الابتزاز، وإن كانت الحاجة إلى الأموال ضرورية، كما يدعي، إلا أنه يأمل من ألمانيا وفرنسا وغيرها من الدول الوازنة في القارة العجوز أن تؤيد مغامرته المجنونة في سورية، واللحاق به لدعمه في إنشاء منطقة آمنة، ولكن السؤال الملح حتى الآن: هل تذعن أوروبا العجوز لرغباته المجنونة؟.
ما هو واضح حتى الآن أن الزعماء الأوروبيين يستهجنون الفعل الأردوغاني وينددون به، كما فعل المستشار النمساوي سيباستيان كورتس، بالأمس، الذي أكد أنه لا ينبغي أن يكون الاتحاد الأوروبي عرضة للابتزاز، معلناً أن هذه الممارسات بمثابة هجوم تشنه تركيا على الاتحاد الأوروبي واليونان، مشيراً إلى أن أردوغان يضلل المهاجرين من خلال “وعود كاذبة”، في حين كانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أكثر وضوحاً عندما “دعت أردوغان إلى عدم استغلال اللاجئين”، مشددة أن تعاونه، أي أردوغان، مع الملف “غير مقبول”. فيما بدا موقف المفوضية الأوروبية حتى الآن غير حاسم، ففي الوقت الذي ترسل فيه إشارات تضامن مع أثينا من خلال عقد رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال ورئيس البرلمان الأوروبي دافيد ساسولي اجتماعاً مع المسؤولين اليونانيين قرب الحدود التركية، حيث يوجد 13 ألف مهاجر يحاولون الوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي – بحسب إحصاءات الأمم المتحدة – يصل إلى أنقرة وفد برئاسة جوزيف بوريل الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي ومفوض الاتحاد الأوروبي لإدارة الأزمات يانيز لينارسيت لبحث أزمة المهاجرين الذين فتحت تركيا أبوابها أمامهم للتوجه نحو اليونان ثم أوروبا.
أما الصحافة الأوروبية والعالمية، فقد كانت أكثر فضحاً لابتزاز أردوغان وزمرته الإرهابية للعالم، حيث رأت صحيفة الاندبندنت البريطانية أن مخطط أردوغان لابتزاز أوروبا بهدف تحقيق مكاسب جديدة على غرار ما حدث عامي 2015 و2016 لن ينجح طويلاً، معتبرة أنه يتعيّن على قادة أوروبا والولايات المتحدة إقناع رئيس النظام التركي “بالقوة” بأن رفضه التعاون سيعود عليه بخسائر أكبر بكثير من إثارته عدم الاستقرار.
فيما كانت صحيفة “واشنطن اكزامينر” الأمريكية الأكثر تشدداً في رفض الابتزاز الأردوغاني، بدعوتها قادة أوروبا بضرورة معاملة تركيا بالمثل وإعادة الأتراك الموجودين في أوروبا إلى وطنهم الأصلي، بحيث تقوم مقابل كل مهاجر يجتاز الحدود التركية بإعادة مهاجر تركي إلى بلده، مشيرة إلى أن الأتراك الذين نجحوا في الحصول على الجنسية الأوروبية لم ينجحوا في الاندماج بالمجتمعات الأوروبية.
إذاً أمام كل ذلك، يبدو أن حماقات أردوغان ومحاولته الضغط على أوروبا من بوابة المهجّرين ستؤزّم العلاقات بين الجانبين، التي ومنذ 2005 أثناء تولي أردوغان رئاسة الحكومة، شهدت توتراً كبيراً بسبب ممارسته وعدم وفائه بالالتزامات التي قطعها لدخول الاتحاد الأوروبي، وغيرها من قضايا أججها بعد دعوى الانقلاب الفاشل في عام 2016 ، وبالتالي ما يطمح إليه قد ينقلب عليه وعلى الأتراك في أوروبا، وقد تدفع الكثير من الدول الأوروبية إلى التفكير جدياً بطردهم إذا واصل نظامهم الإخونجي الاستمرار في سياسة المقامرة والابتزاز التي يقوم بها، فيما سيبقى بعض السوريين، الذين ارتهنوا لسياسته وأطماعه، ورقة لا أكثر، تارة يحارب بهم كمرتزقة وعبيد، كما يفعل بهم حالياً في ليبيا، وتارة يرميهم في عرض البحر بهدف ابتزاز العالم ودفعه إلى الوقوف معه.