سورية أرض الحضارات
تميزت سورية منذ فجر التاريخ بأنها أرض الحضارات ومنطلق الديانات, وتكاد شعوب العالم كلها تجد على أرض سورية جذورها وأصولها ومنبت حضارتها، إذ هنا على الطرف الشرقي للبحر المتوسط, وفي موقع ست مرخو, بالقرب من مدينة اللاذقية يوجد أقدم أثر للإنسان العاقل في العالم حيث عثر على فؤوس حجرية بدائية, تعود إلى حوالي مليون سنة, وهنا كانت الصياغة الأولى للمعرفة البشرية بأرقى أشكالها, واخترعت الأبجدية التي كانت نوراً سطع من بلاد الشام فأضاء الكون علماً وعمّت المعرفة بين الأمم.
على أرض سورية أبدع الإنسان الأول في عصور ما قبل التاريخ معارفه الأولى في استصلاح الأرض وزراعتها وتدجين الحيوانات ومعرفة الفخار والمعادن والزجاج, وهنا آمن بمعتقداته الأولى في الحياة والعبادة والفن، وعلى أرض سورية ولدت أول أبجدية ونشأت الممالك والدول الأولى في التاريخ.
لقد أعطى الموقع الجغرافي الذي تتمتع به سورية شعبها عبر التاريخ ميزة التمكن من نقل إبداعاته إلى أمم الأرض شرقاً وغرباً وساعده على اختزان أرقى الحضارات البشرية الأصيلة وتقديمها إلى العالم, والإنسان السوري لم يتوقف عن عطائه الحضاري على مر العصور فقد حمل على عاتقه رسالة عظيمة هي هداية العالم وإنارة دربه نحو التطور والتقدم.
لقد تواصل التاريخ الحضاري على أرض سورية دون انقطاع حيث عرفت هذه الأرض معظم الأنبياء وأكثر الفاتحين، ومنها انطلقت إلى العالم أسس التشريعات والقوانين والعلوم والفنون, وبين القدس وأنطاكية مروراً بدمشق وغيرها من المدن السورية سار بولس الرسول ناقلاً المحبة والسلام وناشراً لها في أوروبا ثم إلى كل العالم, وكما قال السيد الرئيس بشار الأسد “إن سورية كانت مهداً ومقراً ومنطلقاً للمسيحية إلى بقية أرجاء العالم وفيها قامت الكنائس الأولى وفيها تمارس حرية العبادة والمعتقد ويقوم التآخي بين جميع المواطنين”.
وأرض سورية العربية احتضنت في دمشق عاصمة أول دولة عربية بعد الإسلام ومنها إلى الأندلس وقلب القارة الآسيوية حمل العرب رسالة الإسلام السمحاء وعقيدته الغراء التي جمعت شمل العرب والمسلمين وجعلت منهم أمة تدعو إلى الحق ومكارم الأخلاق وتناهض الباطل والشرور وتعمل لما فيه خير البشرية قاطبة.
إبراهيم أحمد