أخبارصحيفة البعث

سورية وليبيا.. والأهداف المشتركة

 

يشكّل استئناف العلاقات الدبلوماسية بين سورية وليبيا واحداً من أهم معطيات عودة الوعي تجاه صوابية السياسة السورية بشأن القضايا والملفات الساخنة في المنطقة، وأهمها القضية الفلسطينية، والحرب على الإرهاب، وإمكانية بناء موقف عربي موحّد لمواجهة التحديات التي تهدد الوجود والمصير العربي.
هذا يعني أن كلا البلدين سورية وليبيا، يعتبران أن إعادة افتتاح مقرات البعثات الدبلوماسية والقنصلية قضية حيوية، ولم يعد هناك من مبررات لتبقى مغلقة، وأن التمثيل الدبلوماسي بين البلدين هو خطوة نحو إعادة تنشيط العلاقات والروابط التي تجمع الشعبين بما يعود بالنفع المتبادل عليهما، ويعزز مقومات صمودهما في مواجهة كل ما يتعرّضان له، ولاسيما أنهما في معركة واحدة لمواجهة الإرهاب ومن يدعمه، والكل يرى تداعيات الإرهاب على كليهما.
كما يعني أن توقيع البلدين على مذكرة تفاهم تقضي بتفعيل ثماني شركات ذات ملكية مشتركة و46 اتفاقاً ثنائياً بين البلدين الشقيقين أن البلدين يدركان أن التعاون الاقتصادي المشترك هو السبيل الوحيد لتنمية بينية عربية قوية وراسخة تؤتي ثمارها لمصلحة شعبي البلدين.
لقد فتح لقاء الرئيس بشار الأسد والوفد الليبي، الذي ضم عبد الرحمن الأحيرش نائب رئيس مجلس الوزراء  وعبد الهادي الحويج وزير الخارجية والتعاون الدولي في الحكومة الليبية المجال لمناقشة كل القضايا التي تهم البلدين، وأثمر عن توافق في الموقف لمواجهة التدخل والعدوان التركي، وفضح سياسات أردوغان التوسعية والعثمانية العدوانية، والعمل على تعزيز التعاون في كل المجالات، بما في ذلك التعاون الأمني، ومكافحة الإرهاب وتنظيماته المسلحة، إضافة إلى تنسيق المواقف من القضايا الإقليمية والدولية.
اللافت في الزيارة ذلك الاستقطاب الكبير الذي حظيت به في وسائل الإعلام ودوائر السياسة وصنع القرار، وقد لفت مراقبون إلى أن الزيارة تصب في استعادة الوعي القومي العربي المشترك، وردم الهوة التي خلقتها المشاريع الغربية بين أبناء الشعب العربي الواحد، لتؤكّد بأن عودة العلاقات الطبيعية بين البلدين الشقيقين خطوة مهمة تثبت أن المعركة والتحديات والأهداف واحدة لتأسيس تفاهم جديد بما يخدم مصالح الشعبين.
إن الظروف والتحديات التي تواجه البلدين تثبت اليوم أكثر من أي وقت مضى أن العلاقات السورية الليبية يجب أن تكون في أفضل حالاتها لمواجهة الأطماع الخارجية، وفي مقدّمتهاً حالياً العدوان التركي على سيادة كلا البلدين واستقلالهما والتدخلات الخارجية في شؤونهما الداخلية، وما يشكّله ذلك من خطر على وحدتهما، واستقرار الأوضاع فيهما، وكذلك على الأمن القومي العربي، فالحرب التي يخوضها الجيشان السوري والليبي ضد الإرهاب وداعميه ومشغليه تعبّر عن وحدة المسار والتكامل بين البلدين الشقيقين، وأي انتصار تحققه سورية في حربها على الإرهاب يمثّل انتصاراً للشعوب العربية والعالم بأسره.
صلاح الدين إبراهيم