بوتين: اتفاق لوقف الأعمال القتالية في إدلب يؤكد وحدة وسيادة سورية والاستمرار بمكافحة الإرهاب
وجّهت وحدات الجيش العربي السوري ضربات مكثّفة ضد إرهابيي “جبهة النصرة”، المدعومين من النظام التركي في منطقتي كنصفرة وكفرعويد بريف إدلب الجنوبي، وأحبطت تحرّكاتهم ومحاولاتهم إحداث خرق في خطوط الاشتباك، فيما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، التوصل إلى اتفاق لوقف الأعمال القتالية في إدلب عند الوضع الراهن، مشيراً إلى أن الاتفاق يؤكد على الالتزام بوحدة سورية وسيادتها والاستمرار بمكافحة الإرهاب فيها، وقال، في تصريح للصحفيين في ختام محادثات مع رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان في موسكو: “إننا لا نتفق في كل الآراء مع الجانب التركي بشأن الوضع في سورية، لكن في كل مرة وفي اللحظات الحاسمة، وبالاستناد إلى مستوى العلاقات التي تجمعنا كنا نتمكّن من التوصل إلى حلول مقبولة، وهذا ما حدث اليوم أيضاً”، مشيراً إلى أنه تم الاتفاق على وثيقة مشتركة لوقف الأعمال القتالية في إدلب عند الوضع الراهن. وجدّد بوتين، بعد مباحثات استمرت لـ 6 ساعات، التأكيد على ضرورة الالتزام بمبادئ استقلال سورية وسيادتها ووحدة أراضيها ومواصلة مكافحة الإرهاب فيها، واستعداد البلدين لمتابعة العمل في إطار عملية أستانا لحل الأزمة في سورية.
وكان رئيس النظام التركي حشد خلال الأسبوعين الماضيين كل مرتزقته الإرهابيين، وزوّدهم بالسلاح المتطور، وشن هجمات كبيرة على مواقع الجيش العربي السوري في سراقب وجنوب إدلب بتغطية نارية من جنوده بهدف استعادة المناطق التي حررتها وحدات الجيش العربي السوري، لكن جميع محاولاته فشلت، وتم القضاء على المهاجمين، وبينهم جنود أتراك.
بدوره أوضح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الوثيقة التي تم الاتفاق عليها تنص على وقف جميع الأعمال القتالية على “خط التماس الموجود” في محافظة إدلب من الدقيقة الأولى بعد منتصف ليل السادس من آذار، وإنشاء ممر آمن بعمق 6 كيلو مترات على طول الطريق “إم فور” سراقب اللاذقية، مبيناً أنه يتم الاتفاق على مواصفات هذا الممر بالمشاورات بين الدولتين وبداية الدوريات الروسية التركية المشتركة من ترنبة، إلى الغرب من سراقب، إلى عين الحور.
وشدد لافروف على أن روسيا وتركيا، وانطلاقاً من مذكرة استقرار الأوضاع في منطقة خفض التصعيد بإدلب الموقّعة في أيلول 2018، تؤكدان التزامهما بوحدة الأراضي السورية واستقلالها وسيادتها، وعزمهما على مكافحة جميع التنظيمات الإرهابية فيها، والمدرجة على قائمة مجلس الأمن للكيانات الإرهابية.
وجدد لافروف التأكيد على أنه لا حل عسكرياً للأزمة في سورية، ويجب تسويتها من خلال عملية سياسية يقودها السوريون وفق قرار مجلس الأمن رقم 2254، مع التركيز على أهمية حماية المدنيين، وتقديم المساعدات الإنسانية لجميع المحتاجين إليها، والعمل على عودة المهجرين إلى ديارهم.
ويؤكد القرار 2254، الذي تبناه مجلس الأمن الدولي بالإجماع في كانون الأول عام 2015، أن السوريين هم من يحددون مستقبل بلادهم بأنفسهم دون أي تدخل خارجي، وأن التنظيمات الإرهابية خارج أي عملية سياسية.
وكان بوتين أكد أن الأوضاع في إدلب توترت للغاية، وتتطلّب حواراً مباشراً مع الجانب التركي، كونه طرفاً في اتفاق سوتشي بشأن منطقة خفض التصعيد في إدلب، وقال، في مستهل لقائه أردوغان في موسكو: إن الأوضاع في إدلب توترت إلى درجة تتطلب حديثاً مباشراً بيننا، ومن الضروري مناقشة الوضع المتشكل اليوم، والعمل على عدم تكراره حتى لا يلحق ضرر بالعلاقات الروسية التركية.
وحول مقتل عسكريين أتراك، خلال مساندتهم التنظيمات الإرهابية وتأمين تغطية لها بريف إدلب، أوضح بوتين أن العسكريين الروس والسوريين لم يكونوا على علم بموقع الجنود الأتراك.
وكان المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديميتري بيسكوف أكد أن روسيا ملتزمة باتفاقات سوتشي، وتدعم وحدة الأراضي السورية، كما تدعم سورية في مواصلة حربها على التنظيمات الإرهابية، بما في ذلك تلك المدرجة على قائمة مجلس الأمن الدولي، فيما أكدت وزارة الدفاع الروسية أن النظام التركي ينتهك بشكل واضح اتفاق سوتشي الذي تم التوصل إليه مع الجانب الروسي، ويواصل دعم وتسليح التنظيمات الإرهابية في إدلب.
وفي وقت سابق، بحث الرئيس الروسي خلال مكالمة هاتفية مع رئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميشيل الوضع في سورية ولا سيما في إدلب بعد تصعيد التنظيمات الإرهابية المدعومة من النظام التركي أعمالها العدوانية.
وقال الكرملين في بيان له: “إنه تم أيضاً خلال الاتصال إيلاء اهتمام كبير للقضايا الإنسانية”، مشيراً إلى أن ميشيل أبلغ الرئيس الروسي بالتدابير المتخذة لمنع الهجرة غير الشرعية إلى دول الاتحاد الأوروبي.
وفي القاهرة، جددت مصر والإمارات التأكيد على رفضهما التدخلات الخارجية في الدول العربية، ولا سيما في سورية وليبيا، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد حافظ: إن وزيري الخارجية المصري سامح شكري والإماراتي أنور قرقاش أكدا في لقاء الرفض الكامل للتدخلات الإقليمية في شؤون الدول العربية وعدم السماح لتلك التدخلات بالتأثير سلباً على أمن واستقرار المنطقة.
وكانت وزارة الخارجية المصرية طالبت في السابع من شباط الماضي بتكثيف الجهود الدولية لوقف الدور السلبي والتخريبي الذي تقوم بعض الدول الإقليمية بهدف تأجيج الأوضاع في سورية وليبيا.
ميدانياً، واصلت وحدات الجيش العربي السوري عملياتها العسكرية ضد التنظيمات الإرهابية على محور جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، ووجهت ضربات مركّزة ضد تحصيناتهم وخطوط إمدادهم، فيما بدأت المؤسسة العامة لمياه الشرب في الحسكة ضخ مياه الشرب من محطة علوك باتجاه مدينة الحسكة بعد 11 يوماً من قطعها من قبل قوات النظام التركي ومرتزقته من التنظيمات الإرهابية التي استولت على المحطة، ومنعت العاملين من الدخول إليها وتشغيلها.
كما نفّذت وحدات الجيش، العاملة بريف إدلب الجنوبي، رمايات مدفعية وصاروخية ضد نقاط انطلاق وتمركز إرهابيي “جبهة النصرة” في بلدتي كفرعويد وكنصفرة في منطقة جبل الزاوية، وقطعت خطوط إمدادهم، وأحبطت خطط هجماتهم، وقضت على العديد منهم، فيما أعلن مصدر عسكري: إن الجيش تصدّى لهجوم من قبل إرهابيي “النصرة” على مدينة سراقب وداديخ ومحيطها.
ودحرت وحدات الجيش، قبل يومين، التنظيمات الإرهابية من قرى وبلدات جوباس وترنبة وداديخ وكفر بطيخ غرب الطريق الدولي حلب-دمشق وقرية حزارين والتي دخلها الإرهابيون بدعم مباشر وتغطية نارية من قوات النظام التركي.
في الأثناء، أصدر نظام أردوغان قراراً بمنع التظاهر أو تنفيذ أي فعالية تندد بالعدوان الذي تشنه قواته على الأراضي السورية، وذكر موقع سوزما بلاتفورمو التركي أن الحظر يمنع أي أعمال أو أنشطة يمكن القيام بها لانتقاد العمليات العسكرية التركية في سورية لمدة 10 أيام في محافظات أيدين وكيركلاريلي وطرابزون و15 يوماً في محافظتي أضنة وكليس.