ثقافةصحيفة البعث

“على خدِّ السما ولدت.. وصار الحبُّ يأتلـق”.. المرأة السورية سرُّ الحياة”

 

بمناسبة يوم المرأة العالمي وعيد الأم استضاف لقاء “شآم والقلم” بجلسته الشهرية التي أدارتها الصحفية فاتن دعبول أيقونات سوريات من عطاء وإبداع وتضحية، تحدثت كل واحدة منهن عن مسيرة حياتها، وألقى الشاعر أيهم الحوري بعضاً من قصائده، وقدمت الطفلة سلمى محمد أغاني إهداء إلى أمهات سورية.

الأسرة السورية
تخرجت من كلية الصيدلة وتابعت دراستها في الكيمياء الغذائية، تحب العمل المجتمعي وناشطة فيه، وأسست مبادرة “ثقة” وجمعية “لبلادي” تولي اهتمامها الأول للأسرة السورية وتعزيز الهوية. فقد فضّلت ربا ميرزا التحدث عن الأسرة السورية في تشكيل المجتمع الذي نطمح إليه ويمتلك يقيناً ببيته ووطنه وذاته وأرضه، فقالت: هناك ثلاثة بنود هامة أولها الاستثمار في الإنسان، وعلى الدولة استثمار كنوزها البشرية، وأن نكون شركاء لأننا مكلفون بمهمة الاستثمار بأولادنا علمياً وفكرياً ووطنياً وأخلاقياً، فعندما نورث أولادنا العلم والأخلاق والقيم نكون قد منحناهم هدية لمستقبلهم وحميناهم من الفقر والانحراف، وحمينا وطننا من الانزلاق نحو المجهول.
ثانياً: رسم الصورة الذهنية عن سورية، فالصورة الحالية عنها مشوهة، وعلينا عكس هذه الصورة الجميلة في الداخل والخارج فسورية هي الحضارة، ثالثاً: دورنا في صنع وتعزيز الهوية الوطنية، أساسها الوطن سورية وشعبها، وهذا الدور في غاية الأهمية. وكل ماقمت به سببه شغفي وحبي لوطني وإيماني الكبير بهذا المجتمع القادر على مواجهة كل الصعوبات.

المرأة السورية
وكما تفتح أبواب المركز الثقافي لأي فعالية فتحت السيدة رباب أحمد قلبها وتحدثت قائلة: الثقافة شغف حقيقي، وعالمها لاحدود له من الاتساع فهو رافع المجتمعات، وحضارة الشعوب ومكانة الدول تقاس من موقع المرأة وفعاليتها ضمن هذه المجتمعات، والقوانين التي تحمي وتصون هذه المكانة، فهي الزوجة والأخت والملكة وكانت نبع واحتضان القيم والأخلاق، المرأة السورية إن كانت متعلمة أو غير ذلك هي حاضن وحامل حقيقي لهذا البلد من خلال تربية وأخلاق وقيم، فنجد امرأة تكاد لا تفك الحرف قدمت أبناءها شهداء لتحيا سورية ونحيا بها، تشكل المرأة أكثر من 70% من الشعب السوري، وعليها أن تأخذ حقها في القانون والأحوال الشخصية لتنهض بسورية الجديدة.
وتضيف أحمد: حظيت بأسرة مميزة كل فرد فيها له دوره في الحياة الثقافية، والد شغف بالسياسة والإعلام، ووالدتي مربية وفنانة تشكيلية، أحببت الطيف الثقافي ولكني شغفت بالفن منذ نعومة أظفاري وكنت رائدة طليعية وأنا طفلة في مجال الرسم، وكانت كلية الفنون الجميلة –قسم التصوير الزيتي- ميداناً لكل أحلامي التي تحققت بكل معنى الكلمة، فدرّست في مجال الفن من خلال وظيفتي في وزارة الثقافة في مركز أدهم إسماعيل، ودرّست أجيالاً من مختلف الأعمار، وحالياً أنا مديرة المركز الثقافي في هذا المكان العريق، فهو منارة ثقافية حقيقية لما له من أثر وموقع يتوسط قلب دمشق، وأقول أن ثلاثي الدفاع عن سورية هو الثقافة والإعلام والتربية، وهم منصات دفاع حقيقية لدرء أي خطر قادم على بلدنا.
ورغم مسيرتها الطويلة وانتمائها لجيل الرائدات في الحراك المعاصر للفن التشكيلي إلا أن الفنانة ضحى قدسي تطرقت للمؤثرات التي جعلتها تختار الخزف والتشكيل الفسيفسائي في الفن وهذه الأشياء التي أسهمت في تطوير البناء السوري.

أول امرأة
تفوقت في كل مجال دخلت فيه ويشع اسمها بريقاً ونجاحاً في أي عمل تقوم به، وعن سر هذا التفوق والنجاح قالت ديانا جبور: كنت أول امرأة استلمت أمينة تحرير في جريدة الثورة، وأول امرأة بأكثر من منصب، وفي الحقيقة هذا امتياز وفي نفس الوقت مسؤولية لأنه ببساطة عندما يستلم الرجل أي موقع يقال “فشل فلان”، أما عند استلام امرأة يقال “فشلت امرأة” وتصبح المسؤولية مضاعفة اتجاه نفسي ونساء المجتمع، بمعنى باتجاه الحاضر والمستقبل.
وتضيف جبور: تصادر حرية المرأة وحقها في الاختيار في الكثير من الأعمال الفنية سواء درامية أو سينمائية فقد وصفت بصفات مسيئة ورديئة مثل مسترجلة أو عديمة الأخلاق أو حتى أن الرب سيعاقبها على تجرئها والمطالبة بحقها، حتى ملامحها في الأعمال التلفزيونية كانت إلى حد ما تشكل إرثاً أو لاوعياً عندما كتبت أعمالاً ونصوصاً إبداعية، وكان حافزي أن أكتب أعمالاً تتبنى قضية المرأة لكن ليس بشكل مدرسي وإنما تبني قضية المرأة والانحياز إلى حقها حتى في الخطأ، فهي لها الحق في الخطأ مثلها مثل الرجل، فهي تعاقب بالرجم أما الرجل فيرمم أخطاءه ويعيد الكرة، وأنا في الحقيقة عندما كتبت الدراما حاولت قول الحقيقة فهي لها الحق أن تكون صادقة مع نفسها وشغوفة ومنسجمة مع ذاتها، وهذا لا يعني أنني أتبنى الانفلات وإنما أتبنى الحرية مع المعرفة، وأعوّل كثيراً على مشروع الدراما وتأثيرها في تشكيل الوعي المجتمعي وحتى على حضور السوريات، وهناك إجماع على أثر الدراما السورية التي تسهم في تشكيل صورتنا أمام الآخر من حيث تشكيل الوعي وليس بقليل تجاوب وتعاطي الآخرين ليس بالصدفة وإنما بفضل حضارتها وثقافتها.

جرحى الجيش
وقد فرّغت د. هالة بلال وقتها لجرحى الحرب، وتبنت قضية المرأة المثقفة خلال سنوات الحرب، وعن تجربتها تحدثت: كل امرأة في مكان عملها هي ضابط، والضابط مشروع كفاح عندما تطوعت في سلك القوات المسلحة، ومع بداية الحرب انتفضت على ذاتي من كثرة الحزن على بلدنا، فالجندي على الساحات والمواقع الأمامية، ونحن كان علينا ترميم الجراح التي من الممكن أن تتحول إلى حقد وردة فعل، كلمة “الله يرحم الشهيد” وزيارتهم في بيوتهم لها أثرها، منذ أن بدأت بالعمل التطوعي بشكل عشوائي، وكنت أزور العائلات كمساعدة لذوي الشهداء وبالمقابل هناك أشخاص ننساهم لعدم دراسة المتوفر أمامنا من بيانات، وأول عمل قمت به وكنت سعيدة فيه كثيراً رغم انعكاسه عليَّ شخصياً كحزن هو أتمتة سجل الجرحى والشهداء لإعطائهم الحق المعنوي فقد قدموا فوق طاقتهم، وعرفنا بيوتهم وحاولنا جاهدين أن يكونوا فاعلين.
وتتابع بلال: لقد نسيت بيتي وتعرضت للخطر، ولكنني عملت نقلة نوعية كأنثى ضابط وانطلقنا إلى الجبهات لنكون مع جنودنا في المواقع الأمامية من درعا لدير الزور، انطلقنا إلى بيوت الجرحى وهناك أشخاص نسبة عجزهم فوق الـ80% ونسميهم شهداء أحياء وهؤلاء متطلباتهم كبيرة جداً تفوق رواتبهم وإمكاناتهم المادية ولديهم مستلزمات طبية لاتتناسب مع إمكانياتهم، فكان لابد من الإشراف عليهم بأنفسنا، كما تطوعت في عدة جمعيات تعنى بجرحى القوات المسلحة وكنت بحاجة كبيرة للمساعدة سواء دعم مادي ومعنوي أو الأجهزة الطبية، والدولة كانت الأساس في هذا المجال وهي لوحدها لاتستطيع إعطاء الناس حقوقها، إنما يجب أن يكون هناك تكاتف جهود وعمل مشترك، وبدوره زوجي سخر جهود المشفى التي كان يديرها للخدمة، والشيء الذي أفخر به كامرأة سورية أنني كنت أول من عمل معسكر جرحى القوات المسلحة ونجحت في هذه المهمة الصعبة، لكنني استطعت إدخال السعادة إلى قلب هؤلاء الأشخاص الذين اعتزلوا الحياة بسبب الحرب. والواقع، الإعاقة ليست إعاقة الجسد وإنما بالإنسان الذي لا يستطيع أن يأخذ مكانة ببلده.
جُمان بركات