لوبن تدعو الاتحاد الأوروبي لمعاقبـــــة أردوغــــــان
يسعى رئيس النظام التركي أردوغان لاستغلال عجز الأوروبيين عن التوصل إلى اتفاق بشأن سياسة موحّدة للهجرة، كما في السابق، لكن الاتحاد الأوروبي يبدو اليوم في وضع أحسن بكثير مما كان عليه في عام 2015، والدليل على ذلك أن تصريحات أردوغان العدائية فشلت في ابتزاز دول الاتحاد الأوروبي. وخفف “سلطان الدواعش” أردوغان في اليومين الأخيرين من لهجة التهديد، التي انتهجها في الأسابيع الماضية ضد الاتحاد الأوروبي بشأن المهجرين، معرباً عن “أمله في حصول بلاده على المزيد من الدعم من المجتمع الدولي”، لكن عدداً من دول الاتحاد الأوروبي عبّرت هذه المرة عن رفضها للابتزاز الذي يمارسه، ومن بينها ألمانيا، التي ربطت حصول النظام التركي على مساعدات مالية إضافية محتملة لدعم المهجرين بالتزامه بالاتفاقات.
وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس: إن “رسالة أوروبا لتركيا واضحة لن نقبل إساءة استغلال الأفراد، الذين يعانون بالفعل من وضع بائس، كرهن سياسي.. لن تؤدي مناورة تفاوضية على حساب الحلقة الأضعف إلى النتيجة المنشودة”.
فيما أكد مانفريد فيبر عضو البرلمان الأوروبي، وهو من المحافظين الألمان، “الشرط المسبق لأي مساعدات إضافية من الاتحاد الأوروبي ينبغي أن يكون وقف كل الدعم للعبور غير القانوني للحدود ونقل الناس بعيداً عن الحدود”.
كما دعت مارين لوبان، رئيسة الحزب اليميني الأكبر في فرنسا، الاتحاد الأوروبي إلى تهديد أردوغان بفرض “عقوبات” على بلاده، وقالت: “يتعيّن على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن يقوم بـ”حماية صارمة للحدود” ومواجهة “فعل الحرب” الصادر عن أنقرة، التي سمحت بتدفق المهاجرين على الحدود اليونانية”.
ويواصل النظام التركي استغلال ملف المهجرين السوريين ومعاناتهم، بفعل مرتزقته الإرهابيين، لابتزاز أوروبا في بازاره الاقتصادي والسياسي، واستجرار دعم مالي لاقتصاد بلاده المتراجع، وسياسي وعسكري لعدوانه على الأراضي السورية.
وقال دبلوماسي أوروبي: “طلبت تركيا حواراً سياسياً مع الاتحاد الأوروبي لوضع كل الأمور على الطاولة. يمكننا أن نفعل ذلك، لكن ليس تحت ضغط”، فيما جدد المستشار النمساوي سيباستيان كورتز تأكيده على أنه لا ينبغي أن يكون الاتحاد الأوروبي عرضة للابتزاز من قبل النظام التركي، داعياً الدول الأوروبية إلى عدم الاستسلام أمام هذه الابتزازات.
يذكر أن نظام أردوغان وقّع في آذار من العام 2016، بعد مساومات دامت سنوات، اتفاقاً مع الاتحاد الأوروبي للحد من الهجرة ينص على منع تركيا انطلاق المهجرين من سواحلها مقابل الحصول على 6 مليارات دولار، إلى جانب السماح بدخول الأتراك إلى منطقة شنغن الأوروبية دون تأشيرة، والإسراع في مفاوضات انضمام أنقرة إلى الاتحاد الأوروبي، وهو ما انتقدته المنظمات الحقوقية، التي اعتبرت أن أوروبا خضعت عبر هذا الاتفاق لابتزاز النظام التركي الذي لم يلتزم بالاتفاق.
لكن العلاقات بين الجانبين توتّرت بعد محاولة الانقلاب في تموز 2016. وانتقدت بروكسل نطاق الحملة الأمنية التي نفّذها أردوغان ضد المعارضة بعد الانقلاب الفاشل، وجمّدت فعلياً محاولة تركيا الانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي.
وفي 28 شباط الماضي قرر نظام أردوغان فتح حدوده، مستخدماً المهاجرين “كسلاح سياسي”. وبالنتيجة، تجمّع 13 ألف شخص خلال 48 ساعة على معبر كاستانييس الحدودي بين تركيا واليونان.
ويحاول عشرات الآلاف من المهاجرين اختراق الحدود البرية من الجانب التركي منذ أسبوع، بعد أن أعلن أردوغان إنه لن يمنع المهجرين من مغادرة أراضيه إلى الاتحاد الأوروبي، بل فتح المجال أيضاً أمام مهاجرين من دول إفريقية للاتجاه نحو الحدود مع اليونان لاستغلال فرصة التسلل نحو أوروبا.
وقالت مصادر هذا الأسبوع: إن مهاجرين أفارقة ومن باكستان وأفغانستان تكدّسوا على الحدود التركية بالآلاف للعبور نحو اليونان، ثم نحو دول الاتحاد الأوروبي في ظل تساهل من النظام التركي.
كما أرسلت أنقرة أواخر الأسبوع الماضي قوات خاصة، تتكوّن من 1000 شرطي، لمنع عودة المهاجرين الذين توجهوا إلى الحدود من العودة.
وسبق لأردوغان أن استخدم ملف اللاجئين كورقة للضغط على أوروبا حين أغرقها في 2015 بالمهاجرين، وتحمّلت ألمانيا العبء الأكبر من تبعات ذلك. وترفض بلدان الاتحاد الأوروبي أن يعيد النظام التركي نفس السيناريو حالياً.
وقال وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي: إنهم مستعدون لاتخاذ “كل الإجراءات اللازمة” لوقف العبور غير القانوني إلى اليونان.