بحجّة السرية.. قطاع الأعمال لا يثق بمكتب الإحصاء!! 22 مليون العدد التقديري للسكان.. وبلديات تبالغ طمعاً بالاعتمادات
دمشق – ريم ربيع
لا يمكن لأحد إخفاء الانعدام التام للثقة بين قطاع الأعمال والمكتب المركزي للإحصاء، فعلى المكشوف وبلا مواربة كان حديث التجار عن عدم إعطاء موظفي المكتب بيانات صحيحة لعدم ثقتهم بمدى سرية هذه البيانات وطريقة استخدامها، وكان التجار مباشرين في خطابهم لمدير المكتب: “نحن لا نثق بإحصاءاتكم ما دامت السرية موضع شكّ”، الأمر الذي يصعّب مهمة الحصول على بيانات دقيقة تشكل أساس المرحلة المقبلة ويفترض أن يُبنى عليها أي قرار اقتصادي، ليبقى السؤال كيف لنا أن نثق برقم إحصائي ما دام التاجر ورجل الأعمال يعترفان بإعطاء بيانات خاطئة..؟.
قانون صارم
مدير المكتب المركزي للإحصاء د.إحسان عامر أكد خلال ندوة الأربعاء التجاري أن قانون المكتب ضمِن السرية التامة، بحيث يحاسب كل من يفشي أي بيان يتعلق برقم منشأة أو أسرة حتى لو كان لجهة حكومية ويعاقب بالسجن والفصل من العمل، مضيفاً: القانون منحنا صفة الضابطة العدلية وتنظيم ضبط بحق من لا يتجاوب إلا أننا لم نستخدمها طوال 52 عاماً لبناء الثقة مع أصحاب المنشآت، وحول نشر البيانات أوضح عامر أنه بناءً على قرار اللجنة الاقتصادية لم تنشر البيانات بين عامي 2012 و2018 ما جعل بعضهم يعتقد أن المكتب توقف عن العمل، بينما تم نشر كل ما أنجز من مسوح بعد توصية اللجنة ذاتها بالنشر في 2018.
تخبّط
عضو غرفة تجارة دمشق منار الجلاد رأى أن غياب الأرقام شكّل حالة تخبّط، مشجّعاً التجار والصناعيين على الإدلاء بالأرقام الصحيحة للمكتب، إلا أنه طالب بالمقابل بقانون يضمن سرية الأرقام وعدم تسريبها للمنافسين أو جهات أخرى، بينما أكد خازن الغرفة محمد الحلاق وجود تشوّه في الأرقام الإحصائية يظهر من المراحل الأولى للمسح، معتبراً أن الشركات المساهمة وحدها تقدّم أرقاماً واقعية، وتساءل الحلاق عن رأي المكتب بموضوع ارتفاع الأسعار من طرف الحكومة وغياب دراساته عن زيادة تكاليف الإنتاج بدل توجيه أصبع الاتهام دائماً إلى التاجر والصناعي بزيادة الأسعار.
غير معنيّ
وأوضح عامر أن المكتب غير معنيّ بزيادة الأسعار وانخفاضها ومهمّته تقتصر على جمع البيانات ونشرها، لافتاً إلى تحوّل التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت إلى ضرورة ملحّة الآن، حيث أوصت رئاسة الحكومة ببدء التحضير لهذا التعداد، ولاسيما في ظل نقص الشمول الجغرافي في الإحصاءات والانزياحات في الأطر المعتمدة التي باتت بحاجة إلى تعداد جديد لتحديدها، وبيّن عامر أنه وفق التقديرات يفترض أن يكون عدد السكان حالياً 22 مليون نسمة، ولو أن الوضع طبيعي لكان 26 مليون نسمة، مشيراً إلى أن بعض البلديات تعطي أرقاماً خاطئة ومبالغاً بها لعدد السكان لتزيد من اعتماداتها!.
لا يؤخذ بها..!
وأكد مدير المكتب أنه لا يأخذ بأرقام المنظمات الدولية، حيث يقدّم المكتب أرقامه بشفافية كبيرة حتى لو كانت سلبية، وكانت مفاجأة للمنظمات عند نشر البيانات في 2018 أن أرقام المكتب أشدّ سلبية مثلاً في معدل النمو الاقتصادي الذي صدّره البنك الدولي بأنه -13 عام 2013، بينما بيّنت بيانات المكتب أن معدل النمو حينها كان -26، وحين قالوا: إن التضخم بلغ 80% أعلن المكتب أنه 120%. وكانت آخر دراسة لمعدل النمو في 2018 قدّرته بـ1.6، بينما سجل -17 في 2014، و-3.9 في 2016، و0.7 في 2017.
بدوره أشار مدير إحصاءات التجارة والأسعار بشار القاسم إلى تشكيل لجنة مشتركة فيما يتعلق بالتجارة الخارجية، في حين ترد بيانات الصادرات والواردات من الجمارك بالليرة السورية، وهو ما يسبّب مشكلة في بعض الأحيان وفقاً لعامر ولاسيما في بعض البيانات المقيّمة على الدولار لأن المكتب يأخذ السعر الرسمي.