حملة تطهير ابن سلمان
جاء في تقارير وول ستريت جورنال عن حملة التطهير التي شنّها محمد بن سلمان مؤخراً: “احتجزت السلطات السعودية اثنين من أبرز الشخصيات في المملكة بذريعة محاولتهما الانقلاب، ما عزّز سلطة ولي العهد محمد بن سلمان، وأبعد بذلك ألد منافسيه عن العرش، تبعاً لمطّلعين على المسألة”.
حدث الاعتقال في الصباح الباكر من يوم الجمعة الماضي، حين وصل حراس البلاط الملكي إلى منزليهما، مرتدين أقنعة وملابس سوداء، واعتقلوهما بعد تفتيش منزليهما، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.
وقال الناس: اتُهم الأمير أحمد بن عبد العزيز، شقيق الملك السعودي سلمان، والأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود، ابن شقيق الملك سلمان، بالخيانة، كما اعتقل الحراس شقيق محمد بن نايف، واتهمت المحكمة الملكية السعودية الرجلين بالتخطيط لانقلاب للإطاحة بالملك ونجله”.
ظل ولي العهد يعمل على تعزيز سلطته على مدى العامين الفائتين، لكن هذه الحركة تجاه فردين كبيرين في العائلة المالكة أكثر عدائية مما رأيناه فيما مضى، ويوحي اتهامهما بالخيانة أن ولي العهد يشعر بقلق شديد تجاه سيطرته على السلطة، ومنذ أن أزيح محمد بن نايف ليتسنى لنجل الملك بأن يمسي ولي العهد، ظل رهن الإقامة الجبرية في منزله، لذا لا بد أن شيئاً ما حصل ليدفع محمد بن سلمان لاتخاذ مثل هذا الإجراء العنيف تجاه أولاد عمومته، فهو لن يتحرك للقضاء على منافسيه المحتملين للخلافة لو لم يكن خائفاً من أن تكون خلافته لأبيه موضع شك، وإن حدث وأعدم محمد بن نايف وأبوه وأخوه بتهمة الخيانة، فسيكون ذلك أوضح دلالة على أن ولي العهد خرج عن السيطرة كلياً.
ويعدّ استبعاد فردين من أفراد عائلته الكبار مثالاً آخر على القمع المتصاعد لولي العهد، وليس بإمكان حتى أقرب أقربائه النجاة من قمعه الوحشي، كما حال أولى حملات التطهير التي شنّها. يهدف ذلك إلى إرهاب منشقين آخرين كي يلتزموا الهدوء، ومن المحتمل أن ولي العهد أخطأ مجدداً في تقديره وبالغ في تصرفاته الرعناء، وخلق محمد بن سلمان لنفسه كثيراً من الأعداء مسبقاً خلال تخطيطه للاستيلاء على السلطة. كان من المفترض أن تؤدي هذه الاعتقالات إلى إحباط أي انقلاب، بيد أنها قد تثير اضطرابات ومعارضة لولي العهد، وسواء ارتدّت عليه هذه الخطوة الأخيرة أم لا، يظهر أن محمد بن سلمان سيمسي المستبد الأرعن الذي يصفه به منتقدوه، وعلى الولايات المتحدة أن تفرغ من التعامل معه، ويجب خفض مستوى العلاقة السعودية الأمريكية طالما ظل مسيطراً على السلطة.
ليست الولايات المتحدة من يقرّر من يصبح الملك السعودي القادم، لكن بيد حكومتنا تقرير كيف ستكون علاقتنا مع السعودية، عرفنا لسنوات أن محمد بن سلمان غير كفء وخطير، غذى سلوكياته الأسوأ الدعم الأمريكي له، ويجب أن يكون أحد أهم أولويات الإدارة المقبلة هي قطع كل أشكال الدعم للحكومة السعودية اعترافاً بأن الولايات المتحدة لم تعد تحتاج السعوديين وأنها لم تعد ترغب بالتورط في جرائم أخرى.
ترجمة: علاء العطار
عن “ذي أميريكان كونزيرفاتيف” 6/3/2020