الصفحة الاولىسلايد الجريدةصحيفة البعث

مجلس الشعب يستجوب وزير النقل حول قضايا الطيران المدني.. مواجهة متكافئة!

دمشق- عمر المقداد:
استجوب مجلس الشعب، في جلسة ترأسها رئيس المجلس، حموده صباغ، أمس، وزير النقل علي حمود حول التجاوزات في النقل الجوي، العام والخاص، والعلاقة التعاقدية والإدارية والمالية بين وزارة النقل وشركة أجنحة الشام الخاصة للطيران، ومجريات ملف التقاضي بين الوزارة والشركة، إضافة إلى ملابسات عملية شراء متعثّرة لطائرة مدنية مع محركين إضافيين من شركة غزال غلوبال، وهي إحدى شركات الصفقة الواحدة لصالح مؤسسة الطيران العربية السورية، ومبررات وظروف التعاقد.
وفي بداية الجلسة، أوضح صباغ أن المجلس هو صاحب الصلاحية بتقييم الاستجواب وتكوين القناعة المستخلصة منه، وذلك بعد الاستماع إلى إيضاحات طالبي الاستجواب واللجنة التي تقدمت به، وإلى رد الوزير المعني بالاستجواب، مبيّناً ضرورة أن يقترن الاستجواب بالوقائع والمعطيات المتعلقة به، وأن يكون بعيداً عن الشخصنة والتجريح والاتهام وإصدار أحكام مسبقة.
وجرت حالة الاستجواب بناء على طلب ومذكرة إيضاحية تقدّمت بهما لجنة الخدمات التابعة للمجلس، وبدأت وفق ما هو منصوص عنه في النظام الداخلي للمجلس بكلمة لرئيس اللجنة صفوان قربي قدّم فيها جملة وقائع توصلت إليها اللجنة من خلال لقاءاتها مع وزير النقل وكادر الوزارة وقطاع الطيران المدني، ومن خلال عملية الاستقصاء التي قام بها أعضاء اللجنة على مدى ثلاثة شهور، ووجدت بموجبها أن الأمر يستدعي توجيه طلب الاستجواب، وهو ما ذهبت إليه، وأضاف: لقد افتقدت العلاقة بين مؤسسة الطيران وشركات الطيران الخاصة إلى صيغة تعاقدية واضحة، وهو أمر انعكس سلباً على المناخ الاستثماري للبلد، إضافة إلى ملابسات شراء الطائرة من شركة غزال غلوبال، وهي من شركات الصفقة الواحدة، ولماذا لم تلجأ الوزارة إلى الشراء من الدول الصديقة، وهل السبب هو الرغبة في تحقيق نسبة من السمسرة والعمولة، وهل كانت مواصفات الطائرة تتفق مع المبالغ المرصودة لها؟!، إضافة إلى أن سعر الطائرة مرتفع جداً مقارنة بالأسعار الموجودة في السوق.
وشدد على أن الأمر يعكس حالة فشل في إدارة الوزارة وإدارة قطاع الطيران المدني والنقل الجوي ومؤسسة الطيران، وتساءل عن أسباب توقّف عمل الطائرتين اللتين تم شراؤهما عام 2008 بعد ست سنوات، إضافة إلى عقود تعمير محركات الطائرات، ضارباً أمثلة عن دول تعرضت للحصار، واستطاعت أن يكون لها أسطول نقل جوي قوي، ولم نطلب مساعدتها، بينما أسطولنا الوطني لديه طائرتان فقط.
وفي مداخلات الأعضاء، استغرب عضو المجلس واللجنة عمار كرمان عدم وجود عقود بين العام والخاص في النقل الجوي، وتساءل: هل هذا معقول؟!، مضيفاً: بحثت في أضابير الدعاوى المرفوعة بين الوزارة والشركات الخاصة، واكتشفت وجود عقود ومطالبات مالية بالعملة الأجنبية، وخسارة دعاوى.
وفي رده على طلب الاستجواب والمذكرة الإيضاحية وتساؤلات لجنة الخدمات، قال الوزير حمود: إن الإجراءات الغربية أحادية الجانب المفروضة على سورية تمنع شراء طائرات مدنية أو محركات، وأن الوزارة عملت على ترميم وبناء أسطول نقل جوي سوري، واشترت من دول صديقة طائرة مدنية، وأن عملية شراء طائرة ثانية قد فشلت بسبب الإجراءات العقابية، وأضاف: إن مؤسسة الطيران تعاقدت مع شركة غزال غلوبال لشراء طائرة أحدث وبسعر أدنى من سعر الطائرة الأولى، وقامت المؤسسة بتشكيل لجنة لشراء الطائرة، وقد وافقت رئاسة مجلس الوزراء على تشكيل اللجنة، وتم إضافة مندوب إليها من الجهاز المركزي للرقابة المالية بمرتبة مدير، وتفاوضت اللجنة مع شركة غزال، وتم توقيع العقد وإرساله للوزارة التي أرسلت إلى مجلس الوزراء لدراسته في لجان المجلس المختلفة كالعقود واللجنة الاقتصادية، ثم ناقش مجلس الوزراء مجتمعاً عقد الشراء ووافق عليه، ولم يكن هناك أي خلل بإجراءات العقد.
وتابع الوزير حمود: ينص عقد الشراء على تسديد السلف على دفعات مقابل تنفيذ خطوات عقد، وفي كل مرحلة كان يتم تسديد سلفة مقابل كفالة مصرفية، وفي المرحلة قبل النهائية وصل إجمالي الدفعات المسددة إلى /11/ مليوناً و/300/ ألف دولار مقابل كفالة مصرفية تقدّر بـ/12.5/ مليون دولار، مبيناً أنه عند تلك اللحظة، أخطرت شركة غزال غلوبال الوزارة بالقول: إنها عاجزة عن تأمين الطائرة، وإن الإجراءات العقابية الغربية هي السبب، ما يعني فشل العقد، وأوضح أن أي شركة طيران مرخصة في العالم لا تغامر ببيع طائرات مدنية إلى سورية، لأنها ستعاقب فوراً، وسيتم سحب ترخيصها، ما يعني أن أي شركة ترغب بالتعاقد مع مؤسسة الطيران السورية لن تتعاقد باسمها، وإنما باسم شركة أخرى، ولن تقبل أن يتم تسجيل عملية الشراء في دولتها، وإنما في دولة ثالثة، ومن المتوقّع هنا، أن تبادر مؤسسة الطيران إلى التعاقد مع شركات الصفقة الواحدة.
وبشأن الدعاوى والتقاضي، أشار الوزير حمود إلى أن هناك إجراءات قانونية تنفذها الوزارة بشأن العقود التي يفشل تنفيذها مع الغير، وقد قامت مؤسسة الطيران بإخطار القضاء المختص، واستطاعت استصدار قرار حجز على الكفالات المصرفية في العقد الموقّع مع شركة غزال غلوبال والمقدّرة بـ/12.5/ مليون دولار، وطلبت من الشركة تعويضها بالعطل والضرر، وقام المتعهد بتسديد المبلغ المسدد من قبل الوزارة نقداً في سورية والبالغ /11/ مليوناًَ و/300/ ألف دولار، وبذلك عاد المال العام إلى الخزينة، علماً أنه كان من الممكن فوات هذا المال لو كان المتعهّد سيئ النية، ومع ذلك تم الاستمرار بحجز الكفالة حتى يتم التعويض عن الأضرار التي لحقت بالوزارة والمؤسسة سواء كانت مادية أو معنوية.
وبشأن العلاقة مع شركة أجنحة الشام للطيران المدني، عرض وزير النقل تفاصيل الدعوى القضائية التي رفعتها أجنحة الشام على مؤسسة الطيران، والتي بدأت عام /2010/ بعد رفض الشركة دفع المستحقات المتوجبة عليها وفقاً للعقود الموقّعة مع المؤسسة والمتمثلة بـ /6.5/ مليون دولار، وكان على الشركة تسديدها لمؤسسة الطيران، مبيناً أنه في البداية حكم القضاء العادي لصالح المؤسسة، ثم انتقلت الدعوى إلى القضاء الإداري بناء على طلب أجنحة الشام والذي أعادها للقضاء العادي نظراً لعدم اختصاصه، ثم استمر التقاضي بين المؤسسة والشركة حتى صدر قرار حكم لصالح الشركة نهاية عام 2018 بأن تسدد المؤسسة للشركة مبلغ /2.5/ مليون دولار للشركة، وأصبح قرار الحكم مبرماً، وتابع: إن مؤسسة الطيران أبلغت الوزارة في شباط /2019/ بقرار المحكمة، وتم تقديم عدة طلبات لإعادة المحاكمة دون جدوى، ثم صدر المرسوم التشريعي رقم /1/ لعام 2020 الذي أعطى لمؤسسة الطيران العربية السورية الحق بتقاضي التعويض التجاري، الأمر الذي أنصف المؤسسة، وأعاد إليها حقوقها عبر إلزام الشركة بالتسديد، لتقوم بالتفاوض الودي مع المؤسسة، وقبلت الشركة بالعدول عن الحكم القضائي، والتنازل عن مبلغ الـ/6.5/ مليون دولار الذي تطالب به، وتسديد التراكمات عليها والبالغة /14.5/ مليون دولار.
بعد ذلك، واستناداً إلى إجراءات طلب الاستجواب وفق النظام الداخلي للمجلس، أعرب عدد من أعضاء المجلس عن معارضتهم طلب الاستجواب، موضحين أن مؤسسة الطيران استهدفها الإرهاب والإجراءات العقابية الغربية، وأن الطريقة التي لجأت لها المؤسسة لشراء الطائرة كانت نتيجة العقوبات، إضافة إلى أن العقد المذكور الذي لم يتم تنفيذه لم يؤد إلى اضرار بالخزينة العامة للدولة، مبيّنين أحقية المؤسسة بالتعويض التجاري في العقود مع شركات الطيران الخاصة، وأن الوزارة أعادت ملايين الدولارات إلى الخزينة العامة.
وأشار الأعضاء المعارضون لطلب الاستجواب إلى أن عقد شراء الطائرة من شركة غزال غلوبال لا يتحمّل وزير النقل المسؤولية عنه، لأن هناك قرارين متخذين من قبل اللجنة الاقتصادية والحكومة بالموافقة على عقد شراء الطائرة المذكورة من شركة غزال والتعاقد معها.
وقد أوضح وزير النقل، وأيضاً استناداً على مضمون إجراءات طلب الاستجواب، أن ما عرضه خلال الجلسة هدفه تبيان ملابسات موضوع طلب الاستجواب، وأن أولويات الوزارة الحفاظ على حقوق مؤسسة الطيران وتحديث أسطول النقل الجوي.
تلا ذلك، قيام رئيس المجلس بتوجيه الحديث إلى رئيس وأعضاء لجنة الخدمات ومن قدّم طلب الاستجواب، وقال: هل اكتفيتم بالرد الذي قدّمه وزير النقل وأن الموضوع يعد منتهياً، ورد عليه رئيس لجنة الخدمات صفوان قربي: لقد اكتفينا بما تم تقديمه من ردود، وأن هدفنا الاستجواب يتمثّل بإصلاح ملف الطيران جذرياً وتحسين واقع النقل الجوي.
وانتهت الجلسة بكلمة موجزة لرئيس المجلس أشار فيها إلى أن الاستجواب يمثّل إحدى طرق الرقابة البرلمانية، حيث يعد مجلس الشعب سلطة تشريعية ورقابية على أعمال الحكومة، مبيّناً أن الجلسة انتهت إلى توضيح الحقائق وإزالة الغموض الذي اكتنف موضوع الاستجواب.