د.منيف حميدوش: الأدب المقاوم في طليعة أنماط المقاومة
بتوقيعه مؤخراً في مكتبة الأسد كتابه الصادر حديثاً عن دار سوريانا الدولية “أدب المقاومة بين الواقع والطموح” أكد د.منيف أحمد حميدوش في كلمته التي ألقاها أن المقاومة فعل وهذا الفعل يبدأ بالكلمة التي ترافقه وتحدو مسیرته وترسم آفاقه وتقف على أحلامه، مبيناً أن للمقاومة في الأدب ركیزتان ھما: الثقة والانتماء، فالكلمة المقاومة والمسؤولة تبقى مفتاحاً لاستقرار الأوطان وتقدمها في ظل الظروف المأزومة التي تعيشها المنطقة، وقد جاء تعريفها كما ورد في الكتاب أنها إرث ثقافي ووطني وحضاري ومعرفي ووجداني ومهاري متراكم، وهي فعل تغيير وأدواته البندقية والقلم والإعلام تتوارثها الأجيال للحفاظ على هويتها الوطنية من الاستلاب الاحتلالي.
من روافد الثقافة المقاومة
ويبين حميدوش أن الكتاب جاء لتعزيز الوعي القومي العربي ليكون الحصن المنيع في وجه المؤامرات وحماية الشعب والفكر العربيين من الذوبان والانصهار، وليكون رافداً من روافد الثقافة المقاومة لأن المقاومة ليست كلمة تقال أو شعاراً، وهي سلاحٌ في الميدان وقتالٌ في الجبال والحواري والوديان، واشتباكٌ مع العدو في كل مكان، وثباتٌ على الموقف، وصمودٌ على الحق مهما اشتدت الصعاب، مبيناً أن أشكال المقاومة تتغير من زمن إلى زمن، واختلافها الآن ناتج عن أنَّ معظم الجيوش العربيَّة تخلَّت عن الدفاع، وبالتالي أصبح لزاماً أن تكون المقاومة نابعة من الشعب.
باحثاً عن الحرية والكرامة
يؤكد حميدوش أن الأدب المقاوم يعدُّ في طليعة أنماط المقاومة العليا بوصفه باحثاً عن الحرية والكرامة والجمال والسعادة، وبوصفه جزءاً لا يتجزأ من ثقافة المقاومة عند الشعوب، وهي ثقافة تؤكد صفة الروح الإنسانية الخلقية لمفهوم المقاومة.. ولأنَّ فلسطين هي كما يراها الناقد الإسباني ميغل لاميت “الجرح المفتوح في قلب هذا العالم المريض الذي يسكننا اليوم بآهاته” فإنَّ معنى اقتراب الشُّعراء من فلسطين وطناً وشعباً ومقاومةً يعدُّ برأي حميدوش فعلاً إنسانياً مقاوماً، يُكسبُ صاحبه صفة الفارس النبيل، منوهاً إلى أن المقاومة تكون بالفكر والثقافة من جهة، وبالسلاح من جهة ثانية، وهما ضرورتان متلازمتان ومتكاملتان، فالأولى بذرة للثانية، والثانية ثمرة الأولى .
القلم سلاح كما البندقية
يتناول كتاب “أدب المقاومة” تجربةَ حزب الله وعوامل نجاح المقاومة في لبنان وأهم العوامل التي أدت لنجاحها وإلى مفهوم المقاومة بين الشَّرعيَّة واللاَّشرعيَّة وطرح الانتماء الوطني القومي وموضوع الهوية والانتماء، إضافة إلى طبيعة الفكر المقاوم والمقاومة ومشروع الدولة وموضوع المقاومة والصراع الفكري من عدة أبعاد، منها البعد السياسي والعسكري والفكري (الأدبي، الإعلامي، الرسوم) والاجتماعي والاقتصادي .
وتحت عنوان “أيهما أكثر تأثيراً الشعر أم المقاومة؟” يبين حميدوش في كتابه أن دور الشاعر في أن يكون أحد جنود الصراع كي يحفظ مستقبل القصيدة من التلوث ومستقبل أبناء بلاده من السقوط في البئر، وأن القلم سلاح فعال كما البندقية، والشاعر بإمكانه أن يكون مقاتلاً ومقاوماً وأن يجعل من قصيدته وسيلة للدفاع عن كرامة وطنه، مؤكداً على أن كل الشعراء السوريين الذين ساهموا في حركة تدوين اليوميات السورية انطلقوا من غايتين واضحتين هما: محاولة فعل ما يستطيعونه في ظل سيطرة الرصاص لفضح المجرم، والرغبة بإظهار المعاناة اليومية، وكلا الغايتين تندمجان تحت باب فعل المستطاع للتخلص من عقدة الذنب وتأنيب الضمير .
نتائج وتوصيات
أما النتائج التي خرج بها حميدوش في كتابه فقد كانت التأكيد على أن ثقافة المقاومة تشكل الروح الوطنية في المجتمع، وهي ليست محصورة في المقاومة العسكرية، بل هي مقاومة حضارية شاملة لكل ميادين الحياة، وأن للتربية دوراً رئيساً في تعزيزها لدى الناشئة وتأهيلهم لحمل رسالة المقاومة والصمود في المعركة، مع التأسيس لمشروع متكامل يوطد الثقة والتكامل بين المقاومات وحركات التحرر في العالم .
وختم حميدوش كتابه بجملة من التوصيات، منها: تكاتف كل وسائل المقاومة الثقافية في المعركة من مسرح ونشيد وفولكلور شعبي وإعلام مرئي ومسموع ورسوم وخطوط، وغيرها، وضرورة الحفاظ على ثقافة المقاومة وحمايتها من الانحراف عن بوصلتها الحقيقية ضد الاحتلال وبناء الاقتصاد الوطني المقاوم وتعزيز الانتماء للوطن والولاء لمصالحه العامة بحثاً أصيلاً واعياً.
وكان الكاتب والإعلامي عمر جمعة قد أكد في كلمته التي خصصها للتعريف بالكتاب ببداية اللقاء أن د. حميدوش يستقرئ في كتابه ما آل إليه واقع أدب المقاومة اليوم في ظل التحولات السياسية المتسارعة التي تعصف بالوطن العربي خاصة والمنطقة عامة، مستعيداً المحطات المهمة التي جسدت هذا النوع من التعبير المختلف والمغاير وأبرز علاماته، ولاسيما الشعرية منها، منوهاً إلى أن الكثير من الكتّاب بحثوا عن مفهوم المقاومة كثقافة، ورأوا أن ثقافة المقاومة، هي ثقافة بديلة ومضادة، لثقافة الهيمنة والاستعباد وانتهاك حقوق الإنسان وحريات الشعوب، بمعنى أنها ثقافة الحريات والعدالة وكرامة الإنسان والأوطان، وقضية وجودية ترتبط بكينونة الإنسان المقاوم، وبمدى معرفته الواعية للذات وللتحديات التي تواجهه، وبامتلاكه لرؤية تتناسب مع أهداف هذه المقاومة، واليقين بجدواها، كما أنها حالة تربوية أخلافية نفسية فلا يكفي في فعلها الهدف النضالي، وإنما لا بد من أن يحكمها نظام قيمي وطني وإنساني زاعماً جمعة أن د. حميدوش يضيف في هذا الكتاب بحثاً أصيلاً واعياً طموحاً يسعى جاهداً إلى إعادة الاعتبار لهذا المفهوم، إن كان للأدب أو الثقافة، بعد أن توارى واضمحل أمام الكثير من القيم الزاحفة التي اجتاحت وعينا، وبات فعل المقاومة والمواجهة مشلولاً تتحكم به مؤثرات ذاتية وأخرى موضوعية، يجزم أن الجميع يعلمها، وخاصة من تؤرقهم الهواجس الإعلامية والأدبية والفنية، بل والفكرية أو الأخلاقية على نحو أدق.
أمينة عباس
عندما يلتقي الحرف المقاوم…. مع السلاح المقاوم.. مع إعلام مقاوم يكون الوطن حصين… والأدب المقاوم جزء من منظومة الوطن.. فسورية مقاومه بجيشها…. بقائدها… بإعلامها…. بأبنائها شكراً لحضوركم إعلاميو جريدة البعث…. جريدة الوطن والشكر الإعلامية المميزة أمينة حسين عباس