أردوغان يتلاعب بأعداد المهجّرين للتسوّل من أوروبا
استمراراً لمسلسل أردوغان في المتاجرة بورقة المهجّرين، الموجودين على أراضي تركيا، لابتزاز الاتحاد الأوروبي، وإرغامه على الخضوع لنظامه الاستبدادي، وتحقيق مآربه السياسية، والتهرّب من انعكاسات عدوانه على الأراضي السورية، أعلن رئيس النظام التركي أن بلاده ستترك الحدود مفتوحة أمام “المهاجرين” الذين يحاولون السفر لأوروبا، وأضاف، في كلمة ألقاها أمام نواب حزب العدالة والتنمية الذى يتزعمه: إنه سيتم فتح الحدود إلى أن يلبي الاتحاد الأوروبي ما تنتظره أنقرة من اتفاق المهاجرين المبرم مع التكتل في 2016، و”منها حرية التنقّل، وتحديث الاتحاد الجمركي، والمساعدة المالية، بشكل ملموس”.
وكان الاتحاد الأوروبي والنظام التركي وقّعا اتفاقاً بشأن تدفق المهاجرين، وشكّلت مسألة إلغاء تأشيرة دخول الأتراك إلى دول الاتحاد، مقابل مساهمة النظام التركي في أزمة المهاجرين، التي اختلقها هذا النظام، وفقاً للعديد من القادة والمسؤولين الأوروبيين، جزءاً منه، ولكن تطبيق هذا البند تأخّر بسبب خلاف بشأن تشريع تركي لمكافحة الإرهاب، وحملة الاعتقالات الأمنية العشوائية التي نفذتها سلطات النظام التركي بعد محاولة الانقلاب في 15 من تموز الماضي.
وأثار قرار أردوغان نهاية شباط إعادة فتح حدودها أمام المهجّرين خلافاً مع بروكسل، وسجالاً حاداً مع اليونان، والتي أكدت أن النظام التركي يدفع الناس اليائسين للقيام بمحاولات خطيرة للدخول إلى أوروبا.
وفي هذا السياق، أكدت صحيفة أزفستيا الروسية، أمس، أن نظام أردوغان يستخدم المهجّرين السوريين بفعل الإرهاب كورقة للضغط على الاتحاد الأوروبي وابتزاز دوله من خلال فتح الحدود أمامهم للعبور إلى أوروبا تارة، والتلاعب في أعداد المهجّرين تارة ثانية.
وبيّن الخبير العسكري الروسي فلاديسلاف شوريغين أن نظام أردوغان يستخدم أعداد المهجّرين المبالغ فيها كأداة لتحقيق عدة أهداف، منها: محاولته إجبار أوروبا على مساعدته في عدوانه على الأراضي السورية، والحصول على المزيد من الأموال، إضافة إلى الضغط على روسيا من خلال المنظمات الدولية في محاولة لوقف عملية مكافحة الإرهاب في إدلب.
السياسي الألماني لارس باتريك بيرغ، عضو اللجنة الفرعية للأمن والدفاع في البرلمان الأوروبي، اعتبر أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يقول: “لا” لابتزاز أردوغان وأن يعتبره هجوماً على سيادة وسلامة الاتحاد الأوروبي، داعياً إلى فرض عقوبات جديدة على تركيا كرد فعل على ابتزازها.
كما انتقدت صحيفة أميريكان كونزيرفاتيف السياسات المتضاربة التي يتبعها أردوغان في سورية، والتي أدخلت بلاده في حرب مكلفة ومحكومة بالفشل، مشيرة إلى أن الاتفاق الذي توصل إليه الاتحاد الأوروبي مع تركيا عام 2016 كان خاطئاً، حيث تبيّن أن تركيا كانت تضخّم أعداد اللاجئين على أراضيها وتسرق أموالهم، فيما يضع أردوغان الآن مجدداً الأوروبيين أمام خيارات صعبة.
وتبدو أوروبا اليوم أكثر حرصاً على عدم الخضوع للابتزاز الأردوغاني، وذلك باتخاذ مواقف صارمة لدعم المواقف اليونانية والبلغارية في حماية الحدود ومواجهة المهجّرين.
مراقبون رأوا أن أردوغان يحاول التخفيف من أزماته الداخلية التي يعيشها نظامه بعد عدوانه على سورية، ويحاول الخروج من مأزقه وحرف الأنظار عن خسائر قواته في إدلب باستخدام ورقة المهجّرين للضغط على دول أوروبا لنجدته، كما اعتبر خبراء ودبلوماسيون أن تهديدات أردوغان الأخيرة بخصوص المهاجرين، والتي أطلقها على الملأ، ما هي إلا محاولة لكبح تداعيات خسائر قواته في سورية أملاً بانتزاع تنازلات من الاتحاد الأوروبي والحصول على 10 مليارات دولار يساوم عليها لتمويل عدوانه ضد سورية. وفضلاً عن استخدام المهجّرين السوريين كورقة لتحقيق أهدافه، قام أردوغان بدعم مختلف التنظيمات الإرهابية في سورية بالمال والسلاح، كما تحالف معها لنهب وسرقة الثروات النفطية والآثار والمصانع والمعامل من شمال سورية.
وفي هذا السياق، أكد البروفيسور شريرام تشوليا عميد كلية جيندال للشؤون الدولية في الهند أن أردوغان يدعم التنظيمات الإرهابية، ولا سيما “داعش” و”جبهة النصرة”، في محاولة لتحقيق أوهامه العثمانية في المنطقة، وأضاف: “أردوغان مراوغ ومنافق يعمل من خلال مغامراته العسكرية الخارجية على إسكات منتقديه في الداخل والتغطية على سياسته القمعية وحكمه الاستبدادي”، وشدد على أن أردوغان يتحمّل المسؤولية الأولى في عودة انتشار التنظيمات الإرهابية المحظورة عالمياً، مثل تنظيمي “داعش” و”القاعدة” الإرهابيين، مؤكداً أن دول الغرب شجّعته على ذلك.
وكان رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي كمال كيليتشدار أوغلو جدد التأكيد على أن أردوغان يتحمّل مسؤولية الأزمة في سورية من خلال دعمه التنظيمات الإرهابية فيها بما يخدم المخططات الأمريكية.