الصفحة الاولىصحيفة البعث

ابن سلمان يعزز قبضته.. واعتقالات جديدة وسط الأسرة الحاكمة

 

في إطار التحرّك لتعزيز سلطة ابن سلمان، وإزاحة منافسيه عن اعتلاء العرش، أعلن النظام السعودي احتجاز 298 مسؤولاً في “مملكة الرمال”، من بينهم ضباط بالجيش والشرطة، للاشتباه بضلوعهم في جرائم الرشوة واستغلال مناصبهم، وزعم “أن محققين سيوجّهون إليهم اتهامات”، وذلك بعد أيام من حملة اعتقالات طالت أفراداً من الأسرة الحاكمة، وبعد حملتي اعتقالات طالت في عامي 2017 و2018 أمراء ووزراء سابقين تحت ذرائع مختلفة، تنبع في أساسها من محاولاتهم الوقوف في وجهه أو مخالفة أوامره.
ويأتي الإعلان، بعد كشف صحف ووكالات أمريكية، 6 آذار الجاري، عن تنفيذ النظام السعودي حملة اعتقالات لأمراء من العائلة الحاكمة، على رأسهم أحمد بن عبد العزيز، الشقيق الأصغر لملك النظام السعودي سلمان، وابن أخيه محمد بن نايف بن عبد العزيز، ولي العهد السابق، وآخرين، ما يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول توقيتها، وعلاقتها بـ “حرب النفط” التي يخوضها “الشاب المغامر” نيابة عن واشنطن، كما هو حاصل اليوم.
ويؤكّد مراقبون أن ما يجري داخل النظام السعودي هو انقلاب يقوده ابن سلمان بهدف تصفية خصومه من الأمراء ورجال الأعمال وسرقة أموالهم ونقلها إلى حساباته، مشيرين إلى حملات الاعتقالات المتتالية، بحجة مكافحة الفساد، غايتها الحقيقية تكسير مراكز القوى المهددة لمشروع احتكار البيت السلماني للقرار السعودي، وإعادة هيكلة السلطة ومحورتها حول سلمان وابنه من بعده.
وكانت ما يسمّى هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (حكومية) أعلنت في بيان: “إنها ألقت القبض على مسؤولين حكوميين بينهم ضباط برتب رفيعة ومتعاقدين مع وزارات الدفاع والداخلية والصحة، وستوجّه لهم اتهامات في جرائم تشمل الرشوة والاختلاس وتبديد المال العام وإساءة استعمال السلطة، وأوضحت أنه بعد التحقيق الإداري مع (219) موظفاً، والتحقيق الجنائي مع (674) شخصاً تم إيقاف (298) شخصاً منهم، لتوجيه الاتهام بحقهم في قضايا فساد مالي وإداري، وأضافت: إن إجمالي المبالغ التي أقروا بها خلال التحقيقات بلغ 379 مليون ريال (101 مليون دولار).
ووفقاً للهيئة، تم احتجاز 16 شخصاً من وزارة الدفاع، بينهم 8 ضباط من العاملين والمتقاعدين، قالت الهيئة: إنهم تورّطوا في جرائم الرشوة وغسل الأموال، واستغلوا العقود الحكومية خلال الفترة بين عامي 2005 و2015، وأضافت: إن من بين المحتجزين 29 من المسؤولين في وزارة الداخلية بالمنطقة الشرقية من بينهم ثلاثة ضباط برتبة عقيد وضابط برتبة لواء وضابط برتبة عميد.
ومن بين المقبوض عليهم قاضيان تورّطا في جريمة الرشوة و9 من المسؤولين لضلوعهم في الفساد في جامعة المعرفة بالرياض، و21 من موظفي مديرية الصحة بالمنطقة الشرقية، بحسب بيان الهيئة.
وتؤكّد مصادر أن الحملة الجديدة تعد فصلاً جديداً من فصول “تصفية الخصوم” داخل العائلة الحاكمة، واستكمالاً لمسلسل ابن سلمان في احتجاز عدد من الأمراء وكبار المسؤولين ورجال الأعمال في فندق “ريتز كارلتون”، في العاصمة الرياض، أواخر عام 2017، بحجة “فسادهم”، مستفيداً من دعم الإدارة الأمريكية لخطواته، مقابل الخضوع لإملاءاتها، والتي كان آخرها “صفقة القرن” و”حرب النفط”.
والأسبوع الفائت، نشرت الصحافة الإقليمية والدولية أخباراً عن حملة اعتقالات طالت بعض الأسماء البارزة بين أمراء العائلة المالكة، وقالت مصادر: عقب إلقاء القبض على أحمد بن عبد العزيز تم إلقاء القبض أيضاً على 20 شخصاً على الأقل بتهمة “محاولة الانقلاب” على ابن سلمان، أو “خيانة الوطن”، وهو ما لم يصدر بحقه تعليق فوري من جانب النظام السعودي، لكن هذه الحملة عززت حيثيات الحملة أن يكون الاتهام ذريعة آل سلمان لترويض “هيئة البيعة”، وقمع أي تململ أو طموح محتمل لدى أجنحة العائلة.
ويؤكّد مراقبون “أن بعض أفراد العائلة الحاكمة في السعودية سعوا إلى تغيير ترتيب وراثة العرش، وأن ابن سلمان أثار استياء كبيراً بين بعض الفروع البارزة للأسرة الحاكمة، بسبب تشديد قبضته على السلطة”، وتساءلوا عن قدرة ابن ابيه على قيادة البلاد عقب قتل الصحفي البارز جمال خاشقجي في القنصلية السعودية باسطنبول عام 2018، وتعرّض البنية التحتية النفطية لأكبر هجوم على الإطلاق العام الماضي، وجرائم حرب اليمن، مشيرين إلى أن ما تسمّى “هيئة البيعة” بدأت بتبني بديل لمن بات يوصف بـ “المتهوّر” من داخل قصر آل سعود.