الفيروس لن ينهي العولمة
ترجمة: هناء شروف
عن الاوبزرفر
في عام 2008، اجتمع العالم بنجاح -مع قيام بريطانيا بدور المحفز– لمواجهة خطر الانهيار المالي. واليوم في عام 2020 لم تعقد قمة صحية دولية واحدة حتى الآن لمواجهة خطر حدوث وباء عالمي بدعم من منظمة الصحة العالمية، على الرغم من أن البنك الدولي قد أعلن عن حزمة من المساعدات بقيمة 12 مليار دولار. هناك جهود وطنية تقوم بها كل دولة على حده لإيجاد لقاح وليس هناك جهد مضمون -عندما يتمّ العثور عليه- لإنتاجه على نطاق واسع.
وبدلاً من ذلك، هناك حظر وطني على صادرات المنتجات الرئيسية مثل الإمدادات الطبية، حيث تتراجع البلدان عن تحليلها الخاص للأزمة في ظل النقص المحلي والسبل العشوائية والبدائية لاحتوائها، وتختلف المعايير المتعلقة بالعزل والحجر الصحي وتعقب الاتصال -مقاربات القرون الوسطى لمكافحة الأمراض على أي حال- حسب الدول.
تكافح منظمة الصحة العالمية، التي تعاني من نقص التمويل لعقود من الزمن، التهديد المتمثّل بالمزيد من الخسائر الفادحة في الأموال التي حصل عليها دونالد ترامب الشهر الماضي، لتقويضها وتجاهلها من قبل أعضائها. تطبّق الصين ضغطاً هائلاً حتى لا يتمّ الطعن في بياناتها أو فعاليتها. وبالنسبة لترامب فقد نفى بشدة تحذيرات منظمة الصحة العالمية من وباء وشيك لأنها لا تتفق مع “حدس” له، وقال إن المخاطر الصحية قد تمّ المبالغة فيها.
يمتد النهج المتوتر إلى الاقتصاد، فأسواق الأسهم تشير إلى ركود عالمي يقترب، ويندرج تحت وطأة إيرادات الركاب الجويين والانهيار الموازي للتجارة المنقولة بحراً، والتي أشارت إليها أدنى معدلات الشحن منذ عام 2008. ومع ذلك، فإن الحكومات والبنوك المركزية لا تنسق استجاباتها الاقتصادية للتهديد.
بطبيعة الحال عقد جونسون، زعيم مشروع البريكست القومي المناهض للتنوير والمكتمل مع ازدرائه للخبراء، مؤتمراً صحفياً الأسبوع الماضي والذي لم يدعُ فيه إلى استجابة منسقة دولياً، وإعادة بناء الصحة العامة الأوروبية والدولية، بل أعلن أن بريطانيا ستتضمن وتبحث وتخفّف من تلقاء نفسها من التهديدات والأخطار الناتجة عن انتشار هذا الفيروس.
إن فيروس كورونا لا يرحل ولا ينتشر ولا يحترم الحدود الوطنية، لذلك حتى مع تراجع القادة الوطنيين عن الاستجابات الوطنية اللاذعة، فإن إملاءات العلم والعقل يجب أن تطفو على السطح، لا يوجد طريق آخر للمضي قدماً.
والآن، فإن شكلاً من أشكال عولمة السوق الحرة غير المنظمة مع ميلها للأزمات والأوبئة قد مات. لكن هناك شكلاً آخر يعترف بالاعتماد المتبادل وأولوية العمل الجماعي القائم على الأدلة. سيكون هناك المزيد من الأوبئة التي ستجبر الحكومات على الاستثمار في مؤسسات الصحة العامة واحترام العلوم التي تمثّلها من خلال خطوات موازية بشأن تغيّر المناخ والمحيطات والتمويل والأمن السيبراني، نظراً لأننا لا نستطيع الاستغناء عن العولمة، فستكون الضرورة إيجاد طرق لإدارتها وحكمها.
العمل مع الآخرين هو مسألة حياة أو موت، سوف تفتح هذه الحالة الطارئة الطريق أمام المزيد من الحوكمة الدولية وليس أقلها، لن ينهي فيروس كورونا العولمة، لكنه سيغيّرها بشكل كبير نحو الأفضل.