تشـــــــــــــــيخوف والأم
من أجمل ما كتب في الأدب الروسي أنطون تشيخوف لقد توفيت منذ دقيقتين.. وجدت نفسي هنا وحدي معي مجموعة من الملائكة، وآخرين لا أعرف من هم، توسلت بهم أن يعيدونني إلى الحياة، من أجل زوجتي التي لا تزال صغيرة وولدي الذي لم يرَ النور بعد، لقد كانت زوجتي حامل في شهرها الثالث، مرت عدة دقائق أخرى، جاء أحد الملائكة يحمل شيئاً يشبه شاشة التلفاز أخبرني أن التوقيت بين الدنيا والآخرة يختلف كثيراً، الدقائق هنا تعادل الكثير من الأيام هناك “تستطيع أن تطمئن عليهم من هنا” قام بتشغيل الشاشة فظهرت زوجتي مباشرةً تحمل طفلاً صغيراً! الصورة كانت مسرعة جداً، الزمن كان يتغير كل دقيقة، كان ابني يكبر ويكبر، وكل شيء يتغير، غيرت زوجتي الأثاث، استطاعت أن تحصل على مرتبي التقاعدي، دخل ابني للمدرسة، تزوج أخوتي الواحد تلو الآخر، أصبح للجميع حياته الخاصة، مرت الكثير من الحوادث، وفي زحمة الحركة والصورة المشوشة، لاحظت شيئاً ثابتاً في الخلف، يبدو كالظل الأسود، مرت دقائق كثيرة، ولا يزال الظل ذاته في جميع الصور، كانت تمر هنالك السنوات، كان الظل يصغر، ويخفت، ناديت على أحد الملائكة، توسلته أن يقرب لي هذا الظل حتى أراه جيداً، لقد كان ملاكاً عطوفاً، لم يقم فقط بتقريب الصورة، بل عرض المشهد بذات التوقيت الأرضي، وما أزال هنا قابعاً في مكاني، منذ خمسة عشر عاماً، أشاهد هذا الظل يبكي فأبكي، لم يكن هذا الظل سوى “أمي”.