أمريكا مغرمة باللعب البذيء
ترجمة وإعداد: عائدة أسعد
حثّ عشرون عضواً من الجمهوريين والديمقراطيين في مجلس الشيوخ المشرّعين البريطانيين على إعادة النظر في قرارهم بالسماح لشركة هواوي العملاقة ذات التكنولوجيا الفائقة في الصين كأحد موردي شبكة الجيل الخامس /G5/ في البلاد. هذه الدعوة لاشك أنها دليل واضح على المواجهة بين الكونغرس الأمريكي والصين، ولكن ما يثير السخرية أن بعض النخب الأمريكية ما زالت تعتقد أن الدول الأخرى ستختار الوقوف إلى جانبها.
نحن الآن في وقت لا تستطيع فيه أي دولة الطلب من دولة أخرى النزول عند رغبتها إلا الأمريكيين، فما زالوا ينظرون إلى قوة الولايات المتحدة كأمر مسلّم به وعليهم الآن أن يستيقظوا.
وذكرت وسائل إعلام متعددة تعليقاً على هذا الطلب أن مجموعة مؤلفة من 42 عضواً من أعضاء مجلس النواب الأمريكي قد أرسلت خطاباً مشابهاً في كانون الثاني الماضي إلى مجلس العموم البريطاني، ولم يستطيعوا إخضاع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، وهذا يدلّ على أن الولايات المتحدة ليست قوية، ومع ذلك لن تعترف النخبة الأمريكية بذلك.
إن هاجس الولايات المتحدة في تحييد شركة صينية خاصة تصرّف غير طبيعي، كما أن عداء واشنطن تجاه الصين سبّب تصدعات جديدة لشركات بلدان أخرى والمستثمرين فيها وخاصة في مجال التكنولوجيا. ووفقاً لتقارير صحفية تمّ منع CloudMinds الناشئة التي تدعمها SoftBank من مشاركة التكنولوجيا التي نشأت في الولايات المتحدة مع أعمالها في الصين. كما نقلت الصحيفة عن محامٍ في واشنطن قوله إن الشركة الناشئة لم تستطع حتى تصدير أثاث المكاتب أو أجهزة iPhone من الولايات المتحدة إلى الصين في هذا الوقت دون ترخيص.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة أثارت حفيظة الصين، إلا أن بكين تمارس ضبط النفس وتعطي الأولوية للعلاقات بين البلدين، كما تعتقد الصين أن العلاقات الثنائية السلمية والمتناغمة ستجعل كلا الجانبين رابحين، لكن حسن نيّة الصين قوبل بعداء أمريكي كبير.
لقد حان الوقت لأن تشعر بعض النخب الأمريكية بالألم الذي جلبته غطرستها، فهي تتحدث دائماً عن المعاملة بالمثل، بينما موقفها في الواقع متحيّز وواضح ضد الشركات الصينية ووسائل الإعلام والعلماء في الصين، إنها مغرمة باللعب البذيء. وبالنظر إلى الوجود الأمريكي في الصين فإن عدد الشركات الأمريكية في الصين أكبر بكثير من عدد الشركات الصينية في الولايات المتحدة، وإذا قلدت الحكومة الصينية موقف واشنطن من هواوي في التعامل مع الشركات الأمريكية في الصين، كتعزيز الرقابة أو قطع إمدادات المواد الإنتاجية المهمّة أو تقييد صلاتها الطبيعية مع الشركات في الولايات المتحدة، فلن تستطيع الشركات الأمريكية تحمّل ذلك.
لقد أظهر وباء فيروس كورونا الجديد أن الصين والولايات المتحدة ترتبطان ارتباطاً وثيقاً بسلسلة الإنتاج، وقمع الشركات الصينية سيضرّ في النهاية بالشركات الأمريكية. فقبل أيام، اضطرت شركة أمريكية صغيرة تصنع حقائب الظهر وحقائب السفر والعتاد الخارجي إلى الاستغناء عن خُمس قوتها العاملة بدوام كامل بسبب سلسلة التوريد المتأثرة من الصين، وقد تواجه الشركات الصغيرة الأخرى في جميع أنحاء الولايات المتحدة وضعاً مماثلاً مقلقاً.
إن الولايات المتحدة تحتاج إلى الصين، وبالتالي لا يمكنها المخاطرة بانفصالها تماماً عنها، وهنا تكمن نقطة ضعفها، وعلى هؤلاء الشيوخ في أمريكا التريث والتفكير بالأمر.
والآن بعد أن دخلت الولايات المتحدة الانتخابات، لن تسمح الصين لنفسها باستخدامها كورقة رابحة من قبل النخب السياسية الأمريكية التي تثير المشكلات، والتي ستندم حتماً عندما تتحطّم الأنشطة الاقتصادية الأمريكية العادية بسبب إجراءات مضادة محتملة قد تنتهجها الصين.