الصين وأمريكا.. هل هناك توازن؟
عناية ناصر
مع بداية عام 2020، ما هي الإشارات التي ستصدرها العلاقات الصينية الأمريكية هذا العام، والتي من المرجح أن تؤثر على اتجاهات العلاقات الثنائية في الحقبة القادمة بأكملها.
عرّفت الولايات المتحدة الصين بأنها خصم استراتيجي في نهاية عام 2017، وشنّت حرباً تجارية ضدها في عام 2018 وصعّدتها أكثر في عام 2019، كما زادت واشنطن من الضغوط على الصين في جميع المجالات، مما أدى إلى تدهور العلاقات الثنائية. لكن الدولتين تمكنتا من الاتفاق على نص المرحلة الأولى من الاتفاقية الاقتصادية والتجارية في نهاية عام 2019. والسؤال: هل ستستمر هذه الصفقة أم لا، وهل من المحتمل أن يكون لها آثار طويلة المدى وتؤثر على العلاقات الصينية الأمريكية؟.
إذا تمّ توقيع وتنفيذ المرحلة الأولى بنجاح، فإنها ستقدم فترة هدنة قصيرة في الحرب التجارية بين البلدين. ومع ذلك، فإن التباينات الاقتصادية الرئيسية لا تزال دون حل، وهنا يمكن اعتبار هذه الصفقة الأولى كنقطة انطلاق لاستكشاف حدود وتفاعل نموذج السلوك الجديد بين الصين والولايات المتحدة في المستقبل.
لقد لاقى تفكير الولايات المتحدة فيما يتعلّق بالصين كخصم في عام 2019 مقاومة قوية من الصين، وتسبّب في احتكاكات كبيرة بين البلدين. فمن ناحية، اعتادت الولايات المتحدة على فرض ضغوط على الصين. ومن ناحية أخرى، لا يُسمح لأكبر قوتين بالانتقال إلى المواجهة بسهولة، فأين هي حدود سلوكياتهما ومصالحهما؟ لا بد أن يتمّ استكشاف ذلك.
سيشهد عام 2020 الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ما يعني المزيد من الضوضاء على الصين في الولايات المتحدة. لكن واشنطن ستتعجّب من الثمن الذي يجب أن تدفعه لمواصلة الضغط على الصين. في ضوء ذلك، إذا حدثت موجة لالتقاط الأنفاس في العلاقات الصينية الأمريكية وسط توتراتهما، فلا ينبغي أن يكون ذلك مفاجئاً.
يجب على الصين ألا تتخيّل أن تعاملها الولايات المتحدة كصديق، فقد تمّ بالفعل توصيف الصين كخصم من قبل الولايات المتحدة، ولذلك يتعيّن على الصين مواجهة هذا الواقع وتعديل تصرفاتها وسياساتها وفقاً لذلك.
هذا يعني أن الصين يجب أن يكون لها موقف حازم، وأن تكون واضحة فيما هو أكثر أهمية في العلاقات الصينية الأمريكية، وما هو أقل أو غير ذي أهمية. لقد أغضبت الولايات المتحدة الصين علانية من حيث الأيديولوجيات، ولم يعد من الضروري إيلاء أهمية للرأي العام الأمريكي حول الصين. ولكن عندما يتعلّق الأمر بالمصالح الجوهرية للصين، يجب أن تتمتّع الصين بالشجاعة للالتزام بمبادئها، دون خوف من تصادم محتمل مع الولايات المتحدة.
يجب أن تكون هناك ثقة في القوة الوطنية للصين، وكذلك أن يكون لديها القدرة على التمييز بين ما هو تهديد أمريكي حقيقي ضد الصين، وبين ما هو خدع مزيفة فقط تُستخدم لأغراض سياسية أو لإثارة الرأي العام، فما هي التحركات الأمريكية التي تستهدف الصين بالتحديد والتي هي سلوكيات أمريكية معتادة؟.
الصين قوة نووية، ومواجهة الصين عسكرياً أمر محفوف بالمخاطر، وهذا هو السبب في أن الولايات المتحدة لديها رغبة في جعل الخلافات العسكرية مع الصين مسيطراً عليها. والصين هي أيضاً سوق ضخمة، وأن الاستمرار في خوض الحرب التجارية ضدها لن يؤدي إلا إلى خسائر لا نهاية لها للجانب الأمريكي. لهذا السبب استمرت واشنطن في مفاوضات مع بكين، وطالما أن الصين تمارس سياسة ضبط النفس بشكل استراتيجي وتملك الجرأة على اللعب بقوة كلما تعرضت مصالحها الأساسية للتهديد، فإن الولايات المتحدة ستكون على استعداد لوضع حدود جديدة لسلوكها ونمط جديد من التفاعلات مع الصين.
في عام 2020، ستعلن الصين للولايات المتحدة عن حسن نيّة إستراتيجيتها، وفي الوقت نفسه ستؤكد حقيقة أنه لا يمكن الاستهانة بها، ما يعني أنه يجب أن تدرك الولايات المتحدة أنه يجب أن تحترم الصين كقوة كبرى. وبما أن الصين يمكن أن تحقّق مكاسب للولايات المتحدة، فإنه يمكن لها أن تجعل الولايات المتحدة تعاني أيضاً عندما تستفزها.