الخامنئي: قادة أمريكا وقحون وإرهابيون
البعث-وكالات:
أجرى باحثون في جامعة “شريف للتكنولوجيا” في طهرن محاكاة حاسوبية توقّعوا من خلالها أن يصل عدد الوفيات في إيران إلى 3.5 مليون، إن لم تتمكن الحكومة من السيطرة على أزمة كورونا بنهاية شهر أيار، الأمر الذي يتطلّب مزيداً من “التباعد الاجتماعي”، وعزل المدن الموبوءة، ورصد المزيد من التمويل من أجل التجهيز الطبي. لكن هذه الإجراءات تبدو شاقة على الحكومة الإيرانية، بفعل ما تعانيه البلاد من حصار أميركي، يُحكم قبضته على الصادرات والواردات الإيرانية، بما في ذلك السلع الإنسانية التي اشتدت الحاجة إليها مؤخراً، بعد تفشّي فيروس كورونا، الذي حصد حتى الآن حياة 1685 شخصاً في إيران.
لا تتمثّل مشكلة القطاع الصحي في إيران بنقص في الكادر الطبي أو في التجهيزات الضرورية للمعالجة والرعاية، وإنما يظهر الخلل في النقص الذي تعاني منه إيران “في بعض المعدات الطبية التشخيصية والعلاجية الحديثة، والتي وإن أعلنت أميركا أنها لم تفرض على إيران عقوبات من هذا الجانب، ولكن عملياً بسبب العقوبات المصرفية، لا يوجد إمكانية للتبادل المالي لشراء هذه الأنواع من المعدات، حسبما يقول رئيس كلية شيراز الطبية السابق محمد هادي ايمانية.
وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” قد ذكرت في تقريرها الصادر في 29 تشرين الأول 2019، أن العقوبات الواسعة التي فرضها البيت الأبيض – بعد الانسحاب رسمياً ومن طرف واحد من الاتفاق النووي في أيار 2018 – قيّدت قدرة الحكومة الإيرانية على تأمين الحاجات الإنسانية بما في ذلك الأدوية، وهدّدت حق الإيرانيين بالصحّة والعلاج، مطالبةً الإدارة الأميركية باتخاذ خطوات جدية لضمان وجود قنوات تجارية تمكّن الإيرانيين من استيراد السلع الإنسانية.
ورغم إبداء وزير الخارجية الأميركي استعداد بلاده لمساعدة إيران في مكافحة جائحة كورونا من خلال تقديم مساعدات طبية عبر القناة السويسرية، إلا أنه عاد ودعا الدول، التي تدرس تقديم مساعدات إنسانية لإيران، أن تبحث في إطلاق سراح الأجانب من السجون الإيرانية.
الحكومة الإيرانية رفضت المساعدات الأميركية، لأن “الأخيرة لا تريد المساعدة وإنما تريد توظيف ذلك سياسياً. إذا كانت الولايات المتحدة صادقة في نواياها باقتراح تقديم المساعدات، فلترفع العقوبات عن إيران، على الأقل عن الدواء والتجهيزات الطبية، أو فلتكف عن فرض شروطها على الدول التي تريد المساعدة في هذا المجال”، يقول الخبير في الشؤون الإيرانية محمد مهدي شريعتمدار.
قائد الثورة الإسلامية في إيران السيد علي الخامنئي جدّد رفضه المساعدات الأمريكية، وقال: إن “الإدارة الأميركية متهمة ببث فيروس كورونا”، معرباً عن “عدم ثقته بها”، وعبّر عن استغرابه من ادعاء القادة الأميركيين “بأنهم جاهزون لمساعدة إيران بالدواء والغذاء”، قائلاً: إن “قادة أميركا قالوا لنا مراراً عليكم أن تطلبوا ذلك فقط لنساعدكم بالدواء والعلاج”.
وأشار في هذا السياق إلى أن الولايات المتحدة نفسها تعاني بالدرجة الأولى “من نقص، وهذا بناء على تصريحات الأميركيين أنفسهم”، مؤكداً عدم ثقة بلاده “بأي مساعدة أميركية”.
وتوجّه السيد الخامنئي للقادة الأميركيين بالقول: “أنتم متهمون بإنتاج هذا الفيروس، ولا أدري ما صحة هذا الاتهام، لكن لا يوجد ثقة بكم، ويقال: إنه تم إنتاج فيروس خاص بإيران بحسب الجينات الإيرانية”، ورأى أن لإيران الكثير من الأعداء لكن “أخبث أعدائها هي أميركا”، واصفاً المسؤولين الأميركيين بأنهم “وقحين وظالمين وإرهابيين ويحملون أسوأ الصفات”.
السيد الخامنئي أكد أنه لدى بلاده “كل الإمكانات والقدرات لمواجهة جميع المشاكل والتحديات مهما كان حجمها”، مشدداً على أن “المسؤولين المعنيين في إيران اتخذوا خطوات جيدة لمواجهة فيروس كورونا”، وتابع: “سيتم القضاء على هذا الوباء بأسرع وقت في إيران وخارجها ولكن في الوقت الراهن أوصي شعبنا بالالتزام بقرارات اللجنة الوطنية لمكافحة كورونا”، وأشار إلى أنه “بالوحدة، اجتزنا عاماً صعباً جداً”، متوجّهاً بالشكر للشعب الإيراني “على إظهار هذا القدر الكبير من الاتحاد والتضامن”.
الخامنئي أطلق على العام الجديد “عام النهضة الإنتاجية”، معتبراً أن إيران استفادت من عقوبات أميركا، “فقد جعلتها مكتفيةً ذاتياً في جميع المجالات”.
في سياق متصل، كشف وزير الصحة الإيراني سعيد نمكي أن البعض خارج إيران حاول زعزعة الوفاق الوطني الحاصل داخل البلاد، وأشار إلى أنه وخلافاً للدول الأوروبية فإن الأوضاع في إيران لم تصبح فوضوية بسبب تفشي فيروس كورونا، مؤكداً أن هناك أسرّة فارغة في أكثر المستشفيات الإيرانية.
بدوره السفير الإيراني لدى باريس أعلن عن توجّه طائرات مساعدات تابعة لمنظمة أطباء بلا حدود من باريس إلى طهران، في خطوة “لتعزيز التضامن العالمي” في ظل كورونا.
في السياق ذاته أعلن ممثل إيران في صندوق النقد الدولي، حسين مير شجاعيان، أن البنك الدولي لم يوجّه دعوة إلى إيران للمشاركة في الاجتماع المشترك مع صندوق النقد الدولي المخصص لمواجهة كورونا، وقال في تغريدةٍ على تويتر: إن “صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وخلال الاجتماع الذي ضم وزراء اقتصاد دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وعدا الدول المتضررة جراء انتشار فيروس كورونا بتقديم المساعدات اللازمة”، فيما قال محافظ البنك المركزي الإيراني عبد الناصر همتي: إن “رد فعل المجتمع الدولي وصندوق النقد الدولي بإمكانه أن يكون معياراً من أجل تقييم ادعاءاتهما حول تقديم المساعدة للسيطرة على كورونا”.
وكان صندوق النقد الدولي رفض تلبية طلب من الحكومة الفنزويلية لمنحها قرضاً قدره 5 مليارات دولار لمساعدتها في ردع الفيروس بذريعة عدم الاعتراف بسلطة الرئيس نيكولاس مادورو دولياً.