من المسؤول عن ارتفاع أسعار العقارات بحماة؟! مجلس المدينة يعلن طرح أراض جديدة للاستثمار العقاري والشركات تطالب بتعديل قوانين سوق العقارات
شهدت العقارات في محافظة حماة خلال السنوات الماضية ارتفاعاً قياسياً، وخاصة في مركز المدينة، ما أثر سلباً على الواقع الاجتماعي لجيل الشباب الراغبين في تأسيس أسرة، وشراء منزل يبعدهم عن شبح الإيجارات التي ارتفعت بدورها أضعافاً مضاعفة.
وشكّل موضوع عدم توسيع المخطط التنظيمي لمدينة حماة العقبة الرئيسية في إيجاد أراض جديدة لتشييد مبان سكنية عليها، ما ساهم في ارتفاع أسعار العقارات، لذا كان لابد للجهات العامة من البحث عن بدائل لهذه المشكلة من خلال طرح مناطق عقارية للاستثمار إما عن طريق التطوير العقاري، أو الاستثمار، أو البناء وفق الملكيات الخاصة.
وللوقوف على واقع سوق العقارات في حماة، والأسباب التي أدت إلى ارتفاعها، والحلول التي وضعتها المؤسسات العامة بالتعاون مع القطاع الخاص لإيجاد أراض جديدة مخصصة لإشادة مساكن تسهم في تخفيف وطأة هذه الأسعار، كان لـ “البعث” عدة لقاءات مع المعنيين في هذا القطاع.
إجراءات ودراسات
رئيس مجلس مدينة حماة المهندس عدنان الطيار أشار إلى أن هناك عدة إجراءات ودراسات أعدها مجلس المدينة بهدف تأمين أراض جديدة، إضافة إلى أن قرار وزارة الإدارة المحلية مؤخراً بالسماح بإنشاء طابق إضافي يمكن أن يساهم في تخفيض أسعار العقارات، وإيقاف التوسع الأفقي الذي قد يطال الأراضي الزراعية، ولفت إلى أن القرار الصادر في 5/2 يتيح إنشاء طابق واحد في أحياء المدينة شريطة تقديم تقرير فني أو هندسي من نقابة المهندسين بإمكانية تحمّل هذا البناء لطابق إضافي، أما البناء الجديد فيتم الترخيص فورياً لطابق إضافي، وهذا ما يحد من الغلاء وارتفاع أسعار العقارات نتيجة بناء شقق جديدة دون الحاجة لشراء أراض جديدة قد تكون باهظة الثمن، كما أن هناك عدة مشاريع حيوية لبناء مقاسم جديدة في أحياء: وادي الجوز، والسبيل، ومشاع الفروسية، وشرقي المشفى الوطني التي ستكون بارتفاعات طابقية تتراوح ما بين أربعة إلى 12 طابقاً ستكون لها نتائج إيجابية على واقع العقارات في المحافظة.
إحداث مناطق
بدوره المهندس عمرو عطون، رئيس دائرة التنظيم العمراني في بلدية حماة، كشف أن مجلس المدينة رفع مؤخراً مقترحاً للجهات المعنية بإحداث مناطق توسع جديدة لضمها للمدينة، منها المنطقة الجنوبية لحي النقارنة، والمنطقة الشمالية الغربية لشرعايا، ومزارع جبرين، وهناك مناطق سكن عشوائي يتم العمل على معالجتها، وبناء مساكن بطوابق عالية مثل شرقي المشفى الوطني التي تم اقتراحها منطقة تطوير عقاري، وقد تبنى فيها أبراج سكنية، ومنطقة مشاع الفروسية، وهناك مناطق تم تنظيمها حديثاً مثل توسع كازو، وحي السبيل، وهي أملاك خاصة يتم بناؤها من قبل متعهدين لصالح المالكين.
وأضاف عطون: قدمنا مقترحات لزيادة الطوابق في بعض الأحياء داخل المدينة مثل شارع القوتلي، وحي العليليات، كما يوجد اقتراح بزيادة الطوابق في شوارع معينة ضمن الحي، ونحن بانتظار تصديق اللجنة الإقليمية، ومن ثم موافقة وزارة الأشغال العامة والإسكان.
لا تتناسب
من جانبه بيّن نقيب مقاولي حماة مهند كبيسي أن النقابة تعمل في مجال العقارات من خلال بناء مساكن وبنية تحتية للعديد من القطاعات الحكومية رغبة منها بتأمين سكن إضافي يسهم في تخفيض أسعار العقارات المرتفعة التي لا تتناسب مع ذوي الدخل المحدود، وهي من خلال شركاتها الخاصة في المحافظة المسجلة في وزارة الأشغال العامة والإسكان رديف للقطاع العام في عملية إعادة إعمار سورية، وحالياً النقابة المركزية في طور تأسيس شركة إنشاءات كبرى ستمارس عملها بشكل فاعل في كافة المحافظات السورية، وتضاهي الشركات الكبرى، وتكون رائدة في هذا القطاع الحيوي، مبيّناً أن عمل شركات النقابة متنوع من مبان، وشبكات مياه، وصرف صحي، وطرق، وجسور، ومطارات، وحفر آبار، إضافة إلى الأعمال الكهربائية والميكانيكية، وأن شركات القطاع العام تتعاقد معنا كمقاول رئيسي لبناء مساكن متعددة، ما يسهم في تأمين سكن للمواطنين، وهذا الأمر ستكون له انعكاسات إيجابية على سوق العقارات بحماة.
دور القطاع الخاص
وعن دور القطاع الخاص في سوق العقارات بحماة يشير المهندس مصطفى شعيرة، صاحب مجموعة شعيرة لتجارة العقارات التي تأسست عام 1996، إلى أن الشركة تقوم بإنشاء محاضر وبنائها وتسليمها حسب المخطط في القطاعين العام والخاص، وقامت بتنفيذ عدة مشاريع للقطاع العام، لاسيما البناء الجديد لمديرية تربية حماة، وفرش شركة النقل الداخلي في دمشق، وفرش وإكساء جامعة تشرين في اللاذقية، وتشييد أبراج في حي القصور للقطاع الخاص، موضحاً أن أسباب ارتفاع أسعار العقارات في حماة يخضع لميزان الطلب والعرض، حيث إن العرض قليل، بينما الطلب على الشراء كبير، عازياً قلة العرض لعدم وجود مساحات مخصصة للبناء داخل المدينة، وعدم توسع المخطط التنظيمي منذ سنوات طويلة، وعدم التوسع في المحاضر المعدة للبناء، وإضافة طابق واحد صدر مؤخراً لا يؤدي الغرض المطلوب.
ولتحسين واقع العقارات بحماة اقترح شعيرة أن يتم فرز أراض جديدة وتنظيمها بشكل معد للبناء، مع إنشاء مخطط البنية التحتية للمنطقة بشكل مسبق لكي لا يتم البناء عليها بشكل عشوائي، مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أن تكون المنطقة غير صالحة للزراعة، وتفعيل مشروع حي السبيل السكني، وتسهيل العمل لشركات التطوير العمراني، والإسهام بفرز العقارات المرخصة لما في ذلك من حل لمشاكل عديدة، والحفاظ على الملكيات الخاصة، والسماح للمطور العقاري بالبيع على المخطط، وذلك للحفاظ على الضخ المادي للمطور أثناء قيامه بالعمل بالمشروع، وتفعيل السكن الشبابي، بحيث تستفيد شريحة كبيرة من جيل الشباب المقبلين على الزواج، وتأسيس الأسرة، وهذا الأمر متاح بحماة بسبب وفرة اليد العاملة الرخيصة ذات الكفاءة العالية، وتوفر معظم مواد البناء، مضيفاً بأن شركات التطوير العمراني قادرة على تأمين شقق سكنية بالتقسيط، وكانت شركتنا قد قامت سابقاً بتأمين شقق سكنية في حيي القصور وعين اللوزة، ما ساهم بتأمين سكن مناسب وبأسعار مناسبة لذوي الدخل المحدود، منوّهاً إلى أن أسعار العقارات في حماة مرتفعة جداً، حيث إن سعر المتر المربع لا يقل عن 350 ألف ليرة في الأحياء الشعبية، وهذا الرقم كبير في سنوات الأزمة، وقد يصل إلى 3.5 مليون ليرة للمتر المربع في بعض الأحياء، مع العلم أنه لا تتوفر نسبة بناء كبيرة ضمن المحضر المراد شراؤه.
إعطاء تسهيلات
أما الدكتور حيان برازي، مدير شركة التطوير العقاري الوحيدة بمحافظة حماة، فرأى أنه يجب على الحكومة إعطاء تسهيلات لشركات التطوير العقاري الخاصة تساعدها في أداء عملها بالشكل المناسب من خلال تعديل القوانين التي تمكنها من تنفيذ مشاريعها السكنية بالسرعة المطلوبة، وحالياً هناك اقتراح بإجراء تعديلات على قانون التطوير العقاري، ونطالب بالإسراع في إجراء هذه التعديلات، كما أن القرار رقم ٢٥ الخاص بقانون حساب الضمان الذي ينظم علاقة المطور العقاري مع المالك توجد فيه قيود كثيرة، وشروط تعجيزية، حيث يتوجب على المطور وضع قيم مالية في البنك، وعدم سحبها إلا في أوقات محددة.
ولفت إلى أن تنفيذ مشروع وادي الجوز السكني طرحه مجلس مدينة حماة بالتشاركية مع شركتنا، وقد دفعنا التأمينات الأولية، لكن هناك شرطاً في العقد يعيق عملية التنفيذ، ونطالب بتعديله، وهو أنه لا يحق لنا بيع أية وحدة سكنية إلا بعد تنفيذ المشروع كاملاً، وهذا أمر صعب لأن المشروع قد يكلّف 80 مليار ليرة، وقد لا نقبض ثمن الشقق إلا بعد خمس سنوات على أقل تقدير، لذا طالبنا بالسماح لنا بالبيع بعد إتمام البنية التحتية من شوارع، وأرصفة، ومقاسم، وصرف صحي، وكهرباء، وقدمنا اقتراحاً بتسليم المشروع على ثلاث مراحل لتخفيف العبء المادي علينا.
قوانين ناظمة
بدوره أشار المحامي تمام مصطفى، المستشار القانوني لعدد من الشركات العقارية بحماة، إلى أنه توجد بعض القوانين الناظمة لعملية تملك العقارات بحاجة إلى تعديل لكي تتناسب مع مرحلة إعادة الإعمار، كما أنه يوجد أحياناً تطبيق أو تفسير خاطىء من قبل المعنيين في الجهات العامة، وخاصة عند عمليات البيع، ووجود أحد الورثة الذي لديه مشكلة ما، ما يؤثر على بقية الورثة، أضف إلى ذلك العراقيل التي تضعها نقابة المهندسين بحماة عند منح الترخيص لطابق إضافي، حيث يتذرعون بحاجة العقار لتدعيم إضافي رغم قناعتهم بأن العقار جيد، وخاصة في حيي الشريعة والنصر.
ارتفاع التكاليف
من جانبه بيّن متعهد البناء أحمد حران أن الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار مواد البناء، وخاصة مادة الحديد والخليط من بحص ورمل، ساهم بشكل كبير في ارتفاع تكلفة العقار بشكل عام، ما أثر بشكل سلبي على عمليات البيع والشراء التي تقلصت إلى حد كبير نتيجة قلة العرض، وازدياد الطلب، ولكنها أفضل من حالة الجمود التي شهدها السوق قبل خمس سنوات، داعياً إلى ضرورة تخفيض أسعار الأراضي المعدة للبناء، وإحداث مناطق سكنية جديدة، وتسريع الخدمات في المناطق المحدثة حديثاً مثل توسع حي كازو المفرز منذ ست سنوات، ولكن حتى الآن لم يتم فتح أي شارع فيه، أو إنارة طريق، أو إحداث شبكة صرف صحي، وهذا الأمر ينطبق على حي النقارنة المفرز منذ أكثر من عشر سنوات.
منير الأحمد