أزمة كورونا.. ومصالح ترامب الخاصة
بعد أن أصبحت الولايات المتحدة ثالث أكبر الدول المتضرّرة من فيروس كورونا لجهة ارتفاع عدد الإصابات والوفيات، توصّل مجلس الشيوخ الأمريكي والبيت الأبيض إلى اتفاق وصف بـ “التاريخي” حول خطة بقيمة تريليوني دولار لتحفيز الاقتصاد الأمريكي المتضرّر بشدة من الفيروس المستجد، ويتساءل مراقبون حول ما إذا كانت مخاوف ترامب بشأن شركاته تنعكس على ردّه على الأزمة، وما إذا كان جزء من خطة الإنقاذ الاقتصادي العملاقة سيخصص لمساعدة فندق ومنتجع ترامب، وما إذا كانت مساعيه لإنهاء سريع للإغلاق الذي فرض بسبب فيروس كورونا هي لإنقاذ شركته.
الاقتصاد الأمريكي في ظل إدارة ترامب مهدّد بالدمار، وفي الوقت نفسه يواجه “رجل الأعمال” كارثة أخرى محتملة هي انهيار أعماله الخاصة، التي تتجلّى في فنادق تحمل اسمه وملعب غولف وأعماله العقارية التي جعلت منه بليونيراً، ففنادقه من فئة الخمس نجوم في الولايات المتحدة وكندا، والتي تحتوي على أكثر من 2200 غرفة، شبه فارغة، وملاعب الغولف في الولايات المتحدة واسكتلندا وإيرلندا تحت ضغط لإغلاقها، و”البيت الأبيض الجنوبي” العزيز: نادي مارا لاغو الواقع على شاطئ بالم بيتش في فلوريدا، أغلق كذلك.
وكما الفنادق في انحاء العالم، أجبرت فنادق ترامب على التخلي عن معظم العاملين فيها، وتواجه احتمال انخفاض العائدات التي بلغت 435 مليون دولار في 2018.
وسيكون وقع ذلك قاسياً على هذه الأعمال التي تملكها عائلة ترامب، والمعروفة بعدم شفافيتها المالية، وتهرّبها من الضرائب.
تدهور الاقتصاد الأمريكي على نحو متسارع ما دفع بملايين العمال الأمريكيين إلى حافة البطالة، واستجابة الإدارة الأمريكية البطيئة، عزّزت اتهامات واسعة لترامب بتعمّد إرجاء اتخاذ قرارات حاسمة لمواجهة الفيروس، رغم إدراكه خطورة الأمر.
ويشير مراقبون إلى أن تصريح ترامب “الأمر يضرّ بي، ويضر بهيلتون وبجميع سلاسل الفنادق العظيمة في جميع أنحاء العالم”، يؤكّد أن همّ الرئيس الأمريكي الأول والأخير مصالحه الخاصة لا مصالح شعبه.
منذ توليه منصبه، قاوم ترامب الضغوط والقضايا التي اتهمته بالتكسّب من ممتلكاته أثناء توليه الرئاسة، من خلال مكوث مدراء الشركات والدبلوماسيون وعائلات حاكمة من أنظمة الخليج، والساعية لرضا ترامب، في فنادقه، وخصوصاً أن “ترامب انترناشونال” لا يبعد كثيراً من البيت الأبيض.
وتحدّثت صحيفة واشنطن بوست عن المبالغ الطائلة التي دفعها السعوديون للحجز في فنادق ترامب، والأسعار المرتفعة التي يتقاضاها على عناصر الجهاز السري الذين يحرسونه عندما يزور ممتلكاته، بما فيها عشرات آلاف الدولارات لعربات الغولف.
ورفعت ضده العديد من القضايا التي تتهمه بالتربّح من منصبه، وهو ما يعارض الدستور، لكن الكثير من ذلك تلاشى مع انتشار فيروس كورونا، الذي أدخل قطاع الفنادق في البلاد في أزمة.
والأسبوع الماضي، طلب القطاع، الذي يوفّر وظائف لنحو ثمانية ملايين شخص، من البيت الأبيض تقديم 150 مليار دولار لدعمه، ولكن إدارة ترامب لم تستجب للطلب، ما جعل الكثيرون يتساءل عمّا إذا كان جزء من خطة الإنقاذ – وهو صندوق تقديري مقترح بقيمة 500 مليار دولار لدعم الشركات التي ستديرها وزارة الخزانة الأميركية بدون تقارير عامة- سيخصص لمساعدة فنادق ترامب مع بقية القطاع.
بالتوازي، قفزت طلبات إعانة البطالة الأمريكية لمستوى قياسي، حيث زاد عدد الأمريكيين المتقدمين بطلبات للحصول على الإعانات عن ثلاثة ملايين الأسبوع الماضي.
وقالت وزارة العمل الأمريكية: “إن الطلبات الجديدة للحصول على إعانة البطالة ارتفعت إلى 3.28 ملايين طلب في آخر أسبوع من مستوى معدل بلغ 282 ألف طلب في الأسبوع السابق”، ما يطيح بالرقم القياسي المسجل سابقاً عند 695 ألفاً في 1982.
وتمّ وضع إجراءات صارمة لاحتواء فيروس كورونا في البلاد ما أطلق العنان لموجة من تسريح العاملين من المرجّح أنها وضعت نهاية لأطول ازدهار في التوظيف بتاريخ الولايات المتحدة.
وكان اقتصاديون، استطلعت رويترز آراءهم، توقّعوا ارتفاع الطلبات إلى مليون، لكن تقديراتهم تباينت لتصل إلى أربعة ملايين.
ويشدّد الملياردير الأمريكي، بيل غيتس، مؤسس شركة مايكروسوفت، على أنه “يجب إعطاء الأولوية للإنسان والصحة على المال في الأزمة الحالية”، مضيفاً: “إنها مأساة تنبع من أن الآثار الاقتصادية لهذا الوباء ستكون قاسية للغاية.. لم يحدث شيء من هذا القبيل لاقتصاد البلاد من قبل، ولكن المال يمكن أن يعود مرة أخرى وينمو الاقتصاد، ولكنك لا تستطيع أن تعيد الأموات للحياة مرة أخرى.. لذا يتحتم علينا أن نشعر بالصعوبات الاقتصادية من أجل أن نحافظ على الحياة”.
ويبلغ عدد سكان الولايات المتحدة 327 مليون نسمة، وقد حذّر تقرير أحيل إلى الكونغرس هذا الشهر من أنّ الفيروس قد يصيب في نهاية المطاف ما بين 70 إلى 150 مليوناً من هؤلاء.