الفلسطينيون في يوم الأرض.. إصرار على استرجاع الحقوق
رغم مضي ما يزيد على 70 عاماً على احتلالها، لا يزال شعب فلسطين، المؤمن بحقه يقف ثابتاً كالوتد، مطالباً بأرضه، متمسّكاً بتاريخه وجغرافيته، وغزة، القطاع المحاصر منذ ما يزيد عن 14 عاماً، خير شاهد ودليل، فرغم استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلي لمعظم امكانياتها البشرية والمادية، لم تستطع أن تكسر إرادة الفلسطينيين أو تجبرهم على الاستسلام.
لم يكتف الاحتلال بالحصار، بل شن على غزة اعتداءات متكرّرة، ودمّر الحجر وقتل البشر، لكن الغزيين أدهشوا العالم بقدرتهم على خلق سبل المواجهة رغم عنجهية الاحتلال وتهميش المجتمع الدولي لها، فكانت مسيرات العودة وكسر الحصار، آخر وسيلة للضغط على الاحتلال والرد على جرائمه.
توقّفت المسيرات حالياً في ظل الاجراءات الهادفة للحد من انتشار فيروس كورونا، لكن أهالي غزة يؤكّدون على أن هذه المسيرات ستستأنف، ولن تتوقّف حتى تحقيق المطالب بكسر الحصار والعودة إلى الأراضي الفلسطينية السليبة.
كما أحيا الشعب الفلسطيني يوم الأرض، وأكد المجلس الوطني الفلسطيني أن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي العدوانية لم ولن تنجح في اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه، التي عاش فيها جيلاً بعد جيل منذ آلاف السنين، وقال في بيان: إن سياسات الاحتلال في الاستيلاء على الأرض وبناء المستوطنات والتطهير العرقي بحق الفلسطينيين وهدم البيوت ومخططاته لتهويد مدينة القدس المحتلة ومقدساتها المسيحية والإسلامية وغيرها من أدوات القمع والقتل والاعتقال كلها لم ولن تنجح في ثني الشعب الفلسطيني عن التشبث بأرضه.
وأشار المجلس إلى أن يوم الأرض يأتي هذا العام والفلسطيني يتعرض لهجومين متزامنين أولهما وباء كورونا والثاني الاحتلال الذي يسابق الزمن لتنفيذ بنود ما تسمى “صفقة القرن” الأمريكية لاقتلاعه من أرضه في انتهاك واعتداء صارخين على القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وخاصة قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334 لعام 2016 واتفاقية لاهاي لعام 1907 ومعاهدة جنيف الرابعة 1949.
وشدد المجلس على أن الشعب الفلسطيني سيواصل مسيرة النضال والشهادة لاستعادة حقوقه وفي مقدمتها حق العودة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
بدورها، جبهة التحرير الفلسطينية أكدت أن الشعب الفلسطيني سيبقى متجذراً في أرضه متمسكا بهويته يواصل النضال والمقاومة حتى دحر الاحتلال الإسرائيلي واستعادة كامل حقوقه الوطنية في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
وقالت في بيان: إن الشعب الفلسطيني يحيي ذكرى يوم الأرض الخالد في الوطن وفي كل أماكن تواجده للتأكيد على التمسك بالأرض والهوية وتجديد عهد الوفاء للشهداء الذين ارتقوا دفاعا عن أرض فلسطين في وجه الاحتلال.
وأوضحت أن القضية الفلسطينية تمر اليوم بأصعب مراحلها حيث يواجه الفلسطينيون خطر تفشي وباء كورونا بالإضافة إلى التصدي إلى ممارسات سلطات الاحتلال ومستوطنيه العنصرية وتصعيد اعتداءاتهم على الفلسطينيين والاستيلاء على الأراضي وتوسيع عمليات الاستيطان وشن حملات الاعتقال اليومية بدعم مطلق من الإدارة الأمريكية في ظل صمت المجتمع الدولي وانشغال العالم في محاربة تفشي كورونا.
إلى ذلك، فقد كان إحياء الفلسطينيون لهذه الذكرى هذا العام مختلفاً، إذ فرض انتشار فيروس كورونا إغلاقاً تاماً في غالبية دول العالم، وإلغاءً لكل المناسبات والتجمعات، حيث تم إلغاء التظاهرات بمناسبة يوم الأرض، وذلك لأول مرة، حيث تم تنظيم “تظاهرة رقمية” إحياء لهذه الذكرى.
وأكدت لجنة المتابعة لشؤون الجماهير الفلسطينية في الداخل أن نشاطات يوم الأرض تتمحور حول التصدي لـ “صفقة القرن”، فيما لفت سفير لبنان السابق في واشنطن عبدالله بوحبيب إلى أن “صفقة القرن” ليست آخر المحاولات الأميركية والإسرائيلية للاستيلاء على الأرض الفلسطينية، بل ستكون هناك محاولات كثيرة.
واعتبر أن يوم الأرض جعل من القضية الفلسطينية قضية حية في أذهان الفلسطينيين والعرب، لافتاً إلى أن هناك تضامناً مع الفلسطينيين في الولايات المتحدة.
وقال الباحث الفلسطيني عبد الرحمن الحسني: إن “إعلان ترامب” عن خطته المسماة “صفقة القرن”، تأتي بصورةٍ هزلية، مقترنة بتهديد وقح للفلسطينيين بأنها الفرصة الأخيرة لهم من أجل السلام.
واعتبر أن يوم الأرض يشكل في وعي الإنسان الفلسطيني قدرته على البقاء متماسكاً ومتجذراً فيها، وإن كان بعيداً جغرافياً عنها.
وأكد المتخصص في الشأن الأميركي كامل وزني أن “صفقة القرن” تهدف إلى تغطية جرائم “إسرائيل” وإعادة رسم خريطة تسمح لهم بفتح علاقات ضمن تغطية أميركية مع بعض الدول العربية.
وقال إن يوم الأرض يؤكد أن الشعب الفلسطيني كان ولا يزال مستمراً في عملية النضال، ولن يقبل أي بديل عن أرضه، مؤكداً أن الأوطان لا توضع في المزادات الدولية، ولا يمكن التنازل عن قطعة أرض منها.
واعتبر أن يوم الأرض هو إحياء لهذا النضال الفلسطيني الذي قدم كل ما لديه لكي ينقل القضية من جيل إلى آخر، مشدداً على أن المعركة سوف تبقى قضية أساسية من تاريخ النضال الذي عاشه الشعب الفلسطيني.